الصحافة فن من أصعب الفنون
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
الصحافة فن صعب، بل هي فيما يرى البعض أصعب الفنون الكتابية، ليس لأن على الصحفي أن يلم إلماماً عاماً بمختلف الآداب والفنون والعلوم فحسب، وإنما لأن الحرية التي يتمتع بها أهل الصحافة تلقي على كاهلهم مسؤولية كبيرة حقاً، ذلك لأن الحرية كما نفهمها تعد من أعظم المسؤوليات تجاه الكلمة والناس والحقيقة.
أنا لا أتحدث بالطبع عمن يذكر اسمه في زاوية التعارف أو تنشر له الصحافة سطراً هنا وسطراً هناك تحت إلحاح الحاجة اليومية للعمل الصحفي أو تحت تأثير الصداقات والعلاقات الشخصية، نعم أنا لا أتحدث عن هذا النفر الذي ينفخ صدره وينفش ريشه ويدّعي في كل مجلس ومنتدى أن قلمه فوق الأقلام وموهبته فوق المواهب، فهؤلاء كالسنابل الفارغة لا تجد ما تنفع به الناس فترفع رؤوسها الخاوية استعلاءً وغروراً.
هذا الفن الصعب الحر الملتزم المسؤول حين يصبح ارتياده سهلاً لمن هبّ ودبّ، وحين يتحول إلى مساحة من الورق ينشر عليها الغسيل الشخصي بعقده وخيباته يخرج من دائرة الصحافة والفن واحترام الكلمة إلى دائرة تصلح عليها أي تسمية إلا تسمية الصحافة فهي أنبل وأسمى من أن تكون كذلك، لقد فهم بعضهم أن عملية النقد في الصحافة هو التجريح بالآخرين وما دروا أن عملية النقد هي عملية بناء وتوجيه، وفات هؤلاء أن المزحة المؤذية هي سخرية من كرامة الآخرين تتنافى والحرية التي يتمتع بها الصحفي ويكتب بهديها وعلى ضوئها.
حقاً إن الصحافة فن صعب من لا يمتلك القلم الأمين إليها وسيلة فليبحث عن مكان يجوز فيه استعمال اللسان أو اليد لأن القلم سبيل الصحافة وأهلها وعشاقها لوحدهم.