ندوة عن دور المكان في الأدب العربي في ثقافي أبي رمانة

تشرين – لمى بدران:
أقام المركز الثقافي في أبو رمانة مساء اليوم ندوة بعنوان (دور المكان في الأدب العربي)، أدارتها الشاعرة إيمان موصللي وشارك فيها عن تجربتهما الأديب والناقد د.عبد الله الشاهر والإعلامي الشاعر توفيق أحمد.
لم يخطر في بال د. عبد الله الشاهر منذ أن يمّم وجهه نحو الكتابة أن يكتب عن المكان، أو أن يقف على مفرداته وعن ذاكرته، فهو كان يتذكر الأمكنة ولا يذكرها، لكنه اعترف أن كتابه الأخير والذي كان بعنوان “أنسنة المكان” هو استجابة لرسالة صديق من المغرب اسم الحبيب دايم ربي وكان يدرس أثر المكان على العديد من الشخصيات الأدبية والفكرية في العالم العربي، لقد سأله سؤالاً فأجابه بكتاب، وهذا الكتاب يعكس كل الحالات الوجدانية العالية التي قد تُؤنسَن في الأماكن سواء في الطفولة أو الكتابة الإبداعية أو عند الأنثى عندما تتحول إلى وطن وبالتالي إلى مكان، أو في الحنين إلى الذكريات.
وألقى الشاعر نصاً من الكتاب ومن فصل الطفولة لينصت الحاضرين معه إلى طفولته وطفولتهم أيضاً وأقتطف من نصه:
أَعترفُ الآن وأنا أعرّي ذاتي.. بأن الأماكن كائنات حيّة.. لها أرواح وطموحات وتصورات وأحلام.
فبأيٍّ من الأماكن أبدؤك ولا أنتهي أيها العمر الذي صار رصيداً من الذكريات..
وبأيٍّ من الذكريات أبوح… والبوح حديثُ روح ورجع صدى..
يقول د.الشاهر لـ”تشرين”: قمت بإنجاز هذا الكتاب خلال أربعة أشهر وهو زمن أكثر من قياسي، وكتبت فيه عن الأماكن التي تشبه الوشم في حياتنا، بمعنى أنها عالقة فينا تماما وتلامس أعماقنا وإنسانيتنا، ولو أردتُ أن أعيد كتابة هذا الكتاب لن أغير فيه ولا أي مكان، لأن كل الأماكن التي ذكرتُها هي الأماكن التي شكّلتني وبقيت عالقة بي.
وللمكان حكاية أُخرى عند أ.توفيق أحمد حيث أنه شاعرٌ صال وجال في الكثير من الأماكن المحلية والدولية والتي طبعت في ذاكرته أثراً تغلب عليه الدهشة من ما وراء المكان من أفكار وخلفيات فكرية لها دلالاتها المعرفية والتاريخية الخاصة، ولجغرافيّة المكان عند أ.توفيق أثر واضح في قصائده، فهو كتب عن دمشق أثرى القصائد، وعن خبب وحمص والسويداء ونبع السن والرقة واستمر إلى فلسطين والأردن، ليمتد إلى أن يكتب بطاقة حب إلى بيروت بعنوان “جهات الروح” وهنا أقتبس منها:
أبيروتُ من تغري المدائن نفسه
يسيرُ إلى محراب حسنك راكعا
وحين تمدّ الشمس في الكون وهجها
أرى نورها الوضّاء صوبك ساطعا
حملت إليك الشام خمراً معتّقاً
وصليتُ في محراب عينيك خاشعا
وقدّم أ.توفيق على المنبر العديد من قصائده المتنوعة عن الأماكن وأبرزها قصائد بعنوان “إيبلا”، “لابد من صنعا”‘، “بغداد”، “قمر على الأردن”، “حمص”، “قدَما آدم”، “عندما”…. الخ، وهنا نذكر مما قدّمه من قصيدة “قدما آدم”
أتمنّى أن تعرف كلّ نساء العالم
أن أجمل عطرٍ
هو الذي ينطلق من الياسمين
الذي يملأ حواكير دمشق
وأتمنى أن يعرف كلّ الأدباء
أن قدميّ آدم
ما تزالان محفورتين على صخرة
فوق جبل قاسيون
الذي يحتضن دمشق بذراعيه.
بدورها تحدّثت مديرة الجلسة إيمان موصللي عن أهمية المكان، فالمكان برأيها إيقاع في القصيدة وعطر نستنشقه في الرواية، وفي كل مكان على هذه الأرض هناك سرير لي هكذا يتكلم كل أديب وشاعر، فالمكان هو في ما يخلقه الشاعر من فضاءاته المتخيلة حتى لو كان حقيقة وواقع ولكنَّه بصمة الأديب تحمّله الخصوصية كما أنه الرائحة والشهوة  هو المرض الأول وهو الشفاء والفاتحة.
وختمت موصلي، الجدير بالذكر أننا نستطيع أن نعدّ المشاركيْن نموذجين لأديبين عربيين كتبوا عن الأماكن وفيها أيضاً، وقد كان قبلهم العديد من الأدباء الذين كانت لهم عناوين لافتة عن المكان مثل “قصر الشوق” لنجيب محفوظ، “ثلاثية غرناطة” لرضوى عاشور، و”فلسطين” لسليمان العيسى، و “أماكن مؤثرة” للشاعرة الألمانية أولريكه دريزنر، وغير ذلك الكثير الكثير..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار