معارك الكلام
ربما كان على فنانين كثر التمهل قبل الخوض في معارك كلامية لا قيمة لها، عدا عن أنها تأخذ من رصيدهم من دون أن تُضيف شيئاً يستحق التوقف عنده، مجرّد صد ورد، اتهامات متبادلة، شتائم، إهانات، إحداهن تُؤكد إن أداء زميلتها فاشلٌ بامتياز، وآخر يصف زميله بالدخيل على المهنة، وبينهم من يدّعي أن المخرج الفلاني أساء له حين أظهره بطريقةٍ غير مُوفقة، كذلك قالت عدة فنانات إن أدواراً قدمتها أخريات، عُرِضت عليهن ورفضنها، بالطبع لا أحد يعرف الغاية من تصريحات كهذه، إلا إذا كانت محاولات لتوجيه الأنظار إليهن بأي شكل، وقبل هؤلاء كلهم، يأتي من يُهاجم الآراء ووجهات النظر، هذه الإساءات المتبادلة تُشبه المسرحيات التي يُعاد عرضها في الأعياد والمناسبات، لا بدّ من العودة إليها في كل لقاء وتصريح ومنشور، تأكيداً على الرغبة في خوض المعركة حتى النهاية، ورفض محاولات الصلح و”تكبير العقل” والمُسامحة.
فنانون آخرون، كان عليهم التمهل أيضاً قبل بيع خصوصياتهم للجمهور والمُتابعين، تناسوا القيمة الحقيقية لرسائل الحب والعتب والشوق، فجعلوها علنية مُستباحة، فارغة ومُصطنعة، تماماً كما فعل البعض حين نقلوا حياتهم الشخصية إلى الشاشات، وإن كان من حق الجميع قول ما يشاؤون عن أنفسهم بطبيعة الحال.
في السياق ذاته، تحولت الورطة إلى اثنتين عندما تسرّع عددٌ من الفنانين، بالرد على تعليقاتٍ غير لائقة، واجهوا قلة التهذيب والاستهزاء بالأسلوبين نفسيهما، فاتهم أن للنشر تبعاتٍ ونتائج أقلّها التعاطي مع نماذج مُتباينة أخلاقياً، لهذا السبب أيضاً، كان التمهل ضرورياً قبل نشر صور السباحة وتمرينات الظهيرة وحفلات المولود الجديد، وبموازاتها الآراء في القضايا الإشكالية والحساسة، ولاسيما إذا انطوت على هجومٍ أو افتراءٍ أو عدم فهم أو انحياز، لأن ردّات الفعل ستكون سيلاً من كل شيء.
نبالغ أحياناً في توقعاتنا تجاه الفنانين، نفترض أنهم يختلفون عنا، ربما لأننا نخلط بين ما قدموه من شخصيات أحببناها، كررنا شيئاً من مفرداتها وسلوكياتها، ثم افترضنا أنهم كذلك فعلاً، فلم نفهم كيف انجروا إلى ما لا يليق بهم، أو بالصورة التي رسمناها لهم، لذلك قلنا إن عليهم التمهل، تحديداً مَن يتجاهلون التحيات والابتسامات، أو يردون عليها بطريقة رفع عتب.