موضة الصالونات والاستقبالات، والتفاخر بأحدث سيارة وعقار والخاتم الماس وحتى مانطو الشاموا والحذاء…صنعةٌ اجتماعية ليست مقتصرةً على السيدات، اللاتي اعتدن أيضاً المواظبة على الوجود في “كافيه” محدّد مادام هو الذائع صيته هذه الأيام، وصالون الحلاقة (س) الذي لابدّ من أن تتم فيه مراجعة دورية ليضيف “للمدام” جرعات أبهة تحاكي فيه يوميات أمّ عدنان وأمّ ليلى وافتخار.
صنعة تجرّعها الرجال بالعدوى، والمضحك أنّ من يزاولها أسماء مهمة في الاقتصاد والسياسة وأصحاب المقام، فالحلاق المهم رغم بعده عن منزل أو مكتب المهتمين بالاستضافة الملوكية لكن حضورهم مهمٌّ بين سجل الأسماء في موبايل الحلاق، الحلاق الذي ذاع صيته بين السادة أصحاب المقام وباتت ردهة صالونه تحتفي بذلك الشخص المنهك من أعباء عمله والمسترخي على كرسي يزيده غروراً ريثما يعود لكرسي مكتبه الغرّاء.
كرسي الحلاق الذي فيه يتمّ البوح والاسترسال بأحاديث أغنى ما فيها زلات اللسان، لأذن حلاق يصغي، ويمتهن الأسئلة الذكية، وهو (المعتاد) على محاكاة النخبة مع رغوة صابون وشفرات حلاقة وهرطقات موبايل لمهاتفات مهمة لحظة انتظار المنشفة ومشط الحلاق الذي صار بين ليلة وشهرة (السياسة خريطة مشطه) وصاحب “مراق”، ويفهم بتكتيك الخطوات، ويسأل فيما الاقتراحات المهمة باتت قيد المداولة، بينما يكون السؤال الثاني:” ناويين طروها”؟؟ بلعبة ذكاء من حلاق يخلط مابين السياسة وذقن ذاك المسترخي، وكأنه على كرسي اعترافٍ يتمتم حوله الحلاق “لازمها قش” على خلفية حديث صاحب المقام عن مديرين ومعنيين في مؤسسات البلاد.
حلاق “أصحاب المقام” بات في علم الاجتماع صاحب كارٍ، ومشطه ومقصه أصبحا وسيلتين للاستدراج ليملأ ما في جعبته من فضول بمعلومات يمكن أن يهمس بها في أذن الزوار، وليزيد رصيده أمام الزبون التالي صاحب الجاه.
حلاق “صاحب المقام” الذي امتهن في صالونه السياسة، وتعاطي الأخبار، ومسح جوخ زبونه، ومسَّج الرقبة والأكتاف، لابدَّ سيستطيع تحصيل مكاسب شخصية مادام صاحب المقام في حالة استرخاء (والله يجيرنا) من حلاق داهية، يُحسن اقتناص الفرص وتلقين الزبون اقتراحات خطة إدارية أو استثمارية على وقع صوت المقص وأغنية أمّ كلثوم:
(قولي ولا تخبيش يازين) أو (العزول فايق ورايق)
وصال سلوم
71 المشاركات