هل تعود سوريا إلى نظام «سويفت» بعد الإعلان الأوروبي عن رفع العقوبات..؟.. ضياع 50 مليون دولار من جراء اعتماد النظام البائد على المنصة في التحويلات المالية
الحرية- إبراهيم غيبور:
بدأ التعاطي الأوروبي مع ملف العقوبات يثير تفاؤلاً في الأوساط الرسميةالسورية والشعبية كافة، لاسيما بعد قرار الاتحاد الأوربي بتعليقها لبعض القطاعات.
وفي وقت أعلن فيه المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي العمل على تحديد القطاعات التي سيتم رفع العقوبات عنها، بما في ذلك تقييم إعادة التبادل المصرفي والمالي مع سوريا بإدارتها الجديدة، يأمل السوريون بعودة النظام المصرفي السوري إلى نظام الحوالات المالي العالمي المعروف باسم «سويفت».
ويعكس تعاطي إدارة سوريا الحرة مع الملف الدولي رغبة قوية في إعادة البلاد إلى الساحة الدولية بعد إبعاد دام لأكثر من 12 عاماً بسبب جرائم النظام البائد بحق المدنيين بعد اندلاع الثورة عام 2011 والتي أدت إلى عزله دولياً، وتصنيف رموزه كمجرمي حرب.
ولعل رفع العقويات عن قطاعات محددة سيسهم حتماً في تنشيط الاقتصاد وسيعزز رغبة المستثمرين الأجانب في المشاركة بإعادة إعمار سورية، إلا أن هذه الخطوة تبقى في حدودها الضيقة ما لم تُعاد سورية إلى نظام «سويفت»، لذلك تظهر أهمية هذه العودة اليوم بحسب الخبير والباحث الاقتصادي عامر ديب، حيث رأى أن النظام البائد لم يتعاط مع الملف الدولي وفق أدبيات الدولة بقدر ما كان يتحرك تبعاً لمصالحه الشخصية، فأوقع البلاد في حصار اقتصادي انعكست آثاره على الشعب قبل مؤسسات الدولة، ولاسيما على المستوى المصرفي، لأن حظر سورية على السويفت حمل خزينة الدولة مليارات الدولارات ثمن الاتكاء على وسائل بديلة.
ونظام «سويفت» هو اختصار لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (The Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunications)، وهي منظمة تعاونية لا تهدف للربح وتقوم بتقديم خدمة المراسلات الخاصة بالمدفوعات المالية على مستوى عالٍ من الكفاءة وبتكلفة مناسبة.
نشأت فكرة “سويفت” في نهاية الستينيات مع تطور التجارة العالمية، وتكونت المنظمة عام 1973 ومقرها الرئيس بلجيكا، وبدأ نشاطها عام 1977، ويهدف هذا النظام إلى تقديم أحدث الوسائل العلمية في مجال ربط وتبادل الرسائل والمعلومات بين جميع أسواق المال، من خلال البنوك المسؤولة عن تنفيذ ذلك بمختلف الدول، وبذلك يتمكن المشترك من مقابلة احتياجات العملاء الأجانب والمحليين أيضاً.
ويمكن تطبيق نظام «سويفت» لتبادل الرسائل في مختلف العمليات، مثل مطابقة أوامر العملاء بين الجهات المتداخلة بالعملية والتصديق عليها، كما في التحويلات النقدية الخاصة بالعمليات ونتائج التسوية، وأيضاً في التصديق على تنفيذ عمليات التداول وتسويتها بين الأطراف المعنية، وبالطبع يمكن تطبيقه بكل العمليات المتعلقة بالتغير في أرصدة العملاء.
وبعد إعلان الاتحاد الأوربي تعليق العقوبات على قطاعات محددة كخطوة لتنشيط الاقتصاد السوري، جالت صحيفة «الحرية» في الأوساط المصرفية المحلية، حيث التمست رغبة واضحة من إدارات المصارف بضرورة إعادة سورية إلى نظام «السويفت» وعودة المرونة في التعاملات المصرفية العالمية، لاسيما وأن إدارة سوريا الحرة بدأت مرحلة إعادة الإعمار.
ولعل المصارف التجارية التي لها سمعتها في مجال التحويلات المالية العالمية، سواء للأفراد أو الشركات وفتح الاعتمادات المستندية تنتظر إعادة سوريا إلى نظام السويف، فهذا الأمر على حد تعبير بعض مديري دوائر العلاقات الخارجية في عدد من المصارف سيساهم في عودة المرونة للتعاملات المالية، وتخفيف أعباء التحويلات، والتي كان أولها إلغاء ما يسمى بالمنصة، وفتح التعاملات بالعملات الأجنبية التي كان يحظرها النظام البائد ويجرم كل من يتعامل بها، مؤكدين أن إعادة التعامل بنظام سويفت يعيد قوننة التحويلات المالية ضمن القنوات المصرفية الرسمية.
ويعود الباحث ديب ليؤكد أن إبعاد سورية عن نظام «سويفت» عائق كبير في الحوالات المالية على مستوى الأفراد والمؤسسات وحتى على صعيد التعاملات التجارية كتسديد ثمن المستوردات واسترداد قيمة الصادرات وغيرها، فكان الحل البديل هو الاعتماد على شركات الصرافة مقابل فرضها لعمولات باهظة على التحويلات المالية، ما زاد العبء المالي على الأفراد والمؤسسات وغيرها، فكان التفكير في إيجاد أنظمة حوالات أخرى بعيدة عن السويفت، كالتداول عبر المحافظ والعملات الرقمية، ولاسيما أن أنظمة التحويلات المالية تطورت عن السابق، مؤكداً أن النظام البائد ارتكب خطأ فادحاً باعتماده على شركات الصرافة في التحويلات عبر ما سمي بالمنصة والتي أدت إلى ضياع 50 مليون دولار وليس تريليونات كما تحدث البعض، والنتيجة أن تلك الشركات حققت أرباحاً مستغلة ظروف البلاد وأزماتها التي أوجدها النظام البائد.
ويرى الباحث ديب أن الظروف الدولية اليوم أكثر مواءمة، ما يجعل من مواجهة التحديات التي فرضها النظام البائد بممارساته أكثر سهولة، فاليوم نرى تقارباً مفائلاً مع الدول الأوروبية ولاسيما الزيارات التي تشهدها الساحة السورية والتي لم نشهدها منذ أكثر من 12 عاماً، ويجب الاستغلال الأمثل لرفع العقوبات حتى وإن كان على بعض القطاعات، لأن تحقيق نمو في قطاع سيجذب الاستثمارات لقطاعات أخرى، وتالياً أمام إدارة سوريا الحرة فرصة لوضع خريطة لاستثمار رفع العقوبات والعمل الجاد نحو تحقيق نمو اقتصادي وتنمية متكاملة، ولاسيما أننا قادرون اليوم على إنجاز خطوات مهمة في هذا المجال.