الثقافة الحقة.. تنتظرُ صقورها لطرد خفافيش الليل!!
تشرين- محمد خالد الخضر:
فاجأتني واحدة من اللواتي يدّعين كتابة الشعر، عندما كتبت على صفحتها الإلكترونية: لقد تمت الموافقة على طباعة مجموعتي الشعرية، وشكراً ل”فلان”، وذكرت اسمه، وهي المعروفة بضحالة ما تكتب.
هذا غيضٌ من فيض، درج ضمن بعض من يتولون مهمة الموافقة أو الرفض في قراءة مجموعة شعرية أو قصصية أو رواية أو غير ذلك.. ولهذا النشر تشبيهات وتداعيات وتحولات كبيرة وكثيرة.. وأكد لي ذلك عندما استيقظت صباحاً ليخبرني واحدٌ من أصدقائي كي استمع لنص نشره مركز ثقافي في محافظة من المحافظات، وكانت “المؤلفة” رائدة المنبر ذاك المساء المفعم بالتعليقات الإيجابية… شعرت بفداحة المصيبة فلا علاقة لما يقال بالشعر ولا بالأدب..
وينسحب الواقع بعد مرحلة المؤامرة الخطيرة على وطننا على غير ذلك فلا يوجد أسبوع إلا وتمنح مئات الشهادات التي تتنوع بين الدكتوراه الفخرية والتكريم وغير مصممة على التزوير الإلكتروني الممنوع والذي يتعرض إلى المحاسبة القضائية في حال متابعة ذلك.
كما ينطبق الأمر على قضية إعلام صاحب الكتاب عن الموافقة على نشر كتابه.. والأصعب من ذلك إعطاء أي صفة لشخص لا يمتلكها، كأن نمنح جنساً أدبياً لأي كان فلا يجوز أن نقول إنّ بياع البندورة هذا يكتب الشعر، وينطبق ذلك على وصول المسابقات التي يتواصل لجانها مع من يتقدم إليها.. وكثرت هذه الصفة في وقتنا وتتكرر أسماء أعضاء اللجان في الوقت الذي يمنع القانون ذلك، حيث يمنع تكرار القراء أكثر من مرة في العام، ويجب تغيير أي قارئ في العام الذي يليه.
ولابد أن نتعرض قليلاً لدور النقاد الذي اقتصر على المجاملة وتشجيع تبادل المصالح بأنواعها المختلفة، وظهور نقاد على الساحة لايفرقون بين (فاعلن ومستفعلن) وهذا مألوف جداً، ومثل هؤلاء أصبح لهم الحضور الكبير والتسلط، ومنهم من هو مختص بتشجيع النساء فقط، وله على الأقل أكثر من عشرين قراءة تنشر وتقدم على المنابر كل عام، وهذا أمر خارج أسس النقد وأصوله.
أما عن الاهتمام بالأجناس الأدبية الأخرى، فذهب الأدباء إلى بيوتهم وانتشرت في الساحة الكوارث التي تفتح المجال لأي متآمر أن يدرك ضعفنا، ومن هذا وذاك تكبر المصيبة، وهكذا نحتاج إلى يقظة الضمير وعودة الفرسان إلى الساحة وهجرة الخفافيش وعودة الصقور القادرين على حفظ وحماية الثقافة والهوية والانتماء مما يجري، وإلا فالكارثة خطيرة!!