علي الراعي مستمرٌ في رحاب الأدب الوجيز..

“تعالي
ننشرُ الصباحَ
على حبلِ الغسيل..
علّ
الطفل الذي فقد عائلته في حيينا؛
يستطيعُ نفخَ بالون العيد..
علنا
نجعلُ من الجدوى معادلة حياة..
علنا
نصلُ القمة الصهباء
كما كانت الرغبةُ
في أقصى تأويلها..
كما كانت الرغبة
قبل أن تُستثنى بإلّا.” نص لـ (علي الرّاعي)
أنجز الملتقى السوري للنصوص القصيرة فعاليته ال(22) بمجمع دمر الثقافي برعاية، بين أولى الفعاليات للملتقى، وبين الفعاليات الأخيرة؛ يكون قد مرّت عشر سنوات، حيث أقيمت أولى الفعاليات سنة 2011.. بدأت الفعاليات مُهتمة بجنسٍ واحد من النصوص القصيرة، وهو (القصة القصيرة جداً)، وفيما بعد أصبحت تهتم إضافة لذلك بنصوص الهايكو، ومنذ خمس سنوات أمسى من شواغلها مختلف أنواع (الأدب الوجيز)، مثل: القصائد القصيرة، الومضات، الشذرات، التوقيعة، المحكي الوجيز، وغيرها من قُصارى القول..
ويذكر الزميل علي الرّاعي مؤسس هذا الملتقى ومديره: إنه في هكذا فعاليات نحتفي كذلك بغير نوعٍ إبداعي، حيث نقدم هذه الأنواع الإبداعية مرافقة للنصوص القصيرة، بما يُحاكي الفن المفاهيمي أو التركيب، أو كما يُطلق عليه (فن التجهيز)، ذلك أننا نقوم برؤية بصرية للنصوص، إذ إضافة لإلقاء الكاتب لنصه، يقوم الحضور بقراءة النص كذلك على شاشة إسقاط، وعلى إيقاع موسيقا حية، كما نرفق النصوص بصور لأعمال تشكيلية من المشهد التشكيلي السوري، وذلك من نحت، وحفر، ولوحات زيتية وغيرها، ومن مختلف الاتجاهات والأجيال الفنية في سورية.. وبهذه الشاكلة من الفعاليات قدمنا آلاف النصوص من مختلف أنواع الأدب الوجيز، وفي مختلف المدن السورية، واليوم بلغ عدد الأصدقاء في الملتقى ما يفوق السبعة آلاف صديق بين كاتب ومُتابع للأدب الوجيز..
“مستقبلٌ
لم يَكَد يجلسُ جيّداً فوقَ ذاكَ المقعدِ الخشبِيِّ في الحديقةِ؛ حتّى جاءَت إليهِ مسرعةً تلكَ البصّارةُ العجوزُ، وبعدَ أن حاولتْ إقناعَهُ
بأنّها أمهَرُ قارئةِ كفٍّ في العالم؛ قالتْ لهُ: اعطِني يدَكَ لأكشِفَ لكَ مستقبلَكَ.. رفعَ كُمَّ قميصِهِ إلى مابعدَ المِرفَقِ؛ ثمَّ فكَّ… ذراعَهُ الصناعيّةَ، وأعطاهَا إيّاهَا.” نص ل(عبد الوهاب محمد)
ومن الذين رافقوا الملتقى منذ التأسيس الكاتب عبد الوهاب محمد، الذي يقول: الداعم الأساسي لأي حركة ثقافية أو أدبية هو استمرارية نشاطها على أرض الواقع وتفاعلها المباشر مع الجمهور، ومن هنا يبرز دور الملتقيات الأدبية.. والملتقى السوري للنصوص القصيرة وبعد (22) فعالية أوجد حالة ثقافية وأدبية كان لها الفضل في إثراء الساحة الأدبية بالتعريف بأجناس أدبية برزت في السنوات الأخيرة.. كالقصة القصيرة جداً، والومضة الشعرية، والهايكو.. وغيرها، ونستطيع القول إن هذا الملتقى فتح نافذة في إبراز كتابات مهمة وكتاب جيدين من مختلف البلدان العربية، وبنى جسراً معرفياً بين الكاتب وعموم الجمهور والنقاد والمهتمين من خلال الجلسات الحوارية التي تقام على هامش كل فعالية، ورغم الظروف الحالية القاسية مازال هذا الملتقى ينجز مهامه ويقدم رسالته الأدبية بأقل الإمكانيات ويُشكر كل القائمين على تنظيمه لجهودهم الجبارة التي يقدمونها..
“أفرغ جيبك مني، وأطلق سراحي؛
فأنا لم أعد أجيد فن التخفي وراء خيالات الظل..
ظلي الطويل ما عاد يسبقني،
وإذا تجرّأ أمسكُ به، أعنفه، أتجنّى عليه؛
فيستسلم صاغراً أعيدُ لملمته، تكويره.. تقليم أظافره .
وتمرير أصابعي فوق شفاهه، على كتفه الدبق، وخلف أذنيه،
أوشوشه،
وأستسلم بين ذراعيه في لحظات التجلّي.” نص ل(راوية زاهر)

أما الكاتبة راوية زاهر التي قامت بعشرات القراءات النقدية لما يُنشر من نصوص على صفحة الملتقى في الفيسبوك فتقول: بعد (22) فعالية، جمعت أقلاماً مبدعة امتهنت الوجيز لغة، وشخصيات وجدت نفسها بين ظاهري هذا الفن الراقي؛ شق الملتقى طريقة بثقة في المناطق والمحافظات السورية بإدارة كاتب شاعر وصحفي اتخذ من أنواع الوجيز كلها شاغلاً أدبياً وفكرياً له.. حطّ الملتقى رحاله مراراً في الكثير من المراكز الثقافية ومنتدياتها الفكرية وكان آخرها ملتقى (الشيخ بدر) قبل أقل من شهر ضمّ باقة يانعة من الأدباء والكتاب، تميزوا بحضورهم ونصوصهم الباذخة من شعر وأدب.. لقد خطّ الملتقى بأعضائه ومؤسسيه بجمال آسر طريقه في العالم الإبداعي والثقافي، فحجز لنفسه مكانة مرموقة بين الفنون، وقد ضمّ فقرات تقوم على الوجيز بأنواعه، ومن مختارات مميزة ضمن فقرة ديوان الشعر السوري، والعربي فكان لحضور شعراء وكتاب كبار مكانتهم الخاصة على حائط الملتقى أضف لفقرات نقدية أغنت النصوص، كما تميز الملتقى بوجوده المحاذي كتفاً لكتف بين الافتراضي والواقع، ما مكّنه من فرض رؤاه وتثبيت جذوره في عالم الوجيز العربي..

تصوير صالح علوان

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار