تركيا في المشهد الفلسطيني بنيات مبيّتة ورعاية أميركية- أوروبية.. وقف للعدوان أم تصعيد من نوع جديد؟
تشرين- هبا علي أحمد:
تدور التكهنات حالياً حول ما يرتبط بالعدوان الإسرائيلي على غزة ومآلاته وتداعياته الإقليمية والدولية، السياسية والاقتصادية، وما مصير العدوان وما يمكن أن تحمله كل الجبهات المرتبطة بمعركة الإسناد لغزة من تطورات مقبلة، ولاسيما مع دخول الفرنسي على الخط لبحث تهدئة على جبهة الشمال – جنوب لبنان مع فلسطين المحتلة – أو دخول التركي بشكل مباشر بُعيد استقبال وفد من حركة «حماس» في أنقرة، الأمر الذي حوّل الأنظار من الوساطة القطرية – المصرية في سياق مفاوضات المقاومة الفلسطينية مع كيان الاحتلال لوضع حدٍ للعدوان، إلى ربما وساطة تركية في الشأن ذاته قد يكون لها دور ما في إنهاء العدوان، وقد تحمل تصعيداً من نوع جديد ولاسيما أن الخطوة تتم برعاية أميركية- أوروبية، أي فيما معناه أن أي حلِّ مرتقب مرتبط بالعدوان على غزة سيصبُّ بطريقة أو أخرى في خدمة كيان الاحتلال.
لا يمكن الوثوق بالخطوات التركية إذ أينما حلّت تحل المصالح الشخصية لأردوغان تحديداً فيما يخص فلسطين واستخدامها بمتاجراته السياسية
تركيا وخطواتها المشبوهة
بناءً على التجارب والأزمات التي اختبرتها المنطقة، لا يمكن الوثوق بالخطوات التركية، إذ أينما حلّت يحلّ الدمار والخراب وتحُل الحسابات والمصالح الشخصية للرئيس التركي رجب أردوغان، الذي لا يمكن الوثوق به، وتحديداً فيما يخص القضية الفلسطينية التي استخدمها مراراً وتكراراً بمتاجراته السياسية وفي سياق البروباغندا الإعلامية التي باتت مفضوحة، كما أن العدوان الصهيوني الراهن على غزة لم يطوِ صفحاته بعد التي شهدنا خلالها المساعدات التركية لكيان الاحتلال ومياه الشرب لجيشه، بينما أهالي غزة يُحرمون من أدنى مقوّمات الحياة ويرتقون شهداء تحت مظلة «المساعدات الإنسانية»، من أجل ذلك وغيره الكثير يبقى الدور التركي مشبوهاً، وما يؤكد ذلك المعلومات التي تحدثت عن أن خطوة الانفتاح التركي الكبيرة على فصائل المقاومة الفلسطينية تتم بالتأكيد بضوء أخضر أميركي لا يُعارضها، لكن بعض الدول الأوروبية هي التي دفعت باتجاه تشجيع أردوغان وأنقرة على لعب دور مع المقاومة الفلسطينية وإجراء حوارات خاصّة حول تصورها لما بعد معركة طوفان الأقصى، كما تكشف مصادر مطلعة أن دولاً أوروبية متعددة تقف داعمة خلف عودة الاتصالات بقوة بين تركيا وفصائل المقاومة الفلسطينية ضمن ما تسميه أوساط دبلوماسية أوروبية بالهندسة العكسية لإعادة بناء المشهد الفلسطيني.
الانفتاح التركي على المقاومة الفلسطينية يتم بضوء أخضر أميركي ولا تُعارضه الدول الأوروبية التي دفعت أردوغان للعب دور مع المقاومة
وفي السياق، تحدثت مصادر في إسطنبول مجدداً عن إعادة تقييم فتح مكتب كبير لحركة «حماس» في إسطنبول وآخر في أنقرة، إضافة إلى تجهيز المكتب الموجود أصلاً لتمثيل حركة «الجهاد» التي طلب منها في الماضي وقبل أحداث 7 تشرين الأول الماضي إشغال مكتب «حماس» لمرحلة مؤقتة.
