دراسات آثارية جديدة تفضي إلى اكتشاف “أقدم أبجدية” بالعالم في سورية
تشرين- سناء هاشم:
أوضح الدكتور يوسف كنجو، مدير آثار حلب سابقاً، أن الجدل الذي يدور خلال الأيام الأخيرة حول اكتشاف جديد أعلنه الدكتور غلين شوارتز لأقدم أبجدية عالمية في سورية، لم يتم عبر تنقيب فيزيائي تم حديثاً في موقع أثري، وإنما هو استنتاج توصل إليه الباحثون بعد دراسات معمقة أعلن عنها الأسبوع الماضي.
وبيّن الدكتور كنجو في تصريح لـ”تشرين”، أن النتائج التي عرضها أستاذ جامعة (جونز هوبكنز) الأميركية خلال مؤتمر الجمعية الأميركية للآثار الذي عقد مؤخراً، يجب النظر إليها من حيث المبدأ على أنها فخر لسورية ولمن عاشوا على هذه الأرض التي أنتجت عدة أنواع من الأبجديات.
كما بيّن الدكتور كنجو أن الكشف الجديد الذي توصل إليه الدكتور شوارتز تم عبر دراسة معمقة لأربعة أجزاء من أسطوانات طينية، يبلغ حجم كل منها حوالي أربعة سنتيمترات، تحتوي على نقوش يحتمل أنها أقدم كتابة أبجدية معروفة في العالم حتى الآن.
وأشار الدكتور كنجو إلى أن تاريخ هذه القطع يعود إلى نحو 2400 قبل الميلاد، وتم اكتشافها في تل (أم المرا)، شرق مدينة حلب، ويعتقد أن هذه النقوش أقدم بحوالي 500 عام من أقدم دليل معروف سابقاً على وجود أبجدية.
كما عثر على العلامات اللغوية فوق أجزاء صغيرة يعتقد أنها ذات أشكال أسطوانية، مصنوعة من الطين المجفف، وتحتوي على ثقب صغير ربما استخدم لتثبيتها على شيء ما.
ويبحث علماء الآثار وعلماء اللغات القديمة في هذه الرموز الكتابية منذ عام 2021، ويتفقون الآن على أن الاكتشاف السوري أقدم بـ500 عام من أدلة الكتابة الأبجدية المعروفة سابقاً، أي الأبجدية السينائية التي تطورت من الكتابة الهيروغليفية المصرية ونشأت في القرن التاسع عشر قبل الميلاد في شبه جزيرة سيناء، كما تتقدم على الأبجدية الأوغاريتية التي تطورت من الكتابة المسمارية واكتشفت في مدينة أوغاريت على الساحل السوري.
ويرى الدكتور شوارتز أن هذه القطع كانت على ما يبدو توضع على أوان فخارية للإشارة إلى مصدر الوعاء أو إلى مالكه، وقد تم اكتشاف هذه العلامات في عام 2004 داخل المدفن (رقم 4) في تل (أم المرا)، وتضمن المدفن أيضاً ستة هياكل عظمية يرجح أنها تعود لأفراد من عائلة ثرية أو لحكام المدينة، وقد تم تأريخ المدفن بحوالي عام 2400 قبل الميلاد باستخدام طريقة الكربون المشع.
ونقل الدكتور كنجو عن الدكتور شوارتز تأكيده أن موقع (أم المرا) يعد أكبر موقع أثري يعود إلى العصر البرونزي، ويقع في سهل الجبول بين حلب ووادي الفرات، مشيراً إلى أنه من الواضح أن المدافن تعود لأشخاص أثرياء وربما أقوياء، وربما كانوا حكاماً محليين، مرجحاً أن يكون تل (أم المرا) عاصمة لمملكة صغيرة.
ويعد تل (أم المرا) أكبر موقع أثري شرق حلب، إذ يغطي مساحة تبلغ حوالي 20 هكتاراً ويعود تاريخه إلى العصر البرونزي، ويتميز بوجود أسوار وبوابات لا تزال آثارها مرئية حتى اليوم.
ويضيف الدكتور شوارتز: تم التعرف على كلمة واحدة على الأقل عندما تم فك رموز الأحرف: كلمة ”سيلانو“، التي يعتقد أنها قد تكون اسما: يمكن أن يكون “سيلانو” هو مرسل أو متلقي بضائع القبر، ويمكن أن تكون الأسطوانة الطينية قد أُلحقت بإناء مثل بطاقة هدية.
ويستنتج شوارتز أن كل هذا يشير إلى أن الأبجدية قد يكون لها تاريخ مختلف تماماً عما كنا نعتقده سابقاً.