مهارة التسويف

بات التسويف سمةً دارجة في ظروفنا الراهنة تجاه التجاوب مع تنفيذ العديد من المطالب الخدمية والعمالية أو حتى إنجاز معاملات المواطنين وغيرها، والمتتبع للظاهرة يلمس مهارة وإتقاناً في تمويه التسويف لدرجة يكاد لا يشعر بالمماطلة والتأجيل المتمثلين فيه.

معروف للجميع أن الواقع الخدمي بعد سنوات الحرب العجاف تراجع بشكل حادّ، فيما لم يعد ينفذ من المشاريع الجديدة لجهة الصرف الصحي والطرقات أو الأرصفة والأطاريف وغيرها إلّا النزر اليسير، وما يتم في الأغلب لا يتعدى الترقيع من باب رفع العتب.
وعندما تعلو المطالب بالخدمات تقدم البلديات مسوغاتها المتمثلة بعدم توافر الإمكانات مع تدني الجباية، وهو أمر واقع لا شك، لكنه ناتج أيضاً عن ضعف تجاوب الجهات الوصائية بتقديم المساعدات المالية المناسبة لتلبية المطلوب، ولا يعسر تلك البلديات في هذا المنحى تفعيل ميزة التسويف والتأجيل وإطلاق الوعود الخلبية تلو الوعود بأن التجاوب قادم، لكن متى؟.. الله أعلم!

أيضاً يتكرر طرح الكثير من المطالب العمالية في مختلف الفعاليات والمناسبات وفي مقدمتها تحسين الرواتب والأجور ومتمماتها بما يتماشى مع المتطلبات المعيشية وكذلك تثبيت المؤقتين وتأمين نقل العاملين وغير ذلك، لكن وعلى مشجب ضعف الإمكانات بقيت معالجة تلك المطالب المحقة معلقةً، وبقي التسويف بالتأجيل والتخدير حاضراً بقوة من باب أن علينا المزيد من التحمل والصبر وانتظار تحقيق نتائج المطالبات القائمة بهذا الاتجاه ، لكن متى؟.. الله أعلم.
والشكل الآخر للتسويف.. يواجه به المواطن لدى مراجعته إحدى المديريات بقصد إنجاز معاملة ما، حيث يبدأ بعض الموظفين بالمماطلة وتعقيد المراحل وإظهار احتياجها إلى وقت طويل، وقد يسوغون ذلك بضعف إمكانات وأدوات العمل ، لكن الواقع أن الدافع الأساس هو الحصول على “الإكرامية” كما بات يحلو للبعض تسميتها، وأيضاً تجد بعض المديرين مع طول الممارسة يجيدون وبمهارة فائقة فن تخدير العاملين لديهم أو المواطنين المراجعين لهم، وإيهامهم بالتجاوب القريب مع مطالبهم وما عليهم إلا التحلي بالصبر.. لكن إلى متى؟.. الله أعلم!.

الأمثلة عن حالات التسويف في ظروفنا الراهنة حدث ولا حرج، لكن بالمجمل نقول: إن من حق المواطن الذي صمد وصبر وعانى الأمرين فيما مضى من سنوات عجاف أن يحظى بصدق التعامل وتحقيق الوعود بتنفيذ مطالبه المحقة، علماً أن هذا لا يحسن من واقع معيشته وخدماته فقط بل ويعزز من الثقة بينه وبين الجهات العامة والقائمين عليها.. فهل نلمس توجهاً للتخلص من حالات التسويف هذه أم ستبقى سائدة تعنون كل شؤون حياتنا؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار