سنة من الإنجازات
تشرين:
قبل عام، في مثل هذه الأيام، قدمت المقاومة في غزة مبادرة كبيرة لم تقتصر فقط على تدمير الهيمنة العسكرية، الاستخبارية، والأمنية للكيان الصهيوني، بل غيرت أيضاً كل المعادلات الإقليمية وأحياناً العالمية، قبل عام أطلقت غزة «طوفان الأقصى»، التي لم يتمكن الكيان الصهيوني وداعموه الغربيون، رغم مرور عام من الإبادة الجماعية في غزة ولبنان واغتيال قادة كبار في المقاومة، من تقليص حجم الإهانة التي تعرضوا لها في «طوفان الأقصى»، خاصة أن العمليات الكبيرة مثل الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي شنها اليمنيون والمقاومة العراقية والعمليات الصاروخية «الوعد الصادق 1 و2» للجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد هذا الكيان، قد زادت من شعورهم بوهن بيت العنكبوت الصهيوني.
أما فيما يتعلق بما حدث خلال هذا العام من «طوفان الأقصى»، فإن القضية الرئيسة هي الأسباب والجذور وراء هذه العملية، على الرغم من أن أسباباً مثل 75 عاماً من الاحتلال والجرائم و16 عاماً من حصار غزة من الصهاينة وداعميهم، كانت الأساس الذي دفع المقاومة في غزة إلى استخدام حق الدفاع المشروع ضد الاحتلال، إلا أن نظرة واقعية إلى التطورات الإقليمية تكشف عن حقيقة أكبر وهي بصيرة المقاومة في غزة ومعرفتها بالعدو وتعهدها تجاه المنطقة والدول الإسلامية والبشرية جمعاء.
كانت الخطة الأخيرة للأميركيين هي تحويل الكيان الصهيوني إلى نقطة اتصال ونقل للطاقة والتجارة في المنطقة بحيث يتم تصدير النفط والغاز والسلع عبر هذا الكيان إلى خارج المنطقة، ويتم الاستيراد عبر هذا الكيان.. ووفقاً لهذه الخطة، ستفقد دول المنطقة، وفي النهاية العالم الإسلامي، أي استقلال سياسي أو اقتصادي أو أمني، وستصبح تابعة لهذا الكيان، بينما تسيطر أميركا على موارد وثروات المنطقة وتفرض نظامها الأحادي القطب على العالم والبشرية، لذلك لم تكن عملية «طوفان الأقصى» مجرد عمل للفلسطينيين، بل كانت مبادرة من المقاومة في غزة التي رأت أن كل ضربة للكيان الصهيوني هي عمل لحماية العالم الإسلامي والبشرية، وبناءً على ذلك فإن دعم غزة هو واجب على كل فرد من الأمة الإسلامية وحتى المجتمع الدولي لرد الجميل لشعب غزة ولبنان بعد ذلك.
النقطة الأخرى هي أن التطورات على مدار العام الماضي أظهرت أن العدو الصهيوني وداعميه الغربيين لا يفهمون إلا لغة القوة، حيث إن ما أدى إلى هزيمتهم على مدار عام من حرب غزة، وفشلهم في لبنان رغم اغتيال قادة حزب الله، وفشل خططهم الإقليمية رغم الاغتيالات والجرائم الكثيرة، هو قوة المقاومة أو ما يسمى الميدان، ولذلك فإن الخيار الأول والأساسي للعالم الإسلامي وأحرار العالم في مواجهة الوحشية الصهيونية والغربية هو الميدان، الذي أدى إلى يقظة كبيرة في الرأي العام العالمي.
إلى جانب الميدان، هناك عامل يسمى الدبلوماسية، التي يعد ارتباطها بالميدان أمراً ضرورياً لتحقيق الأهداف في مواجهة المؤامرة الصهيونية – الأميركية، لكن النقطة المهمة هي أنه نظراً لطبيعة الخطة المقابلة المخادعة وغير الجديرة بالثقة، يجب أن تكون هذه الدبلوماسية موجهة أولاً نحو توعية العالم بعدالة قضية الشعبين الفلسطيني واللبناني في الدفاع عن أنفسهما وبلديهما ضد الاحتلال، وإدانة الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني وداعموه.
وثانياً، يجب أن تكون محورها تعزيز الوحدة الإسلامية لدعم فلسطين ولبنان، كما ذكر سابقاً، فإن المؤامرة تستهدف العالم الإسلامي والبشرية جمعاء، لذا فإن الوحدة الشاملة في مواجهة هذا الوضع تعد أمراً ضروراً.