جواد ديوب

تقول لي قارئةُ الفلك والطّالع صاحبةُ الضحكة الخشِنةَ وشفاه السيليكون : إنّ كلَّ ما نمرّ به هو اختبارٌ لصبرنا - نحن السوريين خِصّ نِصّ - لأنّ طالعَنا الفلكي هو طالعُ الأبطال الصناديد القادمين من أعماق الأساطير، وإن بُرجَنا العجائبيّ هو برجُ…

نحتاجُ، في العام الجديد، إلى مَنْ يكنسُ الحزنَ والكآبة عن وجوه الشوارع وأجساد الحارات، إلى مَنْ يلملمُ بقايا الحنين التي يرميها اليائسون والعشّاق المهجورون قرب أعمدة الإنارة وفي الزوايا المهملة ويعيد تدويرها ليصنعَ لنا مِنها ما يُنسينا…

مررنا منذ يومين بـ"العيد العالمي للّغة العربية" وفيما كنت سارحاً بدرجات الحب و"الفُوَيْرِقَات" (تصغير كلمة فارق) عند العرب بين كل درجة مثل: الهوى، والصبابة، واللوعة، والوجد، والشجو، والسهد، والوله.. إلخ وكيف هي جماليات هذه التسميات المجدولة…

الروح قادرةٌ، الجسد حزين الروح فرحة، الجسد واهن الروح تريد، الجسد زاهد الروح منتظرة... الجسد خائب وحدها اللحظة الخاطفة بين التماعاتِ ابتسامة راغبةٍ بالحياة، وبين حُزنٍ شفيفٍ يقطرُ في الكأس أمامه، وحدها هذه اللحظة هي الدليل الفاقع في…

كلما استمعتُ واهتزّت روحي مع القدود الحلبية؛ شكرتُ الربَّ على هذه الحالة من النشوة الموسيقية التي أسبح فيها، وكلما استمتعتُ برحيق الأغنية الرحبانيّة كلما ازدتُ قناعةً بأن سرّاً من أسرار الله ينكشف لنا عِبرَ صوت فيروز التي قالت لنا روحها…

يقولون: "مَن سَمِعَ الغناءَ على حقيقتِه...مات"! والموتُ هنا أجملُ أنواع الموتِ -إن صحّ الوصفُ وإنْ شَطَحَ الخيال- لأنه الموتُ طرباً بالصوت النقيّ، وانتشاءً بالموسيقا السابحة مع الجينات، لأنه خفقانُ القلوب على إيقاعٍ كونيٍّ يجعل مساماتِ…

«زغردي يا انشراح» و«فرفشي يا امتثال» لأننا بتنا مرشحين أشدّاء لدخول «غينيس» في طول البال الذي بلغ عشر سنين من القهر، أي ما يعادل آلاف اللحظات من نشفان الريق، ومئات ساعات الركض مثل القطط خلف ربطة خبز أو كيلوين من السُّكر أي ما يساوي حبلاً…

بعضُ من يركبون في السرافيس يشتمون الماشينَ في الطريق لأن أولئك «الغافلين» يقطعون الشارع كيفما كان ومِن كلِّ مكان, من دون الانتباه إلى السيارات المسرعة والباصات المَدحلة، بل من دون مراعاة لخطورة ذلك في التسبب بحوادث وكوارث لهم قبل السائقين.!…

وهكذا« تسنغلنا» مؤخراً في عيد «السناغل «Single Day أي عيد العزّابية, وغنّينا «بسبوس عاشق بسّة وبيدلعها بسبوسة» ... ثم بعده مباشرةً وفي «عيد الضم العالمي/أي عيد العبّوطات» تضاممنا وتعابطنا مع خيباتنا و«تعجرمنا» بأغنية نانسي عجرم «يا طبطب يا…

لا جمالَ بلا غموض .. هكذا تستدرجني رائحةُ القهوة للتفكير في الفرق بين فنجان القهوة الخزفيّ والكأسِ الزجاجيةِ التي أشرب فيها قهوتي الصباحية. سطحٌ أسود يبينُ من الفنجان الأبيض، فيما مكنوناتُ الكأسِ الشفّافةِ واضحةٌ للعين! انعكاسٌ لموجوداتٍ…