أثارت العواقب الإنسانية المدمرة للحرب على اليمن تساؤلات حول دور بريطانيا في تلك الحرب، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث، هذا ما أوضحته صحيفة «الغارديان» البريطانية في مقال تحليلي جاء فيه:
تعد السعودية أكبر مشتر للأسلحة البريطانية، حيث ذهبت أكثر من 40 في المئة من صادرات الأسلحة البريطانية إلى السعودية بين عامي 2010- 2019 وقامت بريطانيا ببيع السعودية أسلحة بقيمة 11 مليار جنيه إسترليني (15.5 مليار دولار) وهي أكبر زيادة في تصدير الأسلحة منذ بداية الحرب على اليمن بقيادة السعودية عام 2015.
وبموجب سياسة تصدير الأسلحة في بريطانيا، لا ينبغي منح تراخيص لبيع المعدات العسكرية إذا كان هناك «خطر واضح» بأن الأسلحة قد تستخدم في «انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي» ورغم ذلك، استمرت مبيعات الأسلحة البريطانية إلى السعودية.
في عام 2019 اضطرت بريطانيا إلى مراجعة سياستها في بيع الأسلحة إلى السعودية بعد أن حكمت محكمة الاستئناف بأن آلية اتخاذ القرار بشأن بيع الأسلحة غير قانونية.
وقضت المحكمة بأن الحكومة البريطانية قد خالفت القانون بسماحها بتصدير أسلحة إلى السعودية، وذلك بعد أن قال نشطاء إن استخدام الأسلحة ينطوي على انتهاك لقانون حقوق الإنسان.
اللافت أن قرار المحكمة لم يعن أن على بريطانيا وقف صادرات الأسلحة فورا، لكنه كان يعني تعليق منح التراخيص الجديدة لتصدير السلاح للسعودية.
وفي هذا السياق قال القاضي تيرينس إيثرتون، ثاني أكبر قاض في بريطانيا حينئذ لدى النطق بالحكم: خلصت محكمة الاستئناف إلى أن عملية اتخاذ القرار التي قامت بها الحكومة كانت مُعيبة من الناحية القانونية في جانب مهم، حيث لم تجر تقييمات كاملة بشأن ما إذا كان التحالف الذي تقوده السعودية ارتكب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في السابق خلال باليمن.
وفي الوقت الذي تصر فيه الحكومة البريطانية على أن لديها أكثر الضوابط صرامة في العالم على تصدير الأسلحة، وترفض الدعوات لوقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية وتغرد خارج سرب الولايات المتحدة التي علقت مبيعاتها من الأسلحة للسعودية.. صرح وزير الخارجية البريطانية، جيمس كليفرلي، مؤخراً «بأن تراخيص مبيعات الأسلحة البريطانية أصدرت بعناية كبيرة لضمان عدم تسببها في أي خرق للقانون الإنساني». وأضاف: «إن القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة بشأن مسائل بيع الأسلحة هي قرارات تخص الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة تتحمل مسؤولياتها الخاصة بتصدير الأسلحة على محمل الجد». مؤكداً على أن حكومته تواصل تقييم جميع تراخيص تصدير الأسلحة وفقاً لمعايير الترخيص الصارمة، لضمان عدم تسببها في أي خرف للقانون الدولي، على حد زعمه.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة تسعى إلى تجاوز انتكاسات الإدارة الأميركية السابقة، حيث علقت إدارة جو بايدن مبيعات الأسلحة إلى السعودية بحجة «انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب» في اليمن.
وفي حديثه أمام مجلس العموم، حث توبياس إلوود، رئيس لجنة الدفاع عن حزب المحافظين، المملكة المتحدة على «الانحياز بشكل كامل إلى أقرب حليف أمني لها (أمريكا) وإنهاء صادرات الأسلحة المماثلة المرتبطة بالحرب».
من جهتها، قالت ليزا ناندي، وزيرة الظل في حكومة العمال المعارضة: «إن تجارة الأسلحة البريطانية والدعم الفني يدعمان الحرب في اليمن، وقرار الولايات المتحدة بشأن مبيعات الأسلحة يترك المملكة المتحدة بشكل خطير بعيداً عن خطا حلفائنا ويزيدنا عزلة».
كما شككت الوزيرة في قدرة المملكة المتحدة على القيام بدور “حامل القلم”، في الأمم المتحدة بإصرارها على بيع الأسلحة للسعودية، حيث يشمل دور صاحب القلم داخل منظومة الأمم المتحدة قيادة المفاوضات وصياغة التشريعات التي يقودها مجلس الأمن بشأن أزمة اليمن، لافتة إلى أن التناقض الواضح في السياسة البريطانية، قائلة: “لا يمكن للمملكة المتحدة أن تكون صانع سلام وتاجر أسلحة في هذا الصراع”.
وأضافت ناندي: وزارة الخارجية البريطانية وعدت بأن “حقوق الإنسان” هي هدفها الرئيسي، ومع ذلك فشل الوزراء في هذا الاختبار الأول.
وإذا استمر موقف المملكة المتحدة بشأن مبيعات الأسلحة للسعودية، فإنه يمثل أول قطيعة مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه، ما لهدف من تغير موقف الإدارة الأمريكية، مع العلم أنه في وقت سابق، أصدرت إدارة بايدن بعض التفاصيل حول نوع الدعم الذي ستقدمه أمريكا للسعودية في حربها على اليمن.
عن «الغارديان» البريطانية