الفنان عمر عزت هبرة وحديث عن السريالية بعد مئة عام..

وصال سلوم

“حقيقة إنني، في لحظة الرسم، لا أفهم لوحاتي الخاصة، وهذا لا يعني أن اللوحات ليس لها معنى؛ على العكس من ذلك، فإن معناها عميق ومعقد ومتماسك ولا إرادي لدرجة أنه يفلت من أبسط تحليل للحدس المنطقي..”.. بهذه الكلمات شرح فنان المدرسة السريالية سلفادور دالي عن الفن السريالي بطريقة معبرة جداً واختزل معناها وعرفها خير تعريف.
أما السريالية “surrealism” بشكل عام لفظ مركب من كلمتين ومعناه “ما فوق الواقعية”.. والحركة السريالية، هي مدرسة تعبيرية تهتم بالتعبير عن مشاعر وأفكار ورغبات الفنان بطريقة عفوية وتلقائية لصور ورموز قريبة للأحلام والتي تعبر عن مكنونات العقل الباطني ومكبوتات النفس من رغبات ومشاعر مع التحييد التام لتصورات العقل الواعي. فالحلم بنظر السرياليين هو تجسيد للحقيقة التي تنطلق بحرية مطلقة لتظهر لنا رموز اللاشعور والرغبات العميقة المدفونة تحت رقابة الوعي.
لقيت المدرسة السريالية رواجاً كبيراً بلغ ذروته بين عامي 1924-1929، ومن أهم أقطابها الفنان الإسباني “سلفادور دالي” (1904-1989)، ومن بعض أعماله الفنية “الخلوة”، “تداعى الذاكرة”، “الآثار” و”البناء”، والفنان (رينيه مارجريت) البلجيكي ١٨٩٨- ١٩٦٧، والروسي (فلاديمير كوش) و(ماكس إرنست) من ١٨٩١- ١٩٧٦..
والسريالية، وبحسب تعريف  “فيليب فان تيغيم” في كتابه المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا  فهي: حركة ذاتية نفسية صافية يقصد بها التعبير إما شفاهة أو كتابة أو بأي طريقة أخرى عن العمل الواقعي للفكرة، يمليها الفكر في غياب كل مراقبة يمارسها العقل بعيداً عن كل انشغال جمالي أو أخلاقي.
فيما وصفها المؤرخ والفنان التشكيلي عفيف بهنسي في كتابه “أثر العرب في الفن الحديث” السريالية بأنها “تنكر الواقع كما هو لتراه وراء الأحلام والأشباح عن طريق الصدفة والخيال والحلم، فبالأحلام نتحرر من كابوس اليقظة لكي ننطلق بحرية لحل رموز لا شعورنا فالحلم وسيلة قوية من وسائل الرؤية العميقة والمعرفة الباطنية”.
وأهم فناني المدرسة السريالية (رينيه ماغريت، وسلفادور دالي، ومان راي، وبول ناش، وفريدا كاهلو…)
ولعل أشهر لوحة سريالية على الإطلاق هي لوحة إصرار الذاكرة للفنان الإسباني سلفادور دالي.. ولوحة السمكة ضخمة ينتظر سقوطها من السماء مجموعة من الناس، ولوحة تظهر رجلاً متحصناً بالصليب في مواجهة قوى الشر و لوحة الصليب من أشهر لوحات المبدع سلفادور دالي..
وأيضا لوحة للفنان الروسي فلاديمير كوش على شكل حذاء يحمل داخله سفينة كبيرة… لوحة أخرى لرجل ينشق صدره ليفصح عن ما بدا داخله.. ولوحة سلم إلى الجنة..
الفنان التشكيلي عمر عزت هبرة وعن الذكرى المئوية للفن السريالي قال: في أوائل العام 1924 أصدر الشاعر والطبيب النفسي الفرنسي أندريه بريتون البيان السريالي الأول، الذي أفضى الى تشكل تيار جديد بالفن بفضل جهود مجموعة من الفنانين والمفكرين، الذين كانوا يسعون لتحرير الفكر والإبداع من القيود التقليدية، هؤلاء المؤسسون وعلى رأسهم أندريه بريتون، لم يسهموا فقط في تأسيس حركة فنية جديدة بل أحدثوا ثورة في كيفية النظر إلى الفن والأدب والحياة ذاتها.. لفد تمكن مؤسسو الحركة السريالية من خلق حركة فنية وأدبية تجاوزت الزمن والجغرافيا. من خلال استكشافهم العميق للعقل الباطن واستخدامهم تقنيات مبتكرة، نجحوا في تحرير الفكر الإبداعي من قيوده التقليدية. والحركة السريالية لم تكن مجرد تعبير فني، بل كانت فلسفة حياة تدعو إلى تحرير الخيال والانفتاح على عوالم جديدة من الفكر.
اليوم، ما زالت السريالية تلهم الفنانين والكتاب، وتدعو إلى التفكير بطريقة غير تقليدية، وتستمر في التأثير على العديد من جوانب الثقافة والفن الحديث. بفضل جهود مؤسسيها، كما أصبحت السريالية جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الإبداع الإنساني، وتظل شاهدة على قوة الفكر الخلاق في مواجهة القيود والحدود.
يمر هذا العام، 2024، قرن كامل على نشأة المذهب السريالي الذي ظهر عام 1924. قرن كامل مضى ولا تزال الظروف والعوامل التي أدت لظهور واحد من أكثر مذاهب الفن التشكيلي غرابة وجنوناً هي عينها، ولا يزال العالم يقف على الحافة نفسها.. الفرق الوحيد، أن العالم إبان نشأة وظهور الفن السريالي كان يعاني الويلات والنتائج الكارثية للحرب العالمية الأولى، وعلى شفا حرب عالمية ثانية، بينما الآن يترقب العالم بخوف من نشوب حرب عالمية ثالثة. الغريب أنه عندما نشر أندريه بريتون، بيان السريالية، 1924، بوصفها حركة مضادة للعقل والواقع، كان آنذاك يظن أن ما وصل له العالم من ملايين القتلى وملايين الجرحى بفعل الحرب العالمية الكُبرى، هو أسوأ ما قد يصل إليه الحال.

التشكيلي هبرة في سطور
وجدت نفسي في التعبيرية والرمزية والسريالية.. هنا أستطيع التميز والتفرد، رغم أني لست بعيداً عن باقي المدارس.. رسمت السريالية بالأبيض والأسود ورسمتها بالالوان.. وفكرة التفرد بدأت من السنوات الجامعية وكان مشروع تخرجي هو البداية.
بدأت الرسم من طفولتي، ونضجت تجربتي في كلية الفنون الجميلة في قسم الحفر.. تخرجت سنة 1978. وكانت الدراسة 5 سنوات في الكلية.. وصلت دولة الامارات في العام 1982 وما زلت مقيماً فيها حتى تاريخه.. منذ أكثر من سنتين منحتني دولة الإمارات الإقامة الذهبية. وكانت هذه المكرمة الدافع لعودتي بقوة واندفاع لأرسم من جديد بعد توقف استمر حوالي 45 سنة عن الرسم.. خلال هذه الفترة اتجهت للتصميم والإخراج الصحفي. وخلال آخر سنتين قدمت هنا في دولة الإمارات العديد من المعارض المشتركة.. في بداية العام الجاري قدمت معرضاً فردياً ضم ٥٥ عملاً تنتمي لعدة مدارس. أكثر الأعمال كانت سريالية وتعبيرية.. حظي المعرض باهتمام محطات التلفزة، والصحافة، كما أنه حظي بحضور مميز.
وجودي كفنان سريالي منحني التفرد، فقلة من الفنانين في العالم ينتمون لهذه المدرسة. وأنا اعتبر نفسي واحداً منهم.. طموحي اليوم أن تحظى أعمالي باهتمام الصالات العالمية وان أتمكن من عرضها في معظم بلدان العالم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار