المسلسلات التركية بالنسخة العربية.. تجربة جديدة لها مزايا!!

تشرين- حلا خيربك:
منذ ثلاثة أعوام تقريباً، كانت البداية مع مسلسل “عروس بيروت” للمسلسلات التركية الطويلة المعربة، وبعدها “ستيليتو”، و”الخائن”، و”كريستال”، “ولعبة حب” وحالياً “العميل”.. مسلسلات تلاقي من الاستحسان أو الاستهجان حسبما يتماشى منها مع مجتمعنا، إلّا أنها تحظى بالمشاهدة العالية، وكل ما يقابل بالاستغراب والعداء في بداياته دليل على وصوله، هناك عدة انتقادات تطول المسلسل التركي المعرّب يمكننا تناولها في هذا المقال..

قصص غريبة عنا
عندما يسمع المشاهدون اللهجة السورية ونشاهد الممثلين السوريين الذين اعتدنا مشاهدتهم في المسلسل السوري المحلي، ينتقد مباشرة القصة لكونها خارجة عن مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا، متناسياً تماماً كون المسلسل تركي معرّباً، وعوضاً عن الدوبلاج الصوتي سابقاً، فإنه يشاهد مسلسل بدوبلاج صوتي وأدائي، مع تغيير بسيط بتسميات الأماكن وهو ما يجعل المشاهد في حيرة من أمره، لكن مع تكرار التجربة عدة مرات ومسلسل تلو الآخر، وبالرغم من العدد الكبير للحلقات، وجدنا أننا بمواجهة قصص جميلة جداً وشخصيات مكتوبة بتفاصيل دقيقة، الأمر الذي يؤثر على أداء الممثل والتأثر بأدائه، ونضرب مثلاً على ذلك مسلسلين: “الخائن” و”كريستال”..

صراع وشخصيات
مسلسل “الخائن” نال مشاهدة عالية وشعبية ليس بسبب جمال الديكورات أو المكياج أو رغبتنا بمشاهدة ممثلينا السوريين أو التشويق الذي تنطوي عليه الفكرة، فالخيانة ولاسيما من جهة الرجل واردة يومياً في حياتنا وفي أي مجتمع، ولكن تجسيدها في شخصية وجودة كتابة القصة وبالتحديد شخصية الخائن، حيث كانت تتطور وتتجلى بشكل واضح ومدروس كشخصية، لها مواصفاتها وظروفها وماضيها وتتصرف بناءً على ذلك، كانت شخصية مرسومة كلون واضح ضمن لوحة! ولم نشاهد سابقاً في الدراما العربية معالجة لهذه الشخصية التي تحمل اسم العمل بهذه الدقة وهذا الشكل، حيث يفرد لها مسلسل بالكامل، بل الأكثر من ذلك اللون المقابل، الزوجة التي تعرضت للخيانة، مشاعرها وتورطها تدريجياً في قصة لم تختر التورط فيها، طريقتها في التعامل مع الحالة، كيفية تعدي المجتمع عليها، أي استضعافها في المجتمع ونكرانه لها لكونها الطرف الأضعف، المشاكل التي تواجهها، لا يمكن تجسيد هذه الحالة الاجتماعية بشكل متكامل أفضل مما رأينا وسمعنا! إذا المسلسل يحقق التشويق والتعاطف في كل حلقة من حلقاته، ويشكل حالة في الذاكرة لا يمكن نسيانها!
أما في مسلسل “كريستال” فشاهدنا صراعاً ملحمياً بين امرأتين، وتساؤلاً كان لا يمكن الإجابة عنه إلّا من خلال مسلسل طويل أو بالأحرى رواية طويلة، وهو “ماذا لو ارتدت الخادمة ملابس السيدة؟!” كيف ستتصرف؟ وهل تحل الخادمة مكان السيدة حتى لو واتتها الظروف؟! إشكالية كبيرة جداً، وتاريخية، ولا يمكن حسمها إلّا بمشاهدة ماذا سيحدث وكيف تتصرف كلتا الشخصيتين؟! ولصالح من ستحسم المعركة، حيث بدا أن للشر صولاتٍ إلّا أنه لا يربح في النهاية!

تجربة جديدة
فبغض النظر عن المكان أو البلد الذي تدور فيه القصة وسواء كان مسلسلاً تركياً معّرباً أو أي شيء آخر، يبدو أنه من الكافي أن يكون لدي قصة جيدة وأداء تمثيلي رائع! هذا ما استنتجناه من هذه التجربة التركية.. أما عن النقل الحرفي للمشاهد وتهجين الثقافة العربية بعادات لا تنتمي لمجتمعنا، فالجمهور ليس غبياً! ويدرك تمامًا أنه مسلسل تركي.
وماذا عن الرومانس الخفيف في مسلسلي “لعبة حب”؟! هذا التوجه المترف والترفيهي والبعيد عن أي هدف سوى التسلية، حتى بتعقيداته خفيف، “لعبة حب” واضح تماماً بأن هناك (سندريلا) وجدها أمير!
ويبدو أنّ فنانينا السوريين يستحسنون التجربة، ويلاقون انتشاراً واسعاً، وهذا دليل نجاح هذه التجربة.
ولاسيما لكوننا في عدة لقاءات تلفزيونية شاهدناها مع فنانينا السوريين بعض عرض المسلسلات، وجدنا أنهم ينقلون خبرة جديدة، ويتعرفون إلى آليات عمل و تعامل جديدة في علاقاتهم مع مخرجين أجانب، وخضوعهم لظروف عمل مختلفة من حيث التصوير لأشهر سلسلة طويلة في بلد آخر والإقامة في مكان آخر، أيضاً من حيث الأجور الجيدة التي يتقاضونها، حيث سمعنا عن أرقام كبيرة وخيالية، تنتشل الممثل بعد فترة ركود طويلة وتعطيه دفعة للأمام.
إذاً للمسلسل التركي بالنسخة العربية إيجايبات، ويبدو أنه بمثابة انتعاش، وتبشير بمرحلة درامية جديدة على كلّ المستويات، ولاسيما من حيث التعرف والتعامل مع خبرات وتقنيات مختلفة في العمل.
ويبدو ذلك واضحاً وجلياً حتى من خلال الإعلان عن المسلسل، وتصميم فواصل معلنة عنه بطريقة جديدة ومختلفة وخاصة بكل عمل على حدة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار