دعا إلى وضع خارطة تصنيف للقطاع الصناعي بهدف الدعم.. خبير يحذر من مخاطر إعفاء المستوردات الجاهزة من الرسوم 

الحرية– مركزان الخليل: 

تحاول الحكومة مع الوزارات المعنية رسم خريطة طريق جديدة للاقتصاد الوطني في ظل المتغيرات الحالية، وتحقيق قفزة نوعية بهذا الاتجاه، تسجل من خلالها تموضعاً جديداً له بين الاقتصادات العالمية بعد ترهل أصابه لسنوات طويلة اعتمد خلالها على سياسة الانكفاء الأمر الذي أدى إلى إصدار مجموعة من القرارات منذ بداية التحرير لإخراج الاقتصاد من حالته المذكورة، منها ما يتعلق بالمنتج الوطني وحمايته وتشجيعه، ومنها ما يتعلق بقطاع الصادرات والمستوردات والطاقة وغيرها.

الخبير في إدارة المخاطر الدكتور ماهر سنجر خلال حديثه  لصحيفة ” الحرية ” أشار إلى قرارات الإعفاء من الرسوم الجمركية مؤكداً أن الحكومة تستكمل إجراءاتها بهذا الاتجاه وأصدرت قراراً يتم بموجبه الإعفاء الكامل للرسوم الجمركية على خطوط الإنتاج والآلات، وآخر على المستوردات من السلع الجاهزة الأمر الذي أثار حالة التجاذب بين “التأكيد والنفي” بخصوص خفض الرسوم الجمركية، أو إعفائها على بعض المنتجات الجاهزة من دول محددة بالذات، قلق الكثير من الصناعيين وخاصة لدى منتجي المنتجات التي تصنف بطبيعتها استهلاكية، وارتفعت الدعوات بتفعيل حماية المنتجات المحلية، حيث إن الفترة الزمنية ما بين إعفاء خطوط الإنتاج، والتجاذب الحاصل بخصوص إمكانية اعفاء المنتجات الجاهزة من الرسوم أو تخفيضها، أو إعادة تفعيل اتفاقيات التجارة الحرة لا يتجاوز الأسبوع.

تجارب سابقة

وبالتالي يمكن لنا رد حالة القلق التي ظهرت حالياً إلى تجربة سابقة، خاضها الصناعيون السوريون في مواجهة منافسة البضائع التركية، والتي أدت إلى نتائج غير جيدة على مستوى الصناعة والعمالة المحلية، والناتج المحلي القومي أيضاً، وإلى توقعاتهم الحالية المتعلقة بحجم المنافسة السعرية أو المنافسة على جودة المنتجات، وسريعاً ما استعادت الاذهان نتائج التجربة الماضية والعبر المستفادة منها.

من وجهة نظر إدارة المخاطر فعلياً يتوجب أن ننظر إلى الموضوع من عدة نواحٍ بعضها على المدى القصير، والبعض على المدى الطويل، وذلك لتحقيق حالة من التوازن بين المتطلبات الآنية والمتطلبات الاستراتيجية، للوصول إلى نموذج توازني تنموي مستدام، فلا يمكن اليوم المخاطرة بالأمن الغذائي وعدم التحرك، “لاسيما الطحين ورغيف الخبز وتوفر المواد الغذائية، بظل حالة من الجفاف لم تشهدها سوريا.

فعلى المدى القصير وفي ظل عدم اتضاح النهج الاقتصادي تماماً، رغم الإعلان عنه بأنه اقتصاد حر، وفي ظل حالة من عدم الاستقرار في مناطق معينة كالجزيرة السورية يتطلب الوضع الاقتصادي القائم، العمل وفقا لمنهجية خاصة يطلق عليها بالعامية حالة إسعافية ترتبط بمواد معينة مثل الطحين والمحروقات وبعض الأدوية والمواد الغذائية المعينة لحين إعادة هيكلة بعض المؤسسات وحوكمة بعضها الآخر وبالتالي الانتقال من القرارات الآنية الإسعافية إلى القرارات المنهجية المؤسساتية.

خارطة تصنيف

من منظور آخر، فالعمل على المدى البعيد هو أساس بناء الاقتصادات السليمة لذلك من الضروري النظر إلى الداخل بعين، وإلى العلاقات الخارجية الاقتصادية بالعين الأخرى، فازدهار الاقتصاد هو الأساس في دعم سياساتها الاقتصادية والدولية، وجعلها تحجز مكانتها الحقيقية بين الدول، لذا اقترح أولاً وضع خريطة “للقطاع الصناعي” وتصنيفه إلى درجات بحيث تمنح الأولوية والدعم للصناعات الاستراتيجية، والسيادية الحقيقية، مثل الأدوية مع الاستمرار بتطبيق برنامج إحلال بدائل المستوردات الذي انتهجته وزارة الاقتصاد سابقا، لفترة زمنية لا تقل عن /3/ سنوات لدفع الصناعيين للتفكير بأن منطقة الراحة لن تدوم طويلاً، وبأن الرشد هو صفة المستهلكين الذين لهم الحق بتجربة منتجات منافسة، خلال هذه السنوات لا بد من منح الصناعيين مقومات العمل الجيد، كالنظر بخفض قيمة الكيلو واط على الكهرباء الصناعية، وتوفيرها بشكل يسمح لهم بالعمل، وتقديم إعفاء شبه تام لمستوردات المواد الأولية خلال هذه الفترة، وخفض الضرائب والرسوم واعتماد بيانات الصناعيين الأساس في الحكم على أعمالهم، ما سيمنح الصناعة الوطنية بشكل عام فترة لتثبيت وإرساء قواعدها أمام خطر منافسة الصناعات الأخرى.

فرضية المواجهة

وأشار سنجر إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي لا يسمح لسوريا برفع سقف التفاوض الاقتصادي مع الدول الأخرى، نتيجة للترهل الاقتصادي الموروث ومشاكل سعر الصرف وغيرها لذلك من الجيد أن يتم التفاوض على تطبيق اتفاقيات التجارة الحرة على مراحل، لمنح الصناعة المحلية الفرصة ولمنح متخذي القرار في سوريا الفرصة أيضاً لمواجهة التغيرات الاقتصادية الدولية السريعة، كحرب الرسوم الجمركية وحرب العملات وبغاية حماية دخل العائلات المالكة أو العاملين من خلال منهجيات اقتصادية تعويضية، تطبق كتخفيض ضريبة الدخل على الرواتب ومنح المصدرين السوريين مبلغ بقيمة 20% من

قيمة صادراته لتنفيذ حملات إعلانية للمنتج السوري في الدول المستوردة وبالتالي تتحول سوريا بأكملها لشبه منطقة حرة تستقبل بضائع الدول الأخرى وتصدر أو تعيد التصدير.

من الجيد الإشارة إلى أن الأصل في العمل الصناعي أو التجاري، والذي  يتوجب ألا يغيب عن ذهن الصناعيين أو التجار هو وجود المخاطر، فلا عمل بغض النظر عن طبيعته لا يتضمن المخاطر، كما أن بقاء الصناعيين والتجار في منطقة الراحة هو حالة غير صحية للجميع، سواء تحدثنا عن جودة المنتج الوطني أو عن العمالة التي ستكون أكبر الخاسرين نتيجة لعدم تفكير الصناعيين والتجار بأن منطقة الراحة هي منطقة لا تخدمهم  أولاً ولا تخدم كل من العمال والاقتصاد الوطني.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار