إنتاجنا الزراعي من الفائض والتصدير إلى القلة والاستيراد.. القمح والبطاطا مثال.. ومشكلتنا أزمة تدبير الموارد
تشرين – محمد فرحة:
كل المؤشرات تشي بشكل لا لبس فيه بأننا فقدنا خريطتنا وروزنامتنا الزراعية، وما نراه اليوم على أرض الواقع هو بمثابة “خبط ..عشواء” فكل يزرع ما يريد ويشتهي، بحثاً عن ربحية تحقق تطلعات هؤلاء المزارعين.
فحتى المساحات التي يتم إقرارها لمحصول القمح لم يعد يعتد بها المزارعون، وطبعاً لا يلامون، فالظروف الاقتصادية اليوم والأسعار العالمية للمواد الغذائية لا ترحم ولم يعد هناك غذاء بـ”بلاش”.
وكي لا نذهب بعيداً عن مضمون عنواننا المتعلق بمحصول البطاطا ، فيوماً عن يوم سيتواصل ارتفاع أسعارها منذ الآن وحتى أواخر شهر أيار من العام القادم، ريثما يبدأ طرح إنتاج العروة الربيعية، وتحديداً من المنطقة الساحلية كسهل عكار.
المهندس محمد عبد القادر أحد المزارعين الكبار و كان يوماً مسؤولاً عن المشروع الوطني لإنتاج بذار البطاطا، أوضح في هذا الخصوص أن إنتاجنا من البطاطا لم يعد كافياً للسوق المحلية، كي نحافظ على التوازن في الأسواق وكي لا يخسر المزارعون، ونحن الذين كنا من مصدّريه.
لكن ومنذ سنتين تقريباً بدأنا نستورد البطاطا كما نستورد القمح وهذا مؤسف.
وأضاف: فإذا كان سعر طن بذار البطاطا المستورد في العام الماضي عشرين مليون ليرة تقريباً، فسيكون هذا العام ثلاثين مليوناً، وهو رقم كبير جداً ليس بوسع كل المزارعين الذهاب بهذا الاتجاه.
وعن الحل أجاب: لاشك بأن المتغيرات السعرية عالمية سواء كانت للبطاطا أو غير ذلك، ونحن سنتأثر بذلك، والحل بلحظ مساحات كافية ووافية لزراعة البطاطا، فهي خبز الفقراء، فسعر الكيلو اليوم في السوق صنف ثانٍ أو ثالث لا يقل عن تسعة آلاف ليرة.
من جانبه، أوضح مدير عام المؤسسة العامة لإكثار البذار المهندس عثمان دعيمس في حوار قصير معه حول: متى يتم الاكتتاب على البذار الأجنبي المستورد من بذار البطاطا؟ أن مثل هذه الخطوة عادة ما تبدأ في شهر كانون الأول، يسبق ذلك العديد من الخطوات الفنية والإدارية المتعلقة بذلك.
مشيراً إلى أن عمل المؤسسة اليوم منصب على إبرام العقود الإكثارية مع المزارعين لزراعة محصولي الشعير والقمح، وقد بدأنا أولى الخطوات بذلك من خلال عمليات الكشف الميداني وإعداد المخططات الفنية لزوم هكذا تعاقدات. انتهى كلام مدير عام المؤسسة العامة لإكثار البذار.
ولما كان قياس الأمور لا يأتي من باب واحد، فلا بد من الإشارة هنا إلى العديد من المحاصيل الأخرى التي بدأت تتهاوى، كالقطن والشوندر، وهذا الأخير وصل إنتاجنا منه في العام ١٩٩٨ إلى / ١١٢ / ألف طن من السكر بعد عملية التصنيع، رغم إن زراعته وفترة مكوثه في الأرض طويلة جداً ويستهلك المزيد من المياه.
وهنا لابد من الإشارة أيضاً إلى أن نائب وزير الخارجية الروسي كان قبل سنتين من الآن قد بحث مع مدير منظمة “الفاو” للزراعة ضرورة إعادة تأهيل القطاع الزراعي وتحسين نوعية إدارة الموارد المائية والتربة في سورية.
فبدلاً من تقدم ونهوض هذا القطاع الحيوي المهم نراه قد تراجع، وهذا مؤشر ليس صحياً، وعلى المعنيين البحث عن الأسباب وتعزيز دور قطاعنا الإنتاجي الزراعي مصدر أمننا الغذائي .
و عن أسباب ارتفاع أسعار البطاطا، يبين رئيس شعبة حماية المستهلك في مصياف المهندس باسم حسن أن أسعار البطاطا اليوم تخضع كما كل المواد للعرض والطلب، فكلما كانت الكميات المطروحة في الأسواق قليلة، سيزداد السعر والعكس صحيح.
وأضاف: اليوم الأسواق أكثر انضباطاً لجهة الأسعار، باستثناء بعض المواد.
بالمختصر المفيد: هل نستورد شحنة من البطاطا قريباً لسد الفجوة بين الحاجة وبين ما قد ينتج من العروة الخريفية التي ستطرح بعد أسابيع في الأسواق، وهي بالكاد تغطي جزءاً بسيطاً من حاجة السوق المحلية؟ وهكذا غابت الخطط الزراعية الرشيدة وغابت دراسات حاجة السوق قبل زراعة محصول البطاطا.