البيان الختامي للمنتدى الإقليمي للنظم الغذائية والزراعية في المنطقة العربية في عمّان: المنطقة تواجه تحديدات شح المياه والتغيرات المناخية
تشرين – خليل حسين
أكد المشاركون في المنتدى الإقليمي لتسريع تحول أنظمة الغذاء في المنطقة العربية، أن النظم الغذائية والزراعية في الوطن العربي، تواجه تحديات عدة وعلى رأسها شح المياه وتدهور الأراضي والتغير المناخي والتغيرات السياسية والاقتصادية والأمنية تحول دون تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالقضاء على الجوع والذي يتطلب تظافر الجهود من أجل الحد من تفاقمها والتقليل من تداعياتها السلبية على تحول النظم الغذائية والزراعية والأمن الغذائي.
المنتدى الذي عقدته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا بالأمم المتحدة (الاسكو) وحضره وزراء الزراعة ورؤساء الوفود العربية وممثلو المنظمات العربية والإقليمية والخبراء عقد على مدى يومين في العاصمة الأردنية عمّان واختتمت أعماله مساء اليوم الخميس، حيث شدد المشاركون على أن تحول النظم الغذائية والزراعية في المنطقة العربية إلى نظم أكثر استدامة وشمولاً وكفاءة بات أمراً ملحاً وضرورياً لتحقيق التنمية الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي العربي المستدام وتحسين التغذية، الأمر الذي يتطلب تكثيف الجهود على المستويين القطري والإقليمي لمعالجة تحديات تحول النظم الغذائية والزراعية وجعلها أكثر مرونة وقدرة على الصمود وتحويلها إلى فرص تسهم إيجاباً في وصولنا نحو مستقبل آمن غذائياً وخال من الجوع، وأن الغذاء حق للجميع وفق القانونين الدولي والإنساني ولا يجوز أن يحرم منه أحد لأي سبب كان، وعلى المجتمع الدولي صيانة وضمان هذا الحق من خلال اتخاذ إجراءات صريحة وواضحة باتجاه وقف الاعتداءات التي تمس هذا الحق.
ودعا المشاركون في البيان الختامي الذي حصلت “تشرين” على نسخة منه المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته إزاء ما يحصل وحثه على إعادة بناء النظم الغذائية والزراعية في هذه الدول جراء ما تتعرض له النظم الغذائية والزراعية في بعض الدول العربية من اعتداء وتدمير وتخريب ممنهج، والى ضرورة تفعيل التعاون العربي في مجال تحول النظم الغذائية والزراعية وجعلها أولوية متقدمة على أجنداتنا التنموية، وأهمية تبادل الخبرات والدروس المستفادة وقصص النجاح بين الدول العربية في مجال التحول الى نظم غذائية وزراعية أكثر استدامة وكفاءة.
وشدد البيان الختامي على”تعزيز البحث العلمي وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال في كافة المجالات الزراعية وخاصة ما يتعلق منها باستخدام التقنيات الحديثة في الإنتاج والأصناف الملائمة لتعزيز القدرة على مواجهة التغيرات المناخية”.
ومثل الجمهورية العربية السورية في أعمال المنتدى وزير الزراعة الدكتور فايز المقداد وخلال ورقة العمل التي قدمها في جلسة الحوار لخص المقداد التجربة السورية والأزمة التي شهدتها البلاد على مدى أكثر من 13 عاماً أن الدول “حكومة وأفراداً وهياكل مختلفة” تضطر في ظل النزاعات والحصار الاقتصادي والعقوبات، إلى اتباع ممارسات غير مستدامة على طول سلاسل القيمة للمنتجات الزراعية، التي قد تتعرض للتدهور بفعل عوامل يصعب التحكم بها تتمثل في تغيرات المناخ ومحدودية الإمكانيات والتمويل اللازم لمعالجة التحديات المتعلقة بصيانة الأراضي الزراعية والتربة وحفظ الموارد المائية، ولهذا فإن دعم الاستثمار في تكنولوجيا رفع كفاءة استخدام هذه الموارد واستدامتها، يعتبر عاملاً حاسماً في إمكانية المضي قدماً في تحويل نظم الزراعة والغذاء.
ودعا وزير الزراعة الى بناء الشراكات بين القطاع العام والخاص والأهلي داخل كل دولة يسهل تحويل نظم الغذاء، لكنه غير كافٍ في منطقتنا العربية، حيث تمتلك الدول العربية مجتمعةً الموارد الطبيعية والبشرية والمالية اللازمة لعملية التحول.
وبين الدكتور المقداد أن “سورية تستند في بناء برنامجها لتحويل نظم الزراعة والغذاء إلى النهج التشاركي مع جميع أصحاب المصلحة، للوصول إلى استراتيجية شاملة لتحويل النظم الزراعية والغذائية، وإدماج قضية تحويل نظم الزراعة والغذاء في السياسات العامة للدولة، في ظل الظروف والتحديات التي فُرضت على سورية، فإن أولويات العمل تتركز في، تحسين أداء سلاسل القيمة للمنتجات الزراعية والممارسات الكفؤة والشاملة على طول تلك السلاسل، والاستثمار في حماية وصيانة النظم الإيكولوجية في المراعي الطبيعية والغابات من أجل الحفاظ على خدماتها الاقتصادية والبيئية، وفي ظل شح الموارد المائية وكون الزراعة تستهلك نحو 80% من الموارد المائية المتاحة، تصبح مسألة رفع كفاءة استخدام المياه في الزراعة ضرورة ملحة
وإلى بناء الشراكات وعقد الاتفاقيات بين الدول العربية لتسهيل التجارة بينها من أجل الحد من الممارسات غير المستدامة وتمكين الوصول إلى الكفاءة الإنتاجية والاقتصادية في استخدام الموارد وبناء أطر تنظيمية محفزة للتحول الريفي الشامل ومساعدة وتمكين المجتمعات الريفية المحلية على قيادة عمليات التنمية بنفسها من خلال تقديم الدعم الفني والتدريب والمشورة.
وعلى هامش فعاليات المنتدى التقى الوزير المقداد مع عدد من الوزراء ومدراء المنظمات الدولية المشاركين في المنتدى وشدد المقداد خلال لقائه مع نظيره البحريني وائل المبارك على أن ضرورة تضافر الجهود في مواجهة الأزمات التي توجه المنطقة من خلال استغلال الموارد المحلية المتاحة في بلداننا، موجهاً دعوة للوزير البحريني لزيارة سورية والاطلاع على فرص الاستثمار الواسعة في القطاع الزراعي نتيجة التنوع في الإنتاج النباتي والحيواني، والإشارة إلى قانون الاستثمار والشركات المشتركة التي تمثل مجالاً جيداً للاستثمار الزراعي في سورية، ووجه الوزير البحريني الدعوة لنظيره السوري لزيارة البحرين كذلك وأبدى استعداده لاستمرار التواصل بين الجانبين لبحث آفاق الاستثمار الزراعي الممكنة في سورية.
كما التقى الوزير المقداد على هامش المنتدى مع كورين فليشر المدير الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي، مثمناً دور البرنامج وما قدمه خلال السنوات السابقة في تخفيف آثار الحرب عن الأسر المتضررة، مطالباً بزيادة الدعم الموجه إلى سورية سواءً بالمساعدات العاجلة لإخوتنا اللبنانيين الذين لجؤوا إلى سورية خلال هذه الفترة أو السوريين العائدين من لبنان، وكذلك السوريين العائدين إلى قراهم في الداخل السوري لتمكينهم من الاستقرار في مناطقهم، وضرورة توفير سبل عيش لهم وتمكينهم من مواجهة تكلفة المعيشة ريثما يتم استكمال إنجاز البنى التحتية والخدمية وترميم الأصول الإنتاجية في تلك المناطق.
كما التقى الوزير المقداد مع عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة، والممثل الإقليمي لإقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا.
ويهدف المنتدى الإقليمي لتسريع تحول أنظمة الغذاء في المنطقة العربية إلى استكشاف الفرص العملية لدعم تحول النظم الغذائية في المنطقة العربية، مع التركيز على تعزيز الحوكمة، واستراتيجيات التنفيذ الفعّالة، والتعاون الإقليمي. والاستفادة من الاستشراف في تخطيط نظم غذائية مرنة، وتعزيز الشمولية في عمليات تحويل النظم الغذائية، كما يوفر هذا الحدث فرصة ثمينة للتحضير للمشاركات العالمية القادمة، بما في ذلك قمة النظم الغذائية +4 في عام 2025.