الخوض في مشكلة الخبرات والكفاءات لها أبعاد مختلفة وتحمل الكثير من إشارات الاستفهام، التي لم تعد تتناغم مع حجم الحاجة لها, والتي خسرناها قبل سنوات الحرب, وخلالها.. وما زال الأمر مستمراً , مشكلِّاً جرحاً نازفاً باستمرار.. كتبنا عنه الكثير سابقاً , وعن ضرورة المعالجة , واستثمار ما تبقى ..!
وما إنجاز وزارة التنمية الإدارية في مسابقتها الأخيرة , إلّا خطوة باتجاه ذلك, لكنها تندرج ضمن إطار التعويض, وليس الاستثمار, وما نقصده الحفاظ على ما تبقى من خبراتنا الكامنة في المؤسسات الاقتصادية والخدمية , والتي تبحث عن فرصة للهروب , تحمل اتجاهين الأول؛ الخاص , وهذا يرى فيها استثمار الذهب لأنها (متعلمة مدربة مؤهلة ) والأهم ذات مردود اقتصادي عالي المستوى , وهذا ما كان يسعى له منذ سنوات لم يتغير, بل زاد خلال سنوات الأزمة , وحالات التشجيع توسعت, لأن الأزمة الحالية وسنوات الحرب الكونية ساهمت بهروب الكفاءات لدى الجميع ..!
والأمر الثاني هروبها الى الخارج للأسباب نفسها , والتي وجدت فيها الكثير من الدول ضالتها في الخبرة والكفاءة , وخاصة التي نصبت نفسها العدو الأول لبلدنا وساهمت في تدميره عبر أدواتها التخريبية من الإر*ها*بيين وتقديم الدعم لهم لتخريب المنشآت الاقتصادية بقصد تدميرها, و” تطفيش” كوادرها, لترى فيهم الحالة الإيجابية الكبيرة التي تستفيد منها في تسريع دوران عجلة الإنتاج وخاصة في الدول الأوروبية التي ساهمت بسرقة خبراتنا عن طريق الإغراءات المادية وغيرها, ووقوع بلدنا في حالة نقص رهيبة لا يمكن تعويضها..!؟
ونحن اليوم بأمس الحاجة لبرنامج وطني يحدد أهدافه بصورة مباشرة , نحو إعادة بناء جسور الثقة بين الجهازين الإداري و الاقتصادي في القطاع العام , وعلى كل المستويات، وبين الخبرات والكفاءات التي مازالت مصرّة على المشاركة في عملية البناء , و الوقوف خلف خطوط الإنتاج لإعادة ترميم وتعمير ما تبقى من البنيان الاقتصادي والإداري , والمساهمة في زيادة الإنتاجية الكلية للبلد من أجل تأمين السوق وحاجتها من مسألتين مهمتين جداً؛ الأولى العنصر البشري وما يحمله من مكونات انتاجية , والثانية تكمن في زيادة موارد السوق من سلع ومنتجات تغنيها , وتستغني بها عن الأسواق الخارجية , وهذا لن يتم إلّا بالأيدي الوطنية , والمسابقة الأخيرة رغم ضخامة أعدادها إلّا أنها لم ولن تلبي الطموح , لأن الكثير من الجهات العامة مازالت بحاجة , و تحتاج لتعويض جرحها النازف باستمرار لعمالتها , والمطلوب وقف النزيف أولاً , ومن ثم المعالجة والمداواة لما تبقى , ترى هل ممن يسمع ويجيب رأفة بمعيشتنا ..!؟
سامي عيسى
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
164 المشاركات