مشروع صغير داعم لنساء مدينة حلب القديمة.. والهدف إحياء التراث الشعبي وكسب الرزق
تشرين- رحاب الإبراهيم:
ضمن «بيت عربي» متواضع في منطقة باب الحديد، اجتمع عدد من النسوة من أحياء مدينة حلب القديمة على هدف واحد وإن اختلفت الدوافع، يتمثل بتعلم مهنة تدر دخلاً لمساعدة عائلاتهن أو تأسيس مشروع خاص يحولهن إلى منتجات وخاصة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، فصفة أهل الانتاج ليست مرهونة بالرجال في مدينة حلب، كما قلن، فللنساء أيضاً نصيب من هذه الميزة المشهور بها سكان العاصمة الاقتصادية.
«مشروع لنفسي»
تروي عائشة حسون لـ«تشرين» بأن رغبتها بتعلم الأشغال اليدوية والتراثية هدفه تنمية موهبتها واستثمارها في تأسيس مشروع خاص بها، فهي تمتلك آلة خياطة ضمن بيتها، لكنها ترغب في توسيع مشروعها بعد اكتسابها مهارات جديدة بالتشارك مع المتدربات في مشروع «حبات اللؤلؤ» الخيري الذي يقدم دوراته مجاناً لدعم المرأة في المدينة القديمة بحلب، لكن تحقيق غايتها رهن بوجود التمويل اللازم.
وبحماسة أكبر تشاركها هذه الرغبة الشابة قمر درويش فتقول: «أتيت إلى هنا لتعلم مهارات جديدة في مجال الحرف اليدوية والمشغولات التراثية لتأسيس (مشروع لنفسي) وليس من أجل أي شخص آخر»، فالمهم برأيها هو ضرورة أن تكون المرأة قوية لذاتها حتى تستطيع مساعدة الآخرين، لكنها كزميلاتها تحتاج إلى دعم مادي لإنشاء مشروعها الخاص، ما يجعلها شخصاً مستقلاً مادياً وعنصراً فاعلاً في المجتمع.
دعم أسري
الهدف ذاته تشير إليه هدى رحمة، التي أكدت أنها سمعت من محيطها الاجتماعي بوجود مركز في المدينة القديمة بحلب يدرب الفتيات والسيدات الراغبات في تعلم الأشغال اليدوية مجاناً بغية دعم المرأة وتشجيعها على العمل وتأسيس مشروعات صغيرة، لافتة إلى تعلمها مهارات جديدة لناحية تنسيق الألوان والدقة في إنجاز المشغولات وخاصة بعد تبادل الأفكار مع المتدربات في المركز، مشيرة إلى طموحها بإنشاء ورشة خياطة صغيرة وتشغيل عدد من الفتيات فيها، متأملة الحصول على الدعم المطلوب من الجهات العامة او الخاصة لتقديم التمويل اللازم لمشروعها.
بدورها تتحدث رابعة دبوس عن تجربتها بتعلم المنتجات اليدوية عبر دمج أشغال تراثية مع أفكار عصرية ليتم تصنيع منتجات تراثية بحلة عصرية تلقى إقبالاً من محبي هذا الفن، مشيرة إلى أن هدفها الأول من تعلم هذه «الصنعة» هو نقل ما اكتسبته إلى ابنتها، التي أصبحت شريكتها في تصنيع الأشغال اليدوية، ما يساعدها على إعانة أسرتها وخاصة أن زوجها يعاني من وضع صحي، بالتالي هي لا ترغب في تأسيس مشروع كزميلاتها لأسباب خاصة بها لكن ستستمر في العمل مع مركز «حبات اللؤلؤ» عبر تصنيع منتجات يدوية ونيل مقابل مادي عند بيعها.
إحياء التراث الشعبي
«تشرين» رصدت على أرض الواقع شغف وطموح السيدات المتدربات الراغبات بتأسيس مشروعاتهن الخاصة رغم ضيق الحال والإمكانات المادية المحدودة، وهنا تؤكد المهندسة جيهان السمان مديرة مركز حبات اللؤلؤ الخيري أن الهدف الأساسي من إنشائه هو إحياء التراث الشعبي عبر إنتاج أشغال يدوية وتطويرها بدمج نقوش حديثة تناسب العصر الحالي، إضافة إلى المحافظة على الهوية الخاصة لمدينة حلب القديمة من خلال تصنيع هذه المشغولات بأيدي نساء من هذه المدينة حصراً، بغية دعمهن بالحصول على مصدر دخل إضافي مع المساهمة في تأسيس مشروعات صغيرة تساعدهن في إعانة عوائلهن ومشاركتهن في تنمية المجتمع وتطويره بحيث لا تبقى النساء عاطلات من العمل أو عبئاً على عائلاتهن أو مجرد ربات منزل وخاصة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
ولفتت السمان إلى أن مشروع «حبات اللؤلؤ» يأتي ضمن المشروعات الصغيرة الداعمة لعمل المرأة، مبيناً أن هناك متابعة مستمرة للسيدات المتدربات بعد انتهاء فترة التدريب، حيث بإمكان بعض المتدربات صنع المشغولات في منازلهن بعد تزويدهن بالمواد اللازمة لصنع المنتجات والحصول على مبالغ مالية بعد بيعها، في حين يعمل المركز على مساعدة الراغبات في تأسيس مشاريعهن الخاصة بكل السبل الممكنة.
وأكدت السمان أن صعوبات العمل تتمثل بعدم وجود نقاط بيع تسويقية لتسويق المشغولات التراثية المنتجة بأيدي نساء المدينة القديمة في حلب، حيث وعدت عدة جهات بالمساعدة في تأمينها، لكن إلى الآن لم نتلق الدعم المطلوب، يضاف إلى ذلك غلاء مستلزمات الإنتاج، وهو تحد كبير يتم العمل على التغلب عليه، متمنية الحصول على قروض ميسرة لتوسيع العمل واستقطاب عدد أكبر من نساء المدينة القديمة في حلب وخاصة مع الدعم المقدم لهذه المدينة التجارية والتراثية في هذه الأيام.
ت: صهيب عمراية