أمراض مواقع التواصل!
اسماعيل عبد الحي
وُجدت مواقع التواصل الإلكترونية كي تستطيع دول محددة الوصول إلى حقيقة الأشياء ومن بعدها رسم إستراتيجيات بعيدة المدى من خلال تقاطع المعلومات لدى كثيرين، ومراقبة حركة الحياة في أي منطقة في العالم ليس إلّا، ولذلك كان الاهتمام منصبّاً على ما يكتبه إعلاميون ومفكرون من مدوّنات على صفحاتهم الشخصية وليس ما ينشرون رسمياً، وصولاً إلى رسائل عبر بريدهم الإلكتروني، ويحدث أن تختفي فجأة أرقام وكلمات (سرّ) تشاع لدى أشخاص آخرين يريدون عمداً الاطلاع والمتابعة بشكل دائم على حقيقة ما يدور في العقول أو تحفيزها على إخراج أسوأ ما فيها، قبل أن تتجسد الأفكار عملاً ما، لتبدأ لعبة الانقضاض على القيم والموروثات وتأتي الحلول وإن تأخرت في وضع إستراتيجيات يتم بناؤها وفقاً لسبر الآراء المتدفقة بحرية عبر المواقع الإلكترونية، لكونها غير مقوننة ويكون أخطرها المواقع التي تمهر بأسماء وهمية، أو بأسماء مشاهير وبصورهم، بهدف التغطية على شذوذ فكري يريد صاحبه الإيقاع بعدد من متصفحي المدونات التي تعالج خواطر وأفكاراً سائدة، وتخيلات وشائعات يحاول مروجوها تسويقها لغايات في أنفسهم، أو لأهداف المرتبطين بهم.
وهو ما حدث فعلاً في مواقع التواصل الاجتماعي على مساحة الوطن العربي وخارجه وما رأيناه من فوضى فكرية وجدت متسعاً لدى فئة الشباب واليافعين الذين يتأثرون بالشائعات أكثر من غيرهم (لقلة خبرتهم في محاكاة الأفكار) يحاول ترويجها متلاعبون بالعقول ومهيمنون على مقدرات الشعوب.
ولا تزال الدول النامية مقصداً استهلاكياً لبضائع وقتية تفقد قيمتها بسرعة بفعل عاملي التطور التكنولوجي والزمن الذي يصب في مصلحة مَنْ يمتلك العلوم المتطورة، وعليه، فإن بناء قاعدة معلومات توفرها لهم أرقام هواتف و(إيميلات) الأشخاص ممن لديهم شهاداتهم وأعمالهم فقط، ويمكن ملاحظة التطورات التي تطرأ على آلية تفكيرهم واهتماماتهم الاجتماعية ومن بعدها يأتي التدخل المباشر في رسم سياسات الدول، وعلاقاتها مع الجوار .
لا يزال “شعار تمكين الشباب” خطوة في الاتجاه الصحيح لو تم تعميمه، فتعليم الشباب ودعوتهم للمشاركة المجتمعية الفاعلة إحدى الخطوات المهمة للخروج ببلدنا معافى من أزمته وآثارها السلبية واضحة للعيان، ويمكن للاستخدام الإيجابي لمواقع التواصل الاجتماعي تقريب وجهات النظر المتنافرة، حين تتوافر الرغبة لدى متصفحي المواقع، ومَنْ يعلّقون على الأفكار والمدونات.