بطل بحسن النية.. «تاج» ينهض على أكتاف «تيم حسن»

تشرين- حلا خيربك:
كانت مفاجأة سارة عندما بدأ الإعلان عن عرض مسلسل “تاج” في رمضان الماضي، تأليف عمر أبو سعدة وإخراج سامر برقاوي، حيث تم الترويج للمسلسل من خلال النجم “تيم حسن” كبطل ملاكمة يحمل اسم العمل “تاج”، ويبدو أنه بذل الكثير من الجهد والوقت ليحصل على عضلات وجسد يليق بملاكم، وهو ليس بالأمر السهل، لكن للأسف بعدما بدأ عرض المسلسل بأكثر من خمس حلقات، وجدنا شخصية ضعيفة مخمورة منهارة خاسرة لكل مالديها ولا تريد أن تنهض من انكسارها بسبب حدث جرى في الماضي أي قبل بداية المسلسل، أي على النقيض تماماً مما قد تحمله شخصية بطل رياضي ملاكم من صفات الإلتزام والصحة والتفاؤل وعدم قبول الهزيمة، بل والمواجهة.
فبررنا بأن الكاتب يحضر لانتفاضة شديدة وبعد قليل لابد سنرى الملاكم يصول ويجول على حلبات الملاكمة في قصة تخصه هو وليس قصة عامة على هامش قصة جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية، وإذ بنا نفاجئ بعد التقدم جيداً في المشاهدة أن كل فكرة الملاكمة والبطل المزعوم الذي استنفد كل فرصه ليكون بطلاً حتى آخر حلقة، إكسسوار!
وإذ بنا أمام مسلسل لا يخسر أي شيء لو غاب بطله!

البطولة الشريرة
بنفس الوقت ومنذ الحلقة الأولى نجد الشخصية المضادة والشريرة وهي الخياط “رياض” تتجلى بوضوح وتمارس حياتها باستعراض واضح وتمتلك كل أدواتها ولا تدع أي شيء يقف بوجهها في طريق تحقيق أهدافها، كانت قوية جداً وفعالة ومنتصرة حتى النهاية، حتى في موتها ماتت كشخصية بطلة ، لقد مات “رياض” غدراً على يد زوجته الخائنة من وجهة نظره، وقالت الشخصية مقولتها “أنا حتى لما بكون عميل مابخون يلي متعامل معو” إذاً نحن أمام شخصية بطلة شريرة عاشت كما تريد حتى النهاية واستخدمت كل الوسائل لتحقق ماتريد، والحقيقة هذه الشخصية كانت تقود العمل ولايمكن هزيمتها ويمكن القول إنه الدور الأفضل الذي أداه الفنان بسام كوسا حتى الآن. لقد تألق الفنان بسام كوسا هذا العام بشخصية الخياط العميل.
حتى شخصية الكولونيل كادت أن تحتل البطولة المطلقة في مسلسل “تاج” كونه استمر من خلال ابنه! حيث طرأ تحول على الشخصية ومن ثم سلمت الراية لآخر.
إذاً المسلسل من بطولة “بسام كوسا” وليس “تيم حسن” هذه المرة، لأن القصة هي قصة الخياط “رياض” وعمالته وموته وزواله مع زوال فرنسا، ولا بأس بذلك لأن البطولة الشريرة والبطل الشرير نوع قائم في الكتابة وله مواصفات وصعبة جداً ولم يأت هنا مصادفة.
لكن المشكلة والخلل في الشخصية التي تمثل المواجهة ويجب أن تحقق العدل والخير، لم تكن شخصية “تاج الدين الحمال” جذابة ولا بأي مقياس من المقاييس فيما عدا كونه أداها الفنان تيم حسن. وضاعت أهدافها ما بين “الرومانس” و”الأكشن” مناهضة الاحتلال، و”البيئة” حيث حددت الفترة الزمنية وتم ابتداع الشخصيات.
للأسف نحن الآن بمواجهة معادلة خطيرة إذا طرحنا نفس السؤال الذي تداولته بعض وسائل الإعلام العام الماضي حول مسلسل “الزند”، هل كان “الزند” ليحظى بنفس المشاهدة لو كان بطله نجماً آخر غير تيم حسن؟ والحقيقة الجواب لا ، ليس لأن المسلسل غير كفؤ ولكن لأن نجومية تيم حسن والتي لم تصنع في عدة سنوات وإنما على مدى أكثر من عشرين عاماً، جعلت مسلسل “تيم حسن” ورقة رمضان الرابحة.

«تاج» بطل بحسن النية!
العمل الدرامي عمل جماعي لكن بحال البطولة المفردة النجم واجهة العمل، وفي مسلسل “تاج” كان الإنتاج ضخم حيث تم بناء مدينة إنتاجية لأجله، الكاتب عمر أبو سعدة الذي كتب مسلسل “الزند” الرائع وشخصية الخياط “رياض” بكل تصرفاتها وحواراتها يبدو أنه كاتب لا يشق له غبار، والمخرج سامر برقاوي عمله غني التوصيف، والمسلسل كان بكل المقاييس جيداً فيما أمرين.. عنصر التشويق، فالمسلسل لم يكن شيقاً! وكان يمكن تركه عدة حلقات ومن ثم العودة لمتابعته بشكل طبيعي، على عكس مسلسل “الزند” الذي كان يخطف الأنفاس وكل حلقاته كثيفة بكثافة فيلم، وشخصيته الأساسية “الزند” بطلة منذ المشهد الأول، فلو لم يجر الزند خلف إدريس ويقتلع عينه! لولا هذا المشهد فقط، لو تم اقتطاعه، لعانى مسلسل “الزند” تقريباً من نفس المشكلة، البطل بطل، والغاية لا تبرر الوسيلة، وحتى لو كان الصراع كبير وحول قيمة سامية والتي هي الوطن، فالقصة تتمثل بالأفراد، وكان المفروض أن تكون شخصية “تاج” وقصته أهم من ذلك وأوضح، وعلى اعتبار أن البطولة للشخصية الشريرة والتي لابد ستنهزم في النهاية، حتى مع ذلك كان يجب أن تكون قصة وحوارات وتصرفات الشخصية المقابلة “تاج” أكثر جدوى ليتحقق الصراع وبالتالي التشويق، كان يجب أن يكون بينه وبين “رياض” أو الكولونيل صولات وجولات، لماذا يستشهد الأبطال في الحياة الواقعية؟! لأنهم لا يرضون بلحظة هوان، في مشهدين استسلم البطل، عندما واجهه “رياض” بالشيك وقايضه بابنته، مالذي كان سيخسره “تاج” لو نال من “رياض” في بيته ولو بصفعة ولو ببصقة ولو بشتيمة ، والمشهد الثاني عندما رفع الكولونيل مسدسه في وجهه وهدده بالديه، ماذا لو أطلق الكولونيل النار؟! لماذا لم يطلق؟ هل ليستمر البطل في الحلقات القادمة، لماذا لم يرض الكولونيل بالإهانة في مشهد تبادل ابنه مع أحد أصدقاء “تاج” الوطنيين عندما قال “تسقط فرنسا”؟ ألم يضحي الكولونيل لحظتها بابنه مقابل كرامته وكرامة فرنسا؟
إن الكاتب نفسه هو الذي كتب الشخصيتين! ولماذا كان بطل ملاكم يعمل كبواب أو كـ بودي غارد على باب الملهى الليلي، هل ليتجسس لصالح الوطن أم ليعيد ابنته من رياض، ما بين الواجب الوطني وقصة البطل الضعيفة ضاع البطل وبطولته ولم يكن مقنعاً وهذا ما لاحظه واشتكى منه الجمهور، وطالما تم الترويج لعمل من خلال البطل “تاج” وحمل اسمه، فإذاً لقد نهض العمل على أكتاف نجومية تيم حسن، والتي ليس كمسلسل “الهيبة” يمكن أن يتواطئ الجمهور مع تعدد أجزائه، النجم نجم في كل ظهور، وتكتب له الأدوار المتفردة، وإذا تنازل عن هذا الشرط مرة واحدة قد يستمر في لمعانه أما إذا تنازل مرتين فكما لو أنه يطفئ نجومية استمرت لسنوات طويلة بسهولة جداً! وليس من البعيد أن يكون الأمر مقصوداً، أي استهلاك نجومية تيم حسن، فمسلسل تيم حسن هو الأكثر مشاهدة عربياً طيلة سنوات وسنوات…

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار