خلال أقل من أسبوع تمكنت لجان المصالحة في دير الزور من تسوية أوضاع المئات من المطلوبين المدنيين والعسكريين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، وعاد هؤلاء إلى بلداتهم وقراهم لكي يمضوا في حياتهم الطبيعية الآمنة.
الخطوة التي تتواصل اليوم في الميادين وتشهد إقبالاً لافتاً، لاشك أنها على درجة كبيرة من الأهمية لجهة إرساء مصالحات حقيقية لتشكل نموذجاً يحتذى به في مسار طالما أكدت الدولة السورية تمسكها به، والهدف منه الحفاظ على وحدة المجتمع السوري وقطع الطريق على كل أعداء سورية وفي مقدمتهم الاحتلال ومرتزقته في الشمال الشرقي من سورية من جهة، ومن جهة ثانية التمهيد لإطلاق عجلة الحياة في مناطق التسوية هذه.
عملية التسوية متواصلة ويتوسع نطاقها، شهدنا فصولاً حديثة مهمة لها في درعا، واليوم تتواصل في دير الزور في المناطق التي أعاد إليها الجيش العربي السوري نبض الحياة، وثمة ما يبشر بالخير أكثر في إطار استمرار هذه العملية وتسوية أوضاع العشرات من الشباب المتخلفين عن خدمة العلم الإلزامية والاحتياطية.
في منطقة الميادين، حيث حط قطار عمليات التسوية رحاله اليوم، يتوافد العشرات من أبناء دير الزور منذ ساعات الصباح الأولى لتسوية أوضاعهم، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على صحة وصوابية هذا الخيار الذي لا بديل عنه، لاسيما أن الدولة السورية قد وفرت كل مستلزمات إتمام هذه العملية، وذللت جميع العراقيل وبددت هواجس البعض، حيث تؤكد شهادات من تمت تسوية وضعه أن العملية تتم بيسر وسهولة، ما يعني انخراط المئات في الحياة الطبيعية في مناطقهم.
اتخاذ قرار التسوية يعني مضاعفة الجهود وتشكيل مجموعات عمل في جميع المناطق، وتشجيع المبادرات المجتمعية الناجحة التي تسهم بعودة المهجرين إلى منازلهم وتخفيف الأعباء عنهم.
فالوطن يتسع لكل أبنائه، وهو بحاجة إلى جهود الجميع في بناء ما دمره الإرهاب وإطلاق عجلة الحياة الطبيعية.
باختصار عندما تصل الدولة، يصبح الجميع بأمان، فالدولة بمؤسساتها هي الضامن، والدولة لا تعمل إلا بعقلية أبوية، يهمها عودة مواطنيها وهي جاهزة لتقديم ما يلزم لأبنائها، رغم ما تواجهه من ضغوط جراء الحصار والعقوبات ومواصلتها الحرب على الإرهاب، لكنها وضعت نصب عينها المضي في عمليات التسوية.