التطبيع مُجدداً
الكيان الصهيوني العالق اليوم في خيباته وخسائره المتراكمة يبحث عن كل ما من شأنه أن يُنقذه من ورطته الاستراتيجية في غزة، وورطته في الإقليم، ومن مسرحية «ردّه» على الرد الإيراني ولاسيما أن «التصعيد الأخير أنشأ توازناً جديداً من الرعب بين إيران وإسرائيل استناداً إلى التآكل الدراماتيكي للردع الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول»، حسب ما ورد في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، لذلك يعود الكيان ليزج بالتطبيع مع السعودية في الواجهة، حيث تحدثت صحيفة «هآرتس» عن أنه في الأيّام الأخيرة «توصّل صُنّاع القرار في «تل أبيب» إلى نتيجة مفادها أنّ ترتيب العلاقات مع السعودية، أي التطبيع، سيقود إلى ردود فعل متسلسلة، الأمر الذي سيفتح الباب على مصراعيه لتجديد المفاوضات لتحرير الرهائن المحتجزين في غزة»، وأوضحت الصحيفة أن «التطبيع مع السعودية سيُجبِر إسرائيل على وقف الحرب في غزة، ويُزيل العائق الذي يمنع حماس من التقدّم بالمفاوضات نحو الصفقة، كما أنّ التطبيع مع السعودية سيؤدّي إلى وقف إطلاق النار على الحدود الشماليّة، علماً أنّ واشنطن تمارس ضغوطاً على الرياض و«تل أبيب» لإبرام اتفاق التطبيع، لأنّه يخدم أيضاً الرئيس الأميركيّ جو بادين في الانتخابات الرئاسيّة القادمة، وفق ما نقلت الصحيفة عن مصدر في «كابينت الحرب».
التصعيد الأخير أنشأ توازناً جديداً من «الرعب» بين إيران و«إسرائيل» استناداً إلى التآكل الدراماتيكي لـ«الردع الإسرائيلي» منذ 7 تشرين الأول
«إسرائيل» تضرب نفسها
لكن كيان الاحتلال الإسرائيلي يغرق في وحول غزة كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه، ووحول غزة ليست في ميدانها فحسب، بل امتدت إلى الإقليم كما تمّ الحديث مراراً، وعليه فإن الاحتلال ينتقم عن غير قصد بطريقة عكسية، أي إنه يوجّه الضربات لنفسه، وفي هذا الإطار تحدثت «هآرتس» عن أن «إسرائيل» وجّهت لنفسها 10 ضربات خلال حربها على غزة.
.. وبدأت الصحيفة بضربة إخلاء الشمال، إذ تم إجلاء عشرات الآلاف من سكان المستوطنات على طول الحدود مع لبنان بشكل عاجل، من دون التفكير في مصيرهم، وعن ضربة غزة قالت الصحيفة: «إسرائيل» دمرت غزة، ولم تدمر حماس التي ما زالت تعمل بقوة، أما ضربة غياب الاستراتيجية فأشارت الصحيفة إلى أنه بعد مرور 6 أشهر على الحرب لا تملك «إسرائيل» أي خطة في غزة.
وهناك ضربة التخلي عن الأسرى، وضربة الأزمة الإنسانية، وعن ضربة الوحدة الكاذبة أشارت الصحيفة إلى اتهام حركة الاحتجاج قبل الحرب بإنتاج «خطاب مثير للانقسام وإضعاف الجيش الإسرائيلي» وإخفاء حقيقة أن حكومة الإخفاق هي التي سببت الانقسام في محاولتها إضعاف القضاء وتقويض القانون، إضافة إلى ضربات ميزانية النهب وعدم الانضباط، و«النصر المطلق» الذي صاغ مصطلحه نتنياهو في محاولة يائسة لإعادة ترميم مكانته كـ«زعيم» وحيد قادر على تأمين «النصر» كجزء من هروبه الشامل من المسؤولية.
منذ 7 تشرين الأول وجّهت «إسرائيل» عشر ضربات لنفسها آخرها استهداف قنصلية إيران
واختتمت الصحيفة بضربة دمشق، التي راح ضحيتها 7 مستشارين في حرس الثورة الإيراني، قائلةً: إنّها كانت خطأً جسيماً يتقاسمه مجتمع الاستخبارات.
في السياق، تطرق موقع «والاه» إلى إسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية في أجواء منطقة العيشية، وما حصل في «عرب العرامشة» بعد استهداف حزب الله عبر مسيّرة المقر المستحدث لسرية الاستطلاع التابعة للواء الغربي (الفرقة 146)، قائلاً: إنّ حزب الله ينجح في ضرب «إسرائيل»، محذراً من فقدان التفوق الجوي في المجال اللبناني، معتبراً ذلك أنّه سيضر بشكلٍ كبير بقدرات جمع المعلومات الاستخباراتية.
ومساء الأحد أعلنت المقاومة في لبنان – حزب الله- إسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية من نوع «هيرمز 450» في أجواء منطقة العيشية، جنوب البلاد.