بلينكن واستدعاء التحريض على إيران… لماذا ولأي أهداف؟.. الكيان الإسرائيلي يستنفر «سفاراته» لمواجهات مذكرات الاعتقال الدولية ويطالب واشنطن بسرعة التدخل

تشرين – مها سلطان:
في سابع زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة «والثامنة إلى (إسرائيل)» بدا أن الولايات المتحدة تريد استنفار كامل طاقتها في سبيل التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة يقود إلى إغلاق ملف المحتجزين، وكما أن مسار التفاوض وصل إلى «فرصته الأخيرة» قد يكون من الممكن اعتبار زيارة بلينكن الحالية، زيارة الفرصة الأخيرة ولجميع الأطراف، خصوصاً الولايات المتحدة التي ما زالت تراوح في دائرة الحلقة الأضعف إذا ما أخذنا بالاعتبار سبعة أشهر وأكثر من الفشل في حسم جبهة غزة، فلا هي حسمتها لمصلحة الكيان الإسرائيلي ولا هي استطاعت التأثير في الإقليم بما يضغط على المقاومة الفلسطينية (وجبهات الإسناد) لحسم هذه الجبهة.. ولو على تعادل.

– زيارة الفرصة الأخيرة
وعندما نقول زيارة الفرصة الأخيرة فهي فعلياً قد تكون الأخيرة ما قبل «الانفجار الكبير» في المنطقة في حال فشلت هذه الزيارة أيضاً.. وعندما نقول “فشل” فهذا يخص الفشل في إقناع الكيان الإسرائيلي بوقف عدوانه على قطاع غزة، وضمناً الفشل في انتزاع تنازلات من الإقليم على حساب جبهة غزة والشعب الفلسطيني، وتالياً فإن هذا الفشل يعني انفتاحاً جديداً في السيناريوهات على كل الاحتمالات بما فيها اتساع التصعيد، خصوصاً على جبهة الشمال/لبنان، والتي تشهد في الأساس تصعيداً متسارعاً منذ نحو شهر.

زيارة بلينكن الحالية تبدو كزيارة الفرصة الأخيرة.. إدارة بايدن تستنفر كامل طاقتها للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإغلاق ملف المحتجزين «ولو على تعادل»

وللتوضيح.. عندما نقول “فشل” فهذا لا يعني مديحاً للدور الأميركي باعتباره حسن النيات والأهداف، هذا الدور ليس كذلك بالمطلق، فهو منذ سبعة أشهر يسعى جاهداً لإدارة دفة المنطقة بالكامل لمصلحة الكيان الصهيوني بعد أن شهدت استدارة كاملة في أعقاب عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الماضي.
هذا الهدف كان حاضراً في زيارة بلينكن إلى السعودية التي وصلها اليوم، حيث يشارك في اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي. وفيما دعا المجلس إلى وقف فوري لإطلاق النار، وعقد مؤتمر دولي لتنفيذ حل الدولتين، اعتبر بلينكن أن الطريقة الأكثر فعالية لتخفيف الوضع الإنساني في غزة هي التوصل لوقف إطلاق النار، موضحاً أن الاجتماع الخليجي في الرياض اليوم هو بمثابة «فرصة لتعزيز جهود تحقيق الاستقرار ومنع توسع الصراع في المنطقة».
وأشار بلينكن إلى أن بايدن «يصر على معالجة (إسرائيل) للأوضاع في قطاع غزة، وتقليص المعاناة وفتح المزيد من المعابر لدخول المساعدات».وتعهد بلينكن بـ«فتح المزيد من المعابر لإيصال المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة خلال الأسابيع المقبلة».

– عودة أميركية إلى إيران
حتى الآن لا جديد في التصريحات ولا في زيارة بلينكن لولا أنه عرّج على إيران باعتبارها تهديداً يستدعي «تكاملاً دفاعياً» بزعم أن رد إيران «ليلة14 نيسان الجاري» على العدوان الإسرائيلي على قنصليتها بدمشق أوائل نيسان الجاري «يسلط الضوء على التهديد الحاد والمتزايد الذي تمثله إيران، كما يسلط الضوء على ضرورة العمل معاً على الدفاع المتكامل».

تحريض بلينكن على إيران يعيد المنطقة إلى حالة الضغط والترقب من جهة… ومن جهة ثانية يؤكد أن أميركا لن تستكين طويلاً لحالة الردع الكبرى التي فرضتها إيران ما بعد ليلة 14 نيسان

هذا التعريج من بلينكن يوضح كيف أن الولايات المتحدة لم تغير نهجها العدواني التحريضي في المنطقة، هذا النهج هو ما يقود لاستمرار عدم الاستقرار في المنطقة وهو الذي يقود مسار التصعيد فيها، كما أن هذا التعريج على إيران- بعد فترة تهدئة معها لناحية التصريحات على الأقل- حجم الردع الذي حققته إيران في ردها على استهداف قنصليتها بدمشق. لقد شهدت واشنطن (وكيانها) بأم العين كيف أن دولاً في المنطقة باتت تمتلك قوة ردع أكبر من قدرتها على الاحتواء أو الرد بالمثل.. وهناك من يغمز إلى أنه منذ ليلة الرد الإيراني لم نشهد أي هجمات إسرائيلية على مصالح إيرانية في سورية أو حتى على أهداف سورية، علماً أنه ليس بالضرورة أن تستمر حالة اللاهجمات التي يلتزم بها الكيان الإسرائيلي حالياً «والتي تبدو بطلب أميركي» في سبيل إعادة قواعد الاشتباك إلى ما كانت عليه قبل استهداف القنصلية الإيرانية.

ويبدو من عودة التحريض الأميركي على إيران أننا قد نشهد في الأيام المقبلة عودة الاعتداءات الإسرائيلية، وإن على نطاق محدود.. وفي حال حدوث ذلك ولو على نطاق محدود (وبضوء أميركي) فإن المنطقة عندها ستعود إلى حالة الترقب والضغط أو لنقل إلى حالة الغليان مجدداً على وقع الموقف الإيراني، خصوصاً أن التحذيرات الإيرانية، وبأعلى المستويات، لا تتوقف من أي استهداف لمصالحها.

– بايدن ونتنياهو
بكل الأحوال، ربما علينا عدم استباق الأحداث، بانتظار ختام زيارة بلينكن والتي سبقها اتصال هاتفي مساء أمس بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ومتزعم حكومة الاحتلال بينامين نتنياهو. وهو اتصال عد مهماً إلى درجة كبيرة على اعتبار أن مسار جبهة غزة وصل فعلاً إلى الفرصة أو المرحلة الأخيرة، حيث من غير المتوقع بعدها، أن يكون مسار التطورات ضمن قدرة الأطراف على التحكم والاحتواء.
وحسب بيان للبيت الأبيض فإن بايدن جدد التزام أميركا الصارم بأمن «إسرائيل» مضيفاً إن بايدن ونتنياهو استعرضا مسار المحادثات الجارية للوصول إلى اتفاق هدنة وتبادل المحتجزين والأسرى.
كما ناقشا زيادة إيصال المساعدات بما في ذلك فتح معابر جديدة شمال القطاع «بدءاً من هذا الأسبوع». كما ناقشا عملية رفح المفترضة، وموقف بايدن الذي لم يتغير حسب بيان البيت الأبيض لناحية رفضه العملية دون وجود خطة واضحة.

– اجتماع القاهرة
وتأتي جولة بلينكن الحالية (وانتقاله المرتقب للكيان الإسرائيلي اليوم) فيما توجه وفد من حركة حماس إلى مصر لبحث مقترح وقف إطلاق النار حسب قناة القاهرة الإخبارية نقلاً عن مصادر في الحركة.
وحسب هذه المصادر فإن الحركة سلمت ردها، لكنه لم يكشف عن طبيعته، علماً أنها مسألة وقف لمعرفة ماهية هذا الرد، حيث من المفترض أن ينتهي الاجتماع الجديد في القاهرة إما نهاية هذا اليوم أو يوم غدٍ.
وجددت المصادر أن فصائل المقاومة الفلسطينية منذ بداية المفاوضات أبدت مرونة وتعاملت مع الوسطاء بإيجابية، وقدمت كل ما يلزم لإنجاز الاتفاق المطلوب ولكن الجانب الإسرائيلي دائماً ما كان يعرقل أي فرصة للتوصل لحل.
ما سبق لم يغير من حال الميادين، سواء على جبهة غزة أو على جبهات الإسناد، فيما يتواصل القصف الإسرائيلي الوحشي على مجمل مناطق قطاع غزة موقعاً المزيد من الشهداء في مدينة رفح (15 شهيد بينهم أطفال ونساء وعشرات الجرحى).
في وقت تم فيه انتشال جثامين 13 فلسطينياً في من حي الأمل غرب خان يونس
كما نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة اقتحامات ومداهمات في مناطق بالضفة الغربية واعتقلت عدداً من الشبان خصوصاً في مدينة جنين، ومدينة الخليل، وقرية برقة شمال غرب نابلس، وقرية المغير شمال وشرق رام الله.
يأتي ذلك، مع تصديق رئيس أركان الحرب الإسرائيلي هرتسي هاليفي على خطط المراحل القادمة من الحرب على غزة.

– تمرد في جيش الكيان
في حين كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن حالة من الفوضى والتمرد في صفوف جيش الاحتلال بعد رفض عشرات الجنود الاحتياط مواصلة القتال في غزة، وقالت القناة إنها حصلت على تسريبات تؤكد أن 30 عسكرياً على الأقل من جنود الاحتياط في لواء المظليين أبلغوا قادتهم أنهم لن يواصلوا القتال في غزة بسبب إرهاقهم الشديد.
وعلقت القناة بالقول: نعتقد أن موقف الجنود يشير إلى ارتفاع مستوى الشعور بالاستنزاف والإنهاك في قوة الاحتياط بعد أشهر من القتال.

اتساع التمرد في جيش الكيان.. عشرات الجنود أبلغوا قادتهم أنهم لن يواصلوا القتال: شهور القتال أرهقتنا، نحن منهكون، نخاطر بحياتنا كل يوم فيما يتخلى قادتنا عنا ويتركونا لمصيرنا

وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها الجنود حالة التمرد والعصيان لأوامر القادة حول عودتهم للقتال، ففي أواخر شباك الماضي، أفادت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية بطرد 9 جنود من لواء غفعاتي وإخراجهم من القتال في قطاع غزة بسبب رفضهم الأوامر العسكرية، وتم وضعهم على ذمة التحقيق.
وأوضحت أن الجنود رفضوا الانصياع لأوامر قائدهم بعد أن تركوا مواقعهم، وتجولوا من دون خوذات وسترات. ويقول الجنود إنهم خاطروا بحياتهم لفترة طويلة ..«لقد قاتلنا، وفقدنا أصدقاءنا، والآن يرموننا بعيداً».
وأضاف أحدهم: «كنا قريبين من القادة في إحدى المناطق، وقد تخلوا عنا في كل مراحل القتال، فوق الأرض وتحتها، والآن يهددوننا بأنهم سوف يأخذون منا كل شيء».
وفي وقت سابق، قالت صحيفة «هآرتس» العبرية، إن جنوداً آخرين من لواء غفعاتي رفضوا الانصياع للأوامر وتنفيذ مهام عسكرية داخل غزة بسبب تردي أوضاعهم النفسية والجسدية.

– «سفارات» الكيان.. استنفار
يأتي ذلك، فيما يستنفر الكيان الإسرائيلي سفاراته حول العالم تحسباً لصدور مذكرات اعتقال بحق متزعميها، مناشداً واشنطن التدخل. وحسب الخارجية الإسرائيلية فقد تم إخطار السفارات بالاستعداد لتداعيات محتملة حال أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين.

وتحدثت الوزارة في بيان عما سمته شائعات حول احتمال أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية “مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين سياسيين وعسكريين كبار”.
وأضافت إنه في ظل هذه الشائعات «أصدر وزير الخارجية (إسرائيل) كاتس تعليماته لجميع البعثات الإسرائيلية للاستعداد الفوري لموجة شديدة من أحداث معادية للسامية» وفق زعمها.
ودعا مسؤولون إسرائيليون الإدارة الأميركية إلى منع إصدار مذكرات الاعتقال، مؤكدين أنه لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التحرك ضد مسؤولين إسرائيليين من دون دعم علني أو تكتيكي من الولايات المتحدة الأميركية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار