أبناء القنيطرة يستذكرون صفحات مجيدة من بطولات حرب تشرين التحريرية
تشرين – محمد الحُسَين:
ليست ذكرى حرب تشرين التحريرية مجرد استذكار لتاريخ مضى، أو وقفة على أطلال انتصار انتهى، إنها مناسبة للتبصر في طبيعة السياق الذي نعيشه على هذه الأرض العربية، وللتمعن في مكوناتها ومنطقها بغية تعزيز اليقين بالنصر، والثقة بالمستقبل الكريم والعزيز.
إنه السياق نفسه، والأعداء أنفسهم، والتصدي نفسه، لكن ما يحصل اليوم هو على مستوى أعلى ومرحلة متقدمة، انتقل فيها الصراع التاريخي مع أعداء سورية وأعداء العروبة إلى أشكال أكثر حدة في المواجهة والتحدي.. ولو أن الأعداء انتصروا علينا في السبعينيات لما كانوا اليوم بحاجة إلى هذه الحروب المجتمعة والمركبة ضدنا.
فقد حشد أعداؤنا لقواهم مجتمعة، واستنبطوا أساليب جديدة متطورة في الإرهاب والاحتلال والعدوان واللصوصية، وهذا الأمر هو انعكاس لشعورهم بأن سورية مازالت بعد تشرين تعمل على تطوير بناها، وتعزيز استقلالها، ودفاعها عن العروبة وقضاياها.
فاليوم يتصدى الشعب العربي السوري الأبي مع جيشه البطل بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، لأعتى الحروب مجتمعة، مجدداً بذلك روح تشرين، ومطوراً أساليب مواجهة أعداء حرية الشعوب واستقلالها.. والتطورات كلها منذ تشرين تؤكد أن سورية تزداد قوة وإيماناً بأهدافها، وفـي مقدمـة هذه الأهداف حماية الاستقلال، وتعزيز الوحدة الوطنية، والدفاع التاريخي عـن العروبة.
إنها روح حرب تشرين، روح النصر، التي تتجدد وتتطور باستمرار
السادس من تشرين الأول عام ١٩٧٣م، يوم خالد في تاريخنا الوطني وذاكرتنا القومية، لأنه يؤرخ لملحمة العرب الكبرى في العصر الحديث، حيث انطلق الجنود الأباة في الساعة الثانية وعشر دقائق عبر إنزال بطولي على مرصد جبل الشيخ، ورفعوا عليه العلم العربي السوري بعد تحريره وقتل وأسر جنود العدو الإسرائيلي. كما شهدت أرض محافظة القنيطرة وبطاح الجولان أعظم المعارك، حيث استطاع بواسل جيشنا تدمير خط آلون الذي كان يتبجّح جيش الاحتلال الإسرائيلي بقوته ومتانته، وعبروه منطلقين لتحرير تراب الجولان، مندفعين بقوة وثبات لاستعادة الحقوق المغتصبة والأراضي المحتلة.
لقد كتب الجيش العربي السوري البطل في حرب تشرين التحريرية صفحات خالدة من بسالة وعنفوان وبطولات في تاريخ وطنهم، لذلك كتب عنها كثير من الباحثين والقادة العسكريين والاستراتيجيين الذين اعتبروها ملحمة العرب الكبرى في العصر الحديث، لأنها أعادت الثقة لأبناء الأمة العربية بأن النصر على العدو الصهيوني قد تحقق عندما توفرت القيادة الحكيمة والاستعداد والإعداد والتدريب، حيث صاغ الجيش العربي السوري نصر الوطن ببطولات قلّ نظيرها.
هزيمة «الجيش الذي لا يقهر»
ومازال أبناء محافظة القنيطرة يستذكرون اليوم بكل فخر وكبرياء لحظات الانتصار على العدو الصهيوني وتحرير مدينتهم، وهم أكثر ثقة بجيشنا وشعبنا وقيادتنا لمواجهة ما يحاك ضد سورية من مؤامرات استعمارية وإرهابية للنيل من موقفها الرافض للخنوع والذل والتبعية والاستسلام.
أهالي المحافظة أكّدوا استعدادهم الدائم للتضحية والفداء من أجل الوطن، فقد أكد الباحث الجولاني فوزي عطية المحمد من قرية راوية الجولانية أن حرب تشرين التحريرية ملحمة العرب الكبرى بالعصر الحديث، وكانت نصراً مؤزراً للعرب، حيث حطّمت أسطورة «الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر»، عندما استطاع جيشنا الباسل تدمير خط آلون واجتيازه لتحرير تراب الجولان، مؤكداً أن حرب تشرين ستبقى منارة لتضحيات وبطولات تشهد لها أرض محافظة القنيطرة وقمم جبل الشيخ، مشيداً بصمود أبناء المحافظة بوجه العدو الإسرائيلي بكل قوة وعزيمة وثبات.
الأمل بالانتصار الكبير
واستذكر علي مليحان – صف ضابط متقاعد- صفحات من معاركها البطولية، معبراً عن فخره واعتزازه بمشاركته في حرب تشرين، ويروي أنه ورفاقه كانوا في منطقة قرب قرية عين التينة بالقطاع الجنوبي من محافظة القنيطرة، ينتظرون لحظة الانطلاق وبعد الرمي التمهيدي بالمدفعية بدأ الهجوم وكان شاملاً ومركزاً، وتم اجتياز خط آلون المعادي الذي كان يتباهى به الجيش الصهيوني، وتقدموا نحو تل الفرس وحرروه ورفعوا العلم العربي السوري فوقه.
وتحدث الشيخ عمر الطحان من قرية كودنة الجولانية عن الفرح العارم الذي ارتسم على وجوه أبناء قرى محافظة القنيطرة عندما شاهدوا الدبابات تعبر إلى عمق الجولان تحرر الأرض باتجاه تلول الحمر والغسانية وجويزة.
وفي حديثه الواثق بتحقيق الانتصار الكبير على أعداء سورية استعاد الضابط المتقاعد أحمد الصالح الذي كان قائداً لسرية دبابات ذكريات جميلة من بطولات الحرب الخالدة، واصفاً رجال المدرعات بالأبطال الميامين الذين استبسلوا بالحرب التي شهدت أكبر معارك للدبابات في العالم.
وأكد الشيخ خالد الحمادة من قرية جبا أن حرب تشرين التحريرية ستبقى منارة لتضحيات وبطولات وشهداء تشهد بها ولها أرض محافظة القنيطرة وقمم جبل الشيخ، معرباً عن ثقته المطلقة بأن الاحتلال الصهيوني وكل محتل للأرض السورية إلى زوال وسيعود الجولان إلى وطنه وشعبه وأهله، وكل شبر من أرض الوطن بفضل بسالة جيشنا وصمود شعبنا وحكمة قيادة السيد الرئيس بشار الأسد.
وأكد محمد عويد محمد من قرية سويسة أن الجولان عربي سوري، الجولان هو الأحلى والأغلى والأمل كبير جداً بتحرير كل ذرة من ترابه، لتتفتح شقائق النعمان، ويزداد السنديان تجذراً والدوالي خضرة، ويبتسم الملول والعبهر، ويفوح السِّدر طيباً، وتصبح انحناءات البطم أكثر جمالاً، وتزهو امتدادات الميس لتعانق الغيوم شموخاً، ويتهادى الندى مكللاً تل الشيخة وتل الفخار وجبل الشيخ الأشم، فيعم الفرح ويغدو الزمن بطيئاً والمكان أكثر دفئاً ومحبة واطمئناناً، فتنبعث من جديد الغزلان والزرازير والحمائم، ويصبح للتراب شميم مختلف ويظهر الفرح ألقاً في العيون وحمرة في الوجنات وتنحني الوجوه تقبّل التراب الخصيب الحبيب.
تحية للأهل الأباة
وحيّا أكرم المعاون من قرية السّماقة الجولانية الأهل الأباة في الجولان السوري المحتل بقرى مجدل شمس ومسعدة والغجر وعين قنية وبقعاتا الذين رفضوا الاحتلال الإسرائيلي وما صدر عنه من قرارات زائلة وإجراءات عدوانية باطلة، مشيداً بتمسكهم بأرضهم الذي يعبر عن عمق الانتماء الراسخ والثابت للوطن الأم سورية، والتمسّك بالهوية العربية السورية والاعتزاز بها.