انسداد أفق التفاوض يُبقي الميدان الفلسطيني والإقليمي ضمن دائرة التصعيد الخطر والسيناريوهات المفتوحة.. رصيد صفري للكيان دولياً.. وأميركا تناور وتخادع والصين تضم وتلمّ الشمل

تشرين- هبا علي أحمد:
في ظل عجز واضح من جميع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بمسار التفاوض والوساطة بين المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال الإسرائيلي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، عن إحراز أي تقدم في ملف التفاوض ووضع حد لتعنت حكومة الكيان وإصرارها على مواصلة عدوانها، يبدو أن مشهد التصعيد سيبقى مستمراً في جبهة غزة وجبهات الإسناد الإقليمية، مع استمرار واشنطن والكيان في وضع العراقيل وتفخيخ مسار التفاوض وتحميل المسؤولية للمقاومة في عدم التوصل إلى أي اتفاق، وإذا بقي الوضع على هذه الحال فإن أي اتفاق لن يبصر النور، وبالتالي استمرار العدوان الهمجي على غزة، وهذا يأتي بالتوازي تماماً مع حديث معركة رفح كلازمةٍ يومية يعمد العدو من خلالها إلى القول لمستوطنيه إن «النصر آتٍ» وللتغطية على حجم ما يواجهه خارجياً، حيث المدّ الاحتجاجي الطلابي في الجامعات الأميركية والأوروبية يتسّع مداه ويعلو صداه، فالخلل الذي أصاب الكيان لم يقتصر على داخله السياسي والأمني والاجتماعي، بل تعداه إلى الأكاديمي خارجياً، وبالتالي يجد الاحتلال نفسه أمام رصيد مصفّر.

أميركا تخدع العالم
بانتظار رد المقاومة الفلسطينية المتوقع بين اليوم وغداً على المقترح المصري حول التهدئة في غزة في سياق جولة جديدة من المفاوضات، كشفت مصادر أن فترة التهدئة المطروحة حالياً وفق المقترح تصل إلى 6 أسابيع، مؤكدة أن «حماس» لم تتخلًّ عن مطلبها بإعلان انتهاء الحرب، لكنها باتت مستعدة لبحث الأمر خلال الهدنة وتنفيذ الجزء الأول من الصفقة، وأن الاتفاق قد ينجز خلال أيام إذا تم تجاوز بعض الإشكاليات التي تعوق التنفيذ، لافتة إلى أنه من المتوقع أن يتضمن رد الحركة على المقترح المصري طلب إيضاحات حول عدد المدنيين العائدين إلى شمال غزة وشروط عودتهم.

الأميركي يحاول خداع العالم والمقترح المقدم للمقاومة ليس سخيّاً والورقة الجديدة لم تتغير عن الأوراق السابقة ما يحول دون التوصل إلى اتفاق

وبُعيد المشاورات التي شهدتها القاهرة، أمس، قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي إحسان عطايا: إنّ المقترح المقدم إلى المقاومة في المفاوضات ليس سخيّاً، كما يقول الأميركي، الذي يحاول خداع العالم، موضحاً أنّ بنود الورقة الجديدة لم تتغير بنسبة تزيد على 90% عن الأوراق السابقة، بينما استبعد التوصل إلى اتفاق.

صفقة أو رفح
أحدثت معركة رفح المرتقبة «معضلة» إضافية أمام الكيان، وأوجدت شرخاً عميقاً داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية، ولا سيما أن كيان الاحتلال أصبح مكشوف الظهر، أي فيما معناه أنه ليس لديه أي رصيد دولي راهناً، وقالت صحيفة «معاريف»: إن العملية في رفح ليس فيها أي ميزة استراتيجية، مضيفة: هناك مشكلة صعبة للغاية تحتاج إلى فهم: ليس لدى «إسرائيل» أي رصيد دولي، ليس ليس لديها رصيد فقط، بل إنها مهددة بشكل صريح للغاية.. كما أن المصريين يضعون قضية اتفاق السلام على الطاولة ولا يخشون من التهديد بها.
وسألت الصحيفة: ثم ماذا بعد كل شيء؟..لا يمكنك البقاء هناك لأنك تحتل معبرهم الدولي الوحيد.. إذاً ستخرج كما هي الحال في خان يونس وتسلم المفاتيح لـ«حماس».

في حال القيام باجتياح مدينة رفح ستجِد «إسرائيل» نفسها وحيدة من دون أي دعم من دول العالم والعملية ليس فيها أي ميزة استراتيجية

في السياق، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» النقاب عن أن إبرام صفقة التبادل أو اجتياح رفح سيتقرر خلال 48 ساعة أو 72 ساعة على الأكثر، لافتةً إلى أن الاستعدادات للعملية انتهت، وأن القائد العام لجيش الاحتلال، هرتسي هليفي، صدّق على الخطط التي وضعها القادة بهدف «القضاء على آخر معقل لحركة حماس في قطاع غزة»، لكن مع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أنه في حال القيام باجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، ستجِد «إسرائيل» نفسها وحيدة من دون أي دعم من دول العالم، علماً أن الولايات المتحدة الأميركية تتحفظ على العملية، وفقاً للمصادر.
في المقابل، قالت مصادر: إن كل ما يريده رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو هو اتفاق التطبيع مع السعودية، مؤكدة أن أي صفقة تؤدي إلى ذلك سيسعى إلى تحقيقها.

العلاقات الدولية هي أنبوب الأوكسجين للأكاديمية الإسرائيلية وإذا تضررت فستعاني الأكاديمية من أضرار غير مسبوقة يليها الاقتصاد والصناعات الأمنية

أضرار في الأبحاث والاقتصاد
فقدان الرصيد الدولي لكيان الاحتلال يتسّع ويتمدد إلى قلب العواصم الداعمة للكيان وبين جامعاتها التي كانت أبعد ما تكون عن توقعات العدو، لتتحول حرب الإبادة التي يشنها العدو على الفلسطينيين إلى قضية الطلاب في تلك الجامعات، إذ تحدّثت وسائل إعلام العدو عن أن الدلائل تشير إلى مقاطعة أكاديمية لباحثين إسرائيليين في الجامعات الخارجية، وسط قلق متزايد من مقاطعة دولية، لافتة إلى أن مثل هذه المقاطعة يمكن أن تعرّض الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية للخطر وتضرّ بشدة بالاقتصاد.
ووفقاً للبروفيسور مانويل تراختنبيرغ، رئيس معهد دراسات «الأمن القومي» والرئيس السابق للجنة التخطيط والموازنة التابعة لمجلس التعليم العالي، فإن العلاقات الدولية هي أنبوب الأوكسجين للأكاديمية، والأكاديمية هي أنبوب الأوكسجين للصناعات الأمنية و«الهايتك»، وإذا تضررت فستعاني الأكاديمية من أضرار غير مسبوقة، يليها الاقتصاد والصناعات الأمنية.
وأشارت تقارير سابقة إلى انخفاض حاد باستعداد الباحثين الأكاديميين من بعض الدول الأوروبية للتعاون مع نظرائهم الإسرائيليين منذ 7 تشرين الأول 2023.

مخرجات لقاء الصين
كشفت مصادر فلسطينية عن مخرجات اللقاء الذي جمع حركتي «حماس» و«فتح» في العاصمة الصينية بكين، حيث أكدتا فيه على ضرورة الوحدة وإنهاء الانقسام، وذلك في إطار منظمة التحرير الفلسطينية بانضمام كل القوى والفصائل الفلسطينية فيها وبمؤسساتها، اعتماداً على الاتفاقيات السابقة في هذا الشأن، إضافة إلى أهمية تشكيل حكومة توافق وطني غير فصائلية مؤقتة أثناء حرب الإبادة أو بعدها، مهمتها القيام بواجباتها الفنية والإدارية في الإغاثة وإزالة آثار العدوان وإعادة إعمار غزة.
وأكدت المصادر أن اللقاء شمل الاتفاق على تعزيز الوحدة الفلسطينية بمساعدة الصين التي ستساهم في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس حسب القرارات الدولية.

الاتفاق على تعزيز الوحدة الفلسطينية بمساعدة الصين التي ستساهم في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية حسب القرارات الدولية.

كما أكدت المصادر أن الحركتين اتفقتا على وحدة الموقف الفلسطيني بشأن الحرب على قطاع غزة، وعلى أهمية وقف حرب الإبادة والانسحاب الكامل لـ«جيش» الاحتلال من القطاع، إضافة إلى تنسيق الجهود الوطنية المشتركة لإدخال المساعدات والإغاثة العاجلة إلى القطاع والترتيب مع الجهات المعنية في غزة، وتشكيل لجنة ثنائية مشتركة في القاهرة للتنسيق والمتابعة.
كذلك نصّ اللقاء، وفق المصادر، على تنسيق المواقف والجهود في الضفة الغربية والقدس من أجل مواجهة اعتداءات المستوطنين على القرى والبلدات وكذلك الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى.
وشدّدت مخرجات اللقاء على أولوية قضية الأسرى وضرورة الحفاظ على حقوقهم ودعمهم في هذه المرحلة الصعبة التي يتعرضون فيها إلى أبشع أنواع التنكيل والإيذاء داخل السجون الإسرائيلية.
وأوضحت المصادر أنّ مخرجات اللقاء تشكّل جدول أعمال اللقاء القادم في 14 حزيران المقبل في بكين.
من جهتها، صرّحت وزارة الخارجية الصينية بأن الجانبين عبّرا عن رغبة سياسية في تحقيق مصالحة من خلال الحوار، مضيفةً: إنهما توصلا إلى اتفاق بشأن أفكار للحوار المستقبلي، وسيواصلان الحوار لتحقيق وحدة فلسطينية في أقرب وقت.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار