الردّ الإيراني وتحولات الاقتصاد العالمي

يشهد العالم تغيرات جيوسياسية كبيرة تنعكس وستنعكس على معالم القوة الاقتصادية الدولية، وخاصة بعد زيادة التوتر بين إيران، بردها على عدوان الكيان الصهيوني على سفارتها في دمشق، وإعلانها “اقتصادياً”، ومن قبل أكثر من مسؤول اقتصادي بأن انضمامها إلى منظمات دولية مثل ( بريكس وشنغهاي ) وغيرهما وإمكانية أن تستغني عن ( منظمة التجارة العالمية WTO) وهي حالياً عضو مراقب بها مثل سورية، ووقعت إيران اتفاقية تجارة حرة طويلة الأمد مع (الاتحاد الأوراسي) ولها علاقات متميزة مع التكتلات الاقتصادية والتجارية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وغيرهما، وانطلاقاً من هذا فالسؤال هو ما هي حاجة إيران لمنظمة التجارة العالمية؟ وهي أداة ووسيلة من وسائل السيطرة الغربية وخاصة الأمريكية مع شريكيها (صندوق النقد والبنك الدولي)، ويمكن للاقتصاد الإيراني والسوري أن يتكاملا مع المنظمات الصديقة وليسا بحاجة إلى منظمات ( بريتون وودز ) سنة /1944/ وهي أذرع اقتصادية لوزارة الخارجية الأمريكية وفي مقدمتها منظمة التجارة العالمية كما صرح الاقتصاديون الإيرانيون، وخاصة أن كل أقنعة الدول الغربية سقطت وبأنه لا يهمهم سوى مصلحتهم ومصلحة ( قاعدتهم الليبرالية المتقدمة الكيان الصهيوني)، ضاربين عرض الحائط بكل القيم والمبادئ وميثاق الأمم المتحدة، والدليل رفضهم مطالبات الأمين العام للأمم المتحدة ( أنطونيو غوتيريش) بوقف العدوان الاسرائيلي على فلسطين وسورية ولبنان وممارسة الإبادة الشاملة التي تجاوزت فظائع النازية والفاشية، ودول الناتو والمنظمات الاقتصادية الغربية يهمها فقط ضمان سيطرتها على الاقتصاد العالمي على حساب مصلحة شعوب العالم، وصرحت وزيرة الخزانة الأميركية ( جانيت يلين) بتاريخ 16/4/2024 قبل اجتماعات (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)  بأن أمريكا ستدافع عن الكيان الصهيوني بكل إمكاناتها غير مبالية بأعماله الإجرامية الفاشية، وتكامل هذا التصريح مع تحذير منظمة التجارة العالمية (WTO) من المستقبل الأسود الذي ينتظر العالم من جراء تزايد التوترات الجيوسياسية في العالم بعد زيادة التوترات في (شرق المتوسط والبحر الأحمر ومضيق هرمز ) وهي أهم الممرات البحرية لانسياب السلع والخدمات.

فقد تراجعت سنة /2023/ بنسبة /1،2%/ مقارنة مع سنة /2022 وقد يصل التراجع سنة /2024 / إلى حدود /3،4%/، كما تعهد وزراء مالية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى بتاريخ 17/4/2024 بمعاقبة كل من (إيران لردها على الاعتداء الصهيوني على سفارتها في دمشق ومعاقبة روسيا لدفاعها عن حدودها من تمدد الناتو شرقاً إضافة إلى تهديد الصين وكوريا الشمالية وبعض دول أمريكا اللاتينية.. إلخ )؟!.

وتؤكد المصادر الغربية الناتوية الاقتصادية وبنفاق كبير أن تأثيرات التوترات الجيوسياسية ستنعكس سلباً على الاقتصاد العالمي، ويذكرون بعض المؤشرات لسنة /2023/ ومنها حسب ( إدارة الطاقة الأمريكية والدولية): ارتفاع أسعار حوامل الطاقة وخاصة النفط والغاز لأنه يمر في البحر الأحمر ومضيق هرمز /20%/ من إمدادات النفط العالمية واكثر من /21%/ من الغاز وسترتفع أسعار العقود الأجلة – تراجع سلاسل التوريد وانسياب السلع في الأسواق العالمية من استيراد وتصدير وسيطرة حالة عدم اليقين- تراجع النقل البحري والجوي وحتى البري- تراجع التدفقات الاستثمارية ما يؤدي لارتفاع أسعار المعادن الثمينة مثل الذهب والفضة والعملات المشفرة واعتبارها ملاذات آمنة للاستثمار – تذبذب كبير في أسعار الصرف للعملات – تقلبات كبيرة في أسواق المال وأسعار البورصات العالمية – زيادة التحوط النقدي لمواجهة الضبابية الاقتصادية الدولية – ارتفاع معدل التضخم والركود الاقتصادي ( الركود التضخمي ) ومعدل البطالة – تراجع التصنيف الائتماني حسب توقعات وكالتي “موديز” للتصنيف الائتماني و”ستاندرد آند بورز” وغيرهما- زيادة النفقات الدفاعية والعسكرية والموازنات المخصصة لها..إلخ، ومصدر كل هذه التأثيرات هي السياسات الغربية ومرتبطة بآلية تمركز رأس المال، والسؤال هل تنضم البريكس وشنغهاي والاتحاد الأوراسي وغيرها لتكون بديلاً أو منافساً للمؤسسات الاقتصادية الخاضعة للإملاءات الأمريكية وعندها يتخلص العالم من السيطرة الغربية والإرهاب الاقتصادي من عقوبات وحصار، وعندها ينتقل العالم من الصبر الاستراتيجي إلى الرد الاستراتيجي، وعندها سيسير العالم على منهجية اقتصادية جديدة تقوم على المساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها ويتخلص من براثن الليبرالية الحديثة وسيطرة الناتو وحليفته إسرائيل قاتلة الأطفال ومدمرة البشر والشجر والحجر مع الإشارة إلى أن عداوة أمريكا خطر لكن صداقتها موت!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار