لمواجهة ارتفاع الأسعار.. إعادة تدوير الملابس القديمة لصنع الحقائب المدرسية
اللاذقية- صفاء إسماعيل
أمام غلاء المعيشة باتت الحاجات الضرورية للعائلة تتصدر قائمة الأولويات، وأضحت عملية إعادة تدوير الملابس القديمة ظاهرة شائعة بين أوساط ذوي الدخل المحدود، للاستفادة منها في خياطة حقائب مدرسية ونسائية ومستلزمات أخرى.
السيدة نورمان أحمد، بالإضافة إلى أنها تعمل مهندسة، تقوم بإعادة تدوير الأقمشة القديمة لعائلتها وللآخرين، الذين يقصدونها حاملين معهم ملابس قديمة لم يعودوا بحاجتها، لتصنع لهم ما هم بحاجة لشرائه، لكنهم لا يستطيعون بسبب ارتفاع الأسعار.
“الطلب يتركز على صنع الحقائب المدرسية والنسائية”، وتضيف أحمد لـ”تشرين”: أطلب ممن يريد التوصية على صنع الحقيبة، أن يحضر لي ملابس قديمة نوع جينز حصراً باعتباره من أكثر الأقمشة مقاومة للاستخدام اليومي، مقابل أجر رمزي يساعدها على مواجهة تكاليف الحياة، وذلك انطلاقاً من أن الوضع المعيشي بات صعباً على الجميع ويجب علينا مساعدة بعضنا، وخاصة أن هناك أشخاصاً كثيرين لا يستطيعون شراء حقائب مدرسية لأبنائهم.
وعن علاقة عملها بمهنة الخياطة، قالت أحمد: رغم إنني مهندسة مدنية، لكن منذ الصغر كانت لي هواية بالخياطة، ولذلك تعلمت هذه المهنة خلال دراستي في الجامعة، وصرت أخيط الملابس لي ولعائلتي، وأضافت: تعلّم الخياطة ترك أثراً إيجابياً كبيراً على حياتي اليوم، في ظل غلاء الأسعار، وذلك من خلال إعادة تدوير الملابس القديمة لاستخدامها في أغراض أخرى ضرورية.
وبيّنت أحمد أن زبائنها سيدات يأتين إليها بالأقمشة لصنع حقيبة نسائية أو مدرسية، من دون التدخل في التصميم الذي تستأثر به أحمد لإخراجه بأبهى حلة، مشيرة إلى أن عملها كغيره تأثر بالتقنين الكهربائي الطويل الذي يجعلها لا تستطيع العمل على آلة الخياطة سوى نصف ساعة كل خمس ساعات ونصف الساعة.
بدورها، قالت إحدى السيدات التي قصدت أحمد لتأخذ الحقيبة التي كانت أوصتها بصناعتها: عمل متقن وتصميم مبتكر غير متداول في الأسواق، ففي العام الماضي جلبت لها سراويل جينز قديمة وصنعت لي حقيبة مدرسية لابني، كانت جميلة جداً وعملية، الأمر الذي شجعني على طلب صناعة حقيبة لي، وكانت جميلة للغاية، ما دفعني لإعادة طلب حقيبة أخرى، باعتبار أني موظفة وبحاجة لتبديل الحقيبة.
من جهتها، قالت سيدة أخرى أوصت على حقيبة مدرسية لابنها: إضافة إلى الاتقان في الصنع وجمالية التصميم، فإن الأجر الرمزي الذي تتقاضاه أحمد شجع الكثيرين للذهاب إليها، مدللة بأن أسعار الحقائب كاوية لا تقل عن ٥٠ ألف ليرة، وليس باستطاعة الموظف أن يشتري لأولاده حقيبة بهذا السعر، خاصة إذا كان لديه أكثر من ولد في المدرسة، ولذلك فإن إعادة تدوير الملابس القديمة لاستخدامها في أغراض أخرى خطوة مميزة باعتبارها تواجه غلاء المعيشة وتوجد حلولاً إسعافية.
بدورها، قالت الباحثة الاجتماعية نور إسماعيل: إعادة تدوير الملابس القديمة لصناعة مستلزمات ضرورية كالحقائب أو ملابس أخرى، فكرة جيدة توفّر على العائلات الكثير من الأعباء المادية في ظل الواقع المعيشي الصعب، كما تعزز ثقافة تدوير الملابس القديمة واستغلال القطع القديمة والاستفادة منها في تصميم أزياء جديدة.
وبرأي إسماعيل؛ تدوير الملابس اليوم هو أحد الحلول التي ابتكرتها السوريات، فسروال الجينز القديم يمكن تحويله إلى حقيبة يد، أو حقيبة مدرسية، كما من الممكن أن تتم إضافة بعض التعديلات عليه ويصبح كأنه جديد.
وحسب إسماعيل: عملية إعادة تدوير الأقمشة القديمة ليست جديدة على المجتمع السوري، بل تعود إلى التراث حيث كانت السيدات في الماضي يجمعن ما يزيد على الحاجة ويتلف من الملابس والأقمشة، ثم يقمن بإعادة تدوير السراويل والقمصان والسترات و”التنانير” وتحويلها إلى ملابس لأولادهن أو أحفادهن، أو تحويلها إلى وسائد أو أغطية أثاث، أو بساط للزينة.