البدائل الإيجابية للعقاب اللفظي والبدني

إن العمل بمبدأ العقوبة جزء لا يتجزأ عن العملية التربوية فتعويد التلميذ على احترام القوانين في المدرسة وضبط النفس وعدم تجاوز حدود حريته الشخصية و حفظ حقوق الآخرين من شأنه أن يسهم في بناء رجل المستقبل الواعي والمواطن الصالح, ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون الحل الأمثل في تربية التلميذ تربية سليمة هو العقاب البدني, لأنه حالة مؤقتة يزول تأثيرها بزوال الألم و سرعان ما يعود التلميذ لنفس السلوك المعاقب عليه، فالهدف الأساسي من العقاب هو تصويب سلوكه, والسمو به إلى أرقى درجات التربية الحميدة.
مازن موظف وأب لولدين في مرحلة التعليم الثانوي يرى من وجهة نظره أن التربية من دون عقاب بدني لا يمكن أن تؤتي ثمارها، وأن العقاب اللفظي والمقارنات مع الآخرين أفضل وسيلة لتحفيز الأبناء ودفعهم نحو التميز.
لكن على العكس تختلف الرؤية لدى عواطف ( معلمة ) فهي ترى أن الدراسات تؤكد أن محاولة تهذيب سلوك التلاميذ من خلال ضربهم يمكن أن يؤثر سلباً في حالتهم السلوكية، ويجعلهم أشخاصاً عدوانيين في مراحل متقدمة من سنوات الدراسة، فالتلاميذ الذين يعاقَبون بشدة يكونون أكثر عدوانية لدى بلوغهم سن 10 إلى 11 عاماً، كما أنهم يكونون أيضاً أقل إظهاراً للسلوكيات الإيجابية مثل مساعدة الآخرين.
المرشد النفسي وليد عرابي بيّن أنه يجب عدم الخلط بين التربية والعقاب والضرب، فهي معانٍ مختلفة، وإذا كان البعض يؤيد اللجوء إلى بعض أنواع العقاب غير البدني، إلا أن العقاب النفسي أقوى من العقاب البدني، فالعزلة تثير مراكز الألم نفسها الموجودة في الدماغ التي يثيرها الضرب، ما يصيب التلميذ بأمراض مثل التلعثم، والاكتئاب و الخجل ويُفقده ثقته بنفسه .
فالبدائل العقابية هي الطرق المقبولة لتعديل سلوك التلاميذ من دون إيذاء جسدي أو نفسي، وبيّن المرشد النفسي أن أهم البدائل العقابية هو إحداث تغيير وتحويل في سلوك الطالب وجعله سلوكاً مقبولاً، ويجب لإنجاح هذا الأسلوب الالتزام بالهدوء والتريث أمام أي سلوك غير مرغوب، ويساعد العقاب الإيجابي في تكوين شخصية التلاميذ وتعليمهم الالتزام بالقوانين المجتمعية من خلال تفاعلهم معها، كأن يتم عقاب التلميذ من خلال حرمانه من تنفيذ نشاطات محببة، أو تنقيص درجاته ويجب أن تتناسب مدة الحرمان مع حجم الخطأ، ما يساعده على الالتزام بالقوانين المدرسية.
وفي حال لجأ المرشد النفسي للعقاب الإيجابي فعليه أن يعي أنه «علم له قواعد»، أهمها ألا يكون بدافع التشفي والشماتة، وأن يتناسب مع حجم المشكلة، ولا ينتج عنه إيذاء نفسي أو بدني، لأن العقاب بعد مرور الوقت يتحول إلى موقف شخصي.
كما يجب إعطاء التلميذ الفرصة لممارسة حياته بحرية وأن نمنحه مساحة للخطأ بحيث يكون لدينا القدرة على تقدير ما يقوم به فهناك أخطاء تتطلب التدخل الهادئ، وأخرى تتطلب التدخل اللحظي بحزم من دون عنف، وأخطاء مقبولة وطبيعية.
وإذا أردنا تقويم أي سلوك لدى التلميذ يجب ألّا نتجه أولاً للتفكير في العقاب والتأديب، لأن المكافآت والتحفيز يحققان ما لا يمكن أن يأتي به الكثير من العقاب، ومن البدائل كذلك تقديم القدوة الحسنة في المقام الأول، ثم المناقشة والحوار، وتكليف الطالب بمهام مفيدة، وذلك حتى نصل لنتيجة مرضية لا بد أن يكون هدف المرشد النفسي تغيير السلوك والإقناع بأن ما يقوم به خطأ، فالعقاب ليس مطلوباً لذاته ولا يجب أن يكون كذلك.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار