وللوجود “أصيلاً” منافع إبستيمولوجية

تشرين- ادريس هاني:

وحاصل كلّ النّقاش في مقام شبهة تعدد العلوم بتعدد مسائلها وموