وقفات
لا بد أن يستغرب المرء تصريحات بعض المثقفين تجاه الانفجار الذي تعرضت له «بيروت»الأسبوع الماضي، بخاصة بعد جملة الحروب التي لم تهدأ نيرانها بعد، فسقطوا في امتحان إنسانيتهم, وكنا نتوقع أن يتساموا بمشاعرهم أو أن يسجدوا صلاة صمت وتأمل، وجزء منهم أيضاً مع الأسف كان يتعاطف مع مصير النّمل في دولة ما، لكنه تجاهل ما حدث في بيروت!, ما يجعل ما كتبه الشاعر العربي الفلسطيني إبراهيم نصر الله صباح اليوم التالي للانفجار، يمثّل أغلبنا: “نحنُ أحياءُ هذا الصباحَ.. هنا لم نزلْ/ قد بكينا طويلًا/ طَوالَ الظَّلامِ على مَنْ بكى وعلى مَنْ قُتِلْ/ وكنّا على ثقةٍ:/ ليسَ أقسى علينا من اليأسِ إلّا الأملْ!”.
2
نظلم الدراما التلفزيونية عندما نشير إلى أن بعض نماذجها يروّج لنماذج سلبية بخاصة من النساء، وأنها تشجع النساء على الطريق الملتوية وغير الأخلاقية, الظلم يكمن في أن أصحابها لا يشاهدون المسلسل كاملاً وبالتالي لا يعرفون ماذا أراد الكاتب من تلك النماذج السلبية، التي من خلال مآل حياتها، يشير إلى خطأ خياراتها وسلوكها، والخلل الموضوعي بظروفها، كما يشير أيضاً إلى أن الأعم الأغلب منهن يُعاقب على ما انتهجن من سلوك وتصرفات، سواء عقاباً قانونياً أو اجتماعياً ما يعني أن تلك الأعمال تقدّم منطقاً درامياً وتنبّه المُشَاهِدات إلى ضرورة التروّي بخياراتهن، كي لا يكون مصيرهن على غير ما تحمد عقباه, والأهم من ذلك هو تنبّيه الأهل لكيفية احتواء أي مشكلة تتعرض لها هذه البنت أو تلك، فالفن لا يشجع على السلوك الغلط أبداً.
3
بعض الاستطلاعات الثقافية المنشورة في مواقع عربية، تعيد عدم تطور هذا الجنس الأدبي أو ذاك لأسباب سياسية تخص مرحلة تاريخية ما، وبهذا يخلطون بين الفكري والفني، أي أنه نتيجة سطوة قوة سياسية في مرحلة تاريخية معاصرة، يرون أنها السبب في عدم تقديم أشكال جديدة، وعدم مواكبة لهذا الحدث، أو ذاك، مهما كان عظيم الأثر ومفاعيله قاسية. ويضعون اللوم على مؤسسة ثقافية ما، لعدم منحها الموافقة على طباعة هذا النوع الأدبي أو ذاك إلاّ بشروطها،من دون أن ينتبهوا إلى أن الرقابة بهيئاتها تطول المقومات الفكرية لأي عمل ولا تلتفت للقوالب الفنية، وبالتالي هي بريئة مما ينسب لها وتؤكد قصر نظرهم في التحليل، الذي يتوجّه بإدانة سياسية، لا فكرية أو أدبية!