في معرضها الفردي الأول.. أعمال تشكيلية لجمانة مرتضى في “ظلال بلاد الشام”

تشرين- ميسون شباني:

مرت على هذه الأرض العديد من الظروف الطبيعية منها والبشرية، تلك الأرض الخضراء التي أحرقتها النار وأهلكها الإنسان، كم هي سخية، تبقى صامتة رغم تعرضها للكثير من الصدمات، تعيش تناقضات كما فكرة الحياة والموت، وتبقى محتفظة بكل شيء داخلها، بكل أثر وبكل تجربة.. ندوب عديدة في أغصانها، وتغييرات جذرية ساهمت في محو ذاكرتها وتحويلها إلى غبار لتتلاشى إلى مساحات من الأبيض والأسود، لكن يبقى أثر اللون بداخلها حاضراً بكل بهاء..

أخضر وأحمر وأسود
لوحات بنمط جمالي مختلف تقدمها الفنانة التشكيلية جمانة مرتضى في معرضها الفردي الأول المقام حالياً بصالة الآرت هاوس بإشراف الفنان التشكيلي غازي عانا، تبدأ فيه بالحنين للبلاد التي نشأت وعاشت بها بمختلف تداعياتها وأحداثها، وتحاول أن تنقل تجربتها لونياً وبصرياً عبر فضاء اللوحة، من خلال مزيج غريب متماوج نقلته بحرفية تجريدية عالية بدرجات لونية مختلفة تماهت بين الأخضر والأحمر والأسود والأزرق عبر ارتجالات مدروسة على مستوى اللوحة، وبدت في بعض اللوحات كأنها ترسم قصيدة لونية بريشتها، تجعلنا بشكل ما نقترب من روح اللوحة..

إحياء الشعور الجمعي
تقول مرتضى: كفتاة تعيش في هذا الوقت وهذا المكان أشعر بأن روحي تتنقل في كل بقعة من البلاد، تؤثر و تتأثر بالاحداث، وتبقى محاولة إبقاء هذه الأرض حية وملونة من خلال اللوحة همي الوحيد، فهي مساحتنا المشتركة التي تحمل لنا بذور الولادة الجديدة مع التحدي الدائم.. وتضيف :”ظلال بلاد الشام”؛ هو مشروع طويل الأمد وهو محاولة لإحياء الشعور الجمعي تجاه ما يحدث، والوقوف بوجه العجز في ظل مانمر به من أحداث عصيبة، واحتمالية لاستعادة إحساسي بالانتماء والوجود.

بحث لوني مختلف
وتضيف: حاولت أن أعبّر عن المنطقة بالألوان الموجودة فيها ونشر القليل من التفاؤل بظل الظروف التي نعيش فيها والأوقات العصيبة التي تعصف بمنطقة بلاد الشام وكيف أصبحت الطبيعة تفقد معالمها الجميلة ضمن الظروف التي تحدث، لذلك بدأت بالتعبير عن ذلك بألوان الأبيض والأسود لكن يبقى أثر اللون واضحاً لابد منه مهما مر من أحداث على هذه المنطقة فإنه لن يستطيع أن يمحي جماليته.
وبخصوص الممازجة اللونية التي اعتمدتها في اشتغالها على اللون وعلى جماليته تقول مرتضى: أحاول عبر كل عمل فني أن يكون بحثاً لونياً مختلفاً عن الآخر، والمعرض أكبر عمل فيه بأبعاد مترين إلى ١٧٠ سم واصغر عمل ١٨٠سم وتتراوح المساحات بين هذين البعدين، كما تمايزت اللوحات بالطول إذ حاولت أن أقدم نوعاً من التحدي كي أظهر مشهداً طبيعياً وتعبيراً عن دواخلي بمشهد طولاني.

من وحي بلاد الشام
وتقول مرتضى: هذا أول معرض فردي لي، وكانت لي مشاركاتي منذ عام ٢٠١٩، وبدأت بالعمل بهذا المعرض منذ اندلاع الأحداث في غزة وامتدت لأكثر من عشرة أشهر كل المعرض متصل بما في المنطقة وهو يعبر عن مشاعري تجاه ما يحدث دون أن أنسى بارقة الضوء في قلوبنا والأمل بمستقبل مشرق ومختلف.
تجريد قاسٍ
الفنان التشكيلي غازي عانا المشرف الفني على المعرض قال: تعتبر الفنانة مرتضى في تجربتها الأولى تجربة جريئة، والحقيقة أنها فاجأتنا بمستوى التجريد الذي تقدمه والارتجالات على مستوى اللوحات، وأنا أميل لهذا النوع من الأعمال خاصة من ناحية الألوان المتناغمة وطريقة استخدامها للضوء، وهو عكس الموضوع، فهي اشتغلت فيه على الطبيعة وتحولاتها وما يحدث في بلاد الشام خاصة في ظل الأحداث الأخيرة التي عصفت بالمنطقة واستخدمت الطبيعة للتعبير عن هواجسها ومكوناتها وكانت طبيعة غاضبة، ومطلوب من الإنسان أن يتحمل كل هذه المٱسي والأوجاع والتي حاولت التعبير عنها برمزية اللون عبر استخدام الألوان الداكنة في الطبيعة من البني ومشتقاته، وفكرة التشبث بالأرض، إضافة إلى البحر حيث نجد فيه الكثير من مشتقات اللون الأحمر وهذا يعبّر عن مشاعر الفنانة التي تحملها في داخلها وهي مشاعر حزن وأسى وواقع صعب ومرير عكسته إبداعاً عبر لوحاتها، إذ تميزها كان في البحث عن الجمال في الطبيعة والتي قدمتها عبر فضاء اللوحة وهو جرعة تفاؤل مضاعفة و”فشة خلق” وبارقة أمل وفسحة للضوء رغم التجريد القاسي الذي تقدمه إلا أن الضوء منبعث منها بشكل واضح.
الجدير بالذكر أن معرض الفنانة جمانة مرتضى مستمر حتى (٢) تشرين الأول من الشهر القادم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار