في حربه ضد العالم أراد هتلر تقسيم الاتحاد السوفييتي إلى 200 دولة واليوم اقتنع الرئيس بوتين أن الغرب على نهج هتلر يريد تقسيم الاتحاد الروسي إلى دول متفرقة، و لتحقيق ذلك يستخدم أوكرانيا رأس حربة متقدمة لتهديد وحدة وأمن روسيا، و يريد الغرب من أوكرانيا أن تكون قوة تسهم في تقسيم الشعب الروسي ، و هكذا عدّت القيادة الروسية أن ” الروح النازية” المعادية لروسيا تتجلى باستهداف وحدتهم دولة و شعباً، و محاولة تقسيمهم إلى دول متعددة ضعيفة، و مجموعات شعبية متفرقة كما وجدت روسيا أن تجنيد ميليشيات نازية ضدها كـ ( كتيبة أزروف) و غيرها تتدرب على محاربة روسيا بغرائز قومية شوفينية نازية .. و الغرب الذي نجا من هتلر بفضل تضحيات الشعب الروسي في الحرب العالمية الثانية احتفظ بجوهر سياسته تجاه روسيا و المتمثلة بمحاولة حصار دولته و تقسيم دولته و شعبه لإسقاطه و هزيمته و هذا هو ما تعلن موسكو أنها تعمل على تفاديه و استباق مفاعيله .
ترتكز موسكو في إطلاقها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إلى ضرورات الأمن القومي الروسي و أولها ضرورة ضمان وحدة الشعب الروسي لأن في تقسيمه مدخلاً لتقسيم دولته ، وفي وحدته ضماناً لوحدة و قوة دولته ، و بالفعل هذه الوحدة للشعب ضرورة أساسية لأي دولة تريد أن تبقى حية و مصونة و موحدة، و ارتكزت العملية العسكرية الروسية الخاصة الروسية كما أوضحت المصادر الروسية القيادية إلى معلومات استخبارية تفيد بأن الغرب بقيادة أميركا و عبر الناتو وضع في مطار أنطونوف قرب كييف رادارات متقدمة تكشف كل أرجاء روسيا وهذا تهديد أطلسي لروسيا، كما أن المعلومات التي ارتكزت إليها روسيا أن الأطلسي لم يزود كييف بالأسلحة المتقدمة فقط بل وضع في يديها أسلحة نووية خزنت قرب مطار أنطونوف أيضاً، و ربما لخطورة هذه الأسلحة و الرادارات و المعدات الأطلسية و وجود مستشارين غربيين قال بوتين: إنه « لو لم تبادر روسيا إلى عمليتها العسكرية الهادفة لنزع سلاح أوكرانيا و إزالة النازيين من حكومتها لما كنا واثقين من شكل و مصير دولتنا »..
روسيا منذ أكثر من عشر سنوات تنبه الغرب و تحذره من توسع حلف شمال الأطلسي تجاهها و ألحت عليه للالتزام بمعاهدة الصواريخ القصيرة و متوسطة المدى و باتفاقية السماوات المفتوحة لكن ترامب مزقها و في الأشهر الثلاثة الماضية ألحت موسكو على الغرب بضرورة التفاوض للحصول على ضمانات مكتوبة لعدم توسع الناتو و عدم تهديد الأمن القومي الروسي و حسب المعلومات الروسية فإن الغرب بدلاً من العمل مع موسكو دبلوماسياً كان يحضّر لهزيمة روسيا فجاءت العملية العسكرية لحماية المدنيين في لوغانسك و دانيتسك، ولإفشال المخططات الأطلسية فإن بوتين أوهم الغرب أنه يلاعبهم الشطرنج السياسي فتربصوا له وفق هذه اللعبة الاستراتيجية لكنه فاجأهم باعتماد الجودو ليضربهم في مواقع ثغراتهم، و أهم هذه الثغرات تأكيد الرئيس بايدن عدم تقدمه للدفاع عن أوكرانيا عسكرياً و الاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية التي تعودت روسيا عليها و استعدت لها، و الخوف أن تؤثر الإجراءات الاقتصادية الأميركية و الأوروبية على أوروبا و شعوبها و على بقية العالم.. بالفعل العالم أمام ولادة «حقبة جديدة» بكل ما يرافق الولادة من آلام و متاعب و مخاطر .