الاحتلال التركي ومرتزقته الى مزبلة التاريخ

ميشيل كلاغاصي:

يستغل النظام التركي الحرب في أوكرانيا للدفع بأهدافه الخاصة في سورية، وسط إدراكه بأن بلاده لن تكون الضحية الوحيدة لازدواجية المعايير الأمريكية، التي تدعم الميليشيات الانفصالية في سورية، وتتخلى عنهم عندما يتعرضون لقصف المدافع التركية، والتهديد بعملية عسكرية كبيرة.
نتيجة احتدام الصراع الدولي، تمرّ العلاقات التركية- الإقليمية- الدولية، بمرحلة صعبة ودقيقة، خصوصاً جراء الحرب الأمريكية الأطلسية الغربية التركية بالوكالة على الدولة الروسية، وسط صعوبة التنبؤ بما قد تسفر عنه النتائج النهائية للصراع، في وقت تخشى فيه موسكو وأنقرة كأغلبية دول العالم، من فواتير الحسابات الخاطئة، الأمر الذي يكسب تحركات وتصرفات الجميع بالحدة والحذر الممزوج بالرغبة بتفادي الهزيمة، في مناخٍ دولي ساخن، تجره الولايات المتحدة الأمريكية نحو الصدام العسكري، على مساحة العالم وعبر كافة قاراته، لأجل الحفاظ على هيمنتها وقيادتها الأحادية للعالم، لكنها تخطئ قراءة البيانات، فالعالم تغير، وتعددت أقطابه، ويبقى لواشنطن أن تعترف وتقبل بهزيمتها.
ومن خلال تشعب وتعقد ملفات الحرب على سورية، ما بين واشنطن وموسكو وأنقرة، وسط الصراع الدولي الملتهب، بات السعي لتسجيل النقاط وتجميعها لا يخضع لحدود ساحات الاشتباك فقط، وعليه تستمر العلاقات الروسية– التركية بصخبها وتأرجحها على حبال التوتر والاحتكاك الخشن والمنافسة، ويواصل الرئيس التركي التصرف بحدة وتحدي روسيا والمصالح الروسية في سورية وفي غير مكان.
مما لا شك فيه أن الانتصارات التي حققتها الدولة السورية وحلفاؤها, تجبر أردوغان على التخلي عن مخططاته في سورية, في الوقت الذي أظهرت فيه موسكو وطهران، ثباتاً في أولوية دعم الدولة السورية بمحاربة الإر*ه*اب والحفاظ على وحدة أراضيها، وبإنهاء الحرب وإعادة إعمارها، واستعادة استقرارها وأمنها ودورها في المنطقة.
لكن المواجهات الروسية– التركية الأهم تبدو اليوم في سورية، مع إصرار دمشق على تحرير كامل أراضيها وطرد قوات الاحتلال التركي وتنظيماته الإر*ها*بية من إدلب وكافة مناطق الشمال السوري، بالإضافة إلى إصرار موسكو على تنفيذ بنود الاتفاقات الموقعة مع الجانب التركي والتي لم يلتزم بها منذ العام 2018.. ولن يكون مسموحاً له روسياً وإيرانياً وبالتأكيد سورياً، أن ينفذ وعيده بالعدوان العسكري الذي يعد له وحشد له قواته العسكرية وإره*اب*ييه تحت عنوان “محاربة الإر*ه*اب”.
يبدو أن الرئيس التركي يحاول الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي، لكنه في جميع الأحوال ماضٍ في تحدي دور بلاده “الضامن” إلى جانب إيران وروسيا، وبنسف اتفاقات أستانا وسوتشي، واستمراره بالتمسك بمناطق احتلاله ورعاية إر*ها*بييه على الأراضي السورية، وباستمرار زعزعة الاستقرار فيها، عبر مشروع إعادة توطين مليون لاجئ سوري في مناطق سيطرة الإر*ها*بيين شمال غرب سورية، وبإقامة المنطقة المزعومة “الآمنة” داخل الأراضي السورية.
من المؤكد أن الرئيس التركي يراهن على الدعم الأمريكي والأطلسي والاعتماد على المرتزقة والإره*اب*يين، في الوقت الذي تملك فيه دمشق من الإصرار والعزيمة والقوة والمقدرة ما يكفي لإلحاق هزيمةٍ تاريخية بقوات الاحتلال التركي ومرتزقته على الأراضي السورية، وبأن محافظة إدلب ستعود عاجلاً أم آجلاً إلى كنف الدولة، كذلك موسكو التي ضاقت ذرعاً بأكاذيب أردوغان ومرواغته في سورية، وسط استعداد الجيش العربي السوري وبدعم ومشاركة القوات الجوية الروسية للدخول إلى إدلب.
لا يمكن لأردوغان تحمّل المواجهة العسكرية المباشرة مع دمشق وموسكو، ولا تعدو تعزيزاته العسكرية سوى مناورات للتهويل ولرفع فرص ابتزاز موسكو والحصول على فرص ومكاسب إضافية، إذ لا يمكن لأردوغان تجاهل الهزائم التركية التاريخية أمام القوات الروسية، في حين لا تزال دمشق ترفض الحوار مع دولة الاحتلال التركي رغم كل ما يسوقه الإعلام المضلل، وتصر على خروجه من الأراضي السورية، في الوقت الذي تبدو مراهناته على الحلف الأطلسي مثيرة للشفقة، وسط اللحظات الصعبة التي يعيشها التحالف واحتمالية تحول شروخه الداخلية إلى صدمات حقيقية تطيح به.
لطالما راهن الرئيس التركي, على أوهامه وأحلامه العثمانية البائدة، وبسرقة ثروات الدولة السورية وبقضم المزيد من أراضيها، لكن ظنه سيخيب تماماً، فالجيش العربي السوري قادر على سحق هذا السلجوقي وإنكشارييه الإره*اب*يين، وإحالته إلى مزبلة التاريخ.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار