الاكتئاب عوارضه وأسبابه وعلاجه في كلية الصيدلة بجامعة الحواش الخاصة

حمص – ميمونة العلي:

أسئلة كثيرة وتفاعل متبادل بين الجمهور الشاب الكثيف الذي ملأ مسرح كلية الصيدلة في جامعة الحواش الخاصة، وبين المحاضرة الدكتورة ريم شطيح الأستاذة الجامعية لعلم النفس في جامعة أوهايو ستيت الأميركية osu التي عودت جمهورها على تقديم الفائدة والمتعة في محاضراتها، إذ تصر على إلقائها كل صيف خلال إجازتها القصيرة إلى بلدها الأم سورية لنقل الخبرة التي كسبتها من عملها في أميركا بعنوان “الاكتئاب تاريخ المرض ،طرق الوقاية والعلاج ” بحضور جمهور شبابي وأكاديمي كثيف.
وتناولت المحاضرة في البداية تاريخ علم النفس وتطوره من مرحلة التأملات النفسية إلى مرحلة النهج التجريبي وطبيعة السلوك والتحليل النفسي وعلاقة الاكتئاب بكيمياء الدماغ، وأوضحت الدكتورة شطيح أنه لنفهم مرض الاكتئاب علينا أن نفهم السلوك وعناصره وبنيويته، ودحضت الفكرة السائدة بأن سيغموند فرويد هو رائد العلم الفلسفي الأول، بل إن العالم فلهن فيلد سبق فرويد بسنوات ومراحل، وكان أول المشتغلين في علم النفس وهو من نقل علم النفس من مجرد تأملات فلسفية إلى منهج تجريبي.
وبينت المحاضرة شطيح أن المرض النفسي يتميز بالاضطرابات في السلوك والمزاج والإدراك والضيق في التعامل ، والاكتئاب اضطراب معقد يتميز بالحزن واليأس المستمرين وفقدان الاهتمام بأنشطة كانت يوماً ما محط اهتمام المكتئب ومتعته مع الاستمرار بجلد الذات.

وكشفت المحاضرة الفرق بين المرض الذي تظهر له عوارض كمرض السكري مثلاً وبين المتلازمة وهي مجموعة عوارض لا تدل على مرض محدد، وأسهبت في الحديث عن نظريات أسباب الاكتئاب ومنها نظرية الجينات والاستعداد البيولوجي ونظرية السمات والعواطف والأفكار والنظرية الثقافية، حيث الإنسان نتاج بيئته.

ورأت أن علم النفس يجمع النظريات الثلاث مع بعضها، وتحدثت عن دور اللاوعي في الاكتئاب والسلوكيات الناتجة عن الاكتئاب المتعلقة بالإدراك، وتحدثت عن تضخم اللوزة الدماغية عند المكتئب نظراً لنشاطها الكبير وأن الدماغ المكتئب هو الدماغ البطيء، فمريض الاكتئاب لديه بطء في فهم الأمور واتخاذ القرارات، حيث يظهر الفص الجبهي الأمامي لدماغ المكتئب نشاطاً أقل وهو المسؤول عن اتخاذ القرارات، مبينة أن مرضى الاكتئاب يسترجعون ذكرياتهم السلبية حصراً، حيث النشاط الكبير للذاكرة العاطفية لديهم، لذلك قام العلاج الدوائي على جعل المريض ينسى هذه الذكريات بأن يحجب الأدرينالين عن الخلية العصبية.

وطرحت شطيح سؤالاً تفاعلياً على الجمهور بأنه لو قدمت لك حبة دواء تجعلك تنسى ذكرياتك فهل تتناولها؟ وكانت الإجابات لا، وعلقت المحاضِرة بأن هذه “اللا” هي من دحضت هذا الدواء لأنه يمسح ذاكرة وتجارب شكلت نضجاً ونمواً للشخصية، ولذلك فقد دمج علم النفس بين علاجات الاكتئاب كلها وتوصل إلى أهم علاج وأكثره جدوى وانتشاراً وهو العلاج السلوكي المعرفي بتغيير طريقة التفكير.
وتحدثت عن أهمية الثقافة المجتمعية والإدراك وفهم معاني الأحداث في العلاج لتغيير نمط الحياة، مبينة أن الخَيَار ما قبل الأخير لعلاج الاكتئاب يكون بالصدمات الكهربائية للفص الجبهي الأمامي للدماغ لتحفيز عميق أو بسيط، فإذا لم يستجب فسيكون العلاج الأخير والأقل استعمالاً وهو الجراحة العصبية النفسية باستئصال مناطق دماغية لها علاقة بالمزاجية وهذا لا يطبق إلا بعد اليأس التام من كل طرق العلاجات السابقة وبعد وصول المريض إلى مرحلة التفكير بإنهاء حياته.

وفي تصريح لـ”تشرين” بينت الدكتورة ريم شطيح أنها تحرص منذ سنوات على زيارة بلدها الأم سورية ومسقط رأسها قرية عمار الحصن، وتصر على إلقاء المحاضرات في الجامعات والمراكز الثقافية ضمن نشاط توعوي وتثقيفي، وأضافت: أشعر بأن رسالتي وصلت عندما أرى هذا الشغف لدى الجيل الشاب للتبحر في أسرار علم النفس، وهذا الحضور الكثيف والتفاعل والانفعال في المحاضرة تدل على أننا أمام جيل شاب واع مثقف وثاب لن تنال من جدارته بالسعادة أي ضغوط سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية، وقد فتحت نقاشاتهم الكثير من نوافذ المعرفة.
بدورها الدكتورة سمر الديوب نائب رئيس جامعة الحواش الخاصة للشؤون العلمية والبحث العلمي بينت أن هذه المحاضرة جاءت من الإيمان العميق بأن للكلمة دوراً مهماً في بناء المعرفة وبناء الإنسان، لذلك تمت استضافة السورية الدكتورة ريم شطيح التي شقت طريقها إلى الميادين والمحافل الدولية، وأكبر دليل على نجاح هذه المحاضرة هو الكم الكبير من الأسئلة الذي أعقب المحاضرة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار