أبطال من حرب تشرين يسترجعون شريط ذكرياتهم
تشرين – آلاء عقدة:
في حضرة حرب تشرين التحريرية، تتزاحم مشاهد رصّ الصفوف وإسناد الكتف على الكتف في جميع التشكيلات المقاتلة في الجيش العربي السوري، وتعبق ذاكرة من شارك في الحرب بريح تشرين لتوقد جذوة النصر وتسترجع بطولات فردية نسجت جمعاء نصراً مؤزراً، فتح صفحة جديدة في كتاب التاريخ وكتب عنواناً بأحمر دم الشهداء وأرّخ لحرب تشرين التحريرية التي أثبتت أن إيقاع الميدان يحسمه رجال الحق وأصحاب الأرض، وأنه مهما طال زمن الاحتلال لا بد من أن يجمع خزيه ويرحل.
علي: الأطفال والكبار كانوا يشاهدون طائرات العدو وهي تنفجر في السماء
فاجأنا العدو بقدراتنا الجوية
صحيفة «تشرين» التقت أحد أبطال حرب تشرين التحريرية العقيد المتقاعد علاء الدين علي حيث قال: إن الحرب كان فيها توتر عالٍ وأعصاب مشدودة وقلة راحة ونوم، وكان علينا توصيل الذخيرة للوحدات الخاصة في جبل الشيخ، كانت حرباً واسعة على كل الجبهات، واستخدم العدو الإسرائيلي في آخر يوم لإطلاق النار صواريخ «نابالم» الحارقة والمحرمة دولياً.
وحسب علي، أجمل شيء كان في الحرب هي الصواريخ التي كنا نملكها حينها والتي لم يسمع بها العدو، حيث تفاجأ حين أطلقناها وهي صواريخ «سام ٦» الجديدة، إذ لم يكن للعدو أدنى فكرة عن وجود صواريخ موجهة في سورية، وأذكر كيف كان الكبار والصغار يقفون في الطرقات وعلى أسطح المنازل ويشاهدون طائرات العدو التي كانت تتفجر في السماء.
كسرنا الذراع الطويلة للطيران الإسرائيلي
العميد الطيار المتقاعد جريس صليبا الذي كان برتبة ملازم أول في مطار الناصرية بريف دمشق عندما شارك في حرب تشرين، عاد بذاكرته، للفترة التي سبقت الحرب من تحضيرات واستعدادات وتدريب مستمر، الاستعداد للحرب كان عالي المستوى كما معنويات الطيارين، حيث كنا ننتظر هذا اليوم بفارغ الصبر لنواجه العدو الإسرائيلي ونحرر أرضنا المحتلة، مؤكداً أن المعنويات العالية للجيش العربي السوري ساعدت على كسر الذراع الطويلة للطيران الإسرائيلي وتحطيم غروره.
صليبا: المعنويات العالية للطيارين السوريين كسرت الذراع الطويلة لطيران الاحتلال
وأضاف: في ٦ تشرين بدأت الأعمال القتالية، حيث نفذ سربنا طلعة قصف على مقر القيادة الشمالي الإسرائيلي «نيرون» وكانت النتيجة ناجحة ١٠٠ % وعادت كل الطائرات سليمة، واستمرت الطلعات باتجاه فلسطين المحتلة و الجولان، واشتبكنا عدة مرات مع العدو وأسقطنا لهم عدداً كبيراً من الطائرات.
وتابع صليبا: كان لي دور كبير خلال حرب تشرين من تأمين وتغطية القوات البرية، وأذكر في إحدى الطلعات في منطقة دير العدس أننا اشتبكنا مع الطيران المعادي من نوع «ميراج»، حيث كان عدد طائراتنا أربعاً مقابل ٦ طائرات معادية، وكان لي الشرف حينها بإسقاط طائرة «ميراج» وأسر الطيار.
ويكمل: في اشتباك ثانٍ، كان العدو يستميت بتنفيذ إنزالات على مرصد جبل الشيخ لاسترجاعه من الجيش العربي السوري الذي كان حرره، حيث تصدينا للحوامات وأسقطت حينها حوامة تحمل ٢٠ جندياً إسرائيلياً في جبل الشيخ، وبعد نهاية الحرب ذهبت مشياً على الأقدام إلى سفح الجبل وأحضرت قطعة من الحوامة التي أسقطتها.
وختم صليبا: لقد حققنا خلال حرب تشرين التحريرية انتصارات رائعة ودمرنا الكثير من الطائرات المعادية، وأثبتنا أن الإرادة تصنع النصر، وأن العدو الإسرائيلي أوهن من بيت العنكبوت.
الصاروخ الخامس
العميد المتقاعد أحمد خضر الحسن الذي روى لصحيفتنا أنه خلال اشتباك جوي عنيف، كان عدد طائرات العدو ٦٤ طائرة وعدد طائراتنا ١٢ طائرة، استطعنا إسقاط ٥ طائرات، وكانت حصتي يومها إسقاط طائرة «فانتوم» الإسرائيلية.
الحسن: جابهت غطرسة العدو في الأَسْر.. ولُقّبت بالصاروخ الخامس
وأضاف: تم استهداف طائرتي وإسقاطها في البحر، حيث تم أسري بعد نقلي في حوامة أنا وطيار إسرائيلي كان سقط في البحر أيضاً، ففي البداية اقتادوني إلى حيطة ومن ثم إلى “تل أبيب” حيث تم أسري حوالي عام.
وتابع الحسن: أثناء التحقيق معي، سألني كبار المحققين الإسرائيليين: كم صاروخ لديك في طائرة «ميغ ٢١» التي كنت تقودها؟ فأجبته بقوة لدي خمسة صواريخ، فأعاد السؤال مرة أخرى واستشاط غيظاً وغضباً كيف ذلك، وطائرة “ميغ” ليس فيها ٥ صواريخ؟ فأجبته بعنفوان: فيها ٤ صواريخ وعند نفاد صواريخي، سأكون أنا الصاروخ الخامس.
وأكد الحسن أنه بعد تحريره من الأسر والعودة إلى الوطن، أصرّ أن يبقى طياراً، وأصبح عميداً طيار ركن، ليتقاعد فيما بعد.
وبمناسبة ذكرى حرب تشرين التحريرية، تمنّى الحسن النصر الدائم والعز للوطن وجيشه وقائده، وأضاف: رغم بلوغي سن التقاعد إلا أنني وأولادي فداء للوطن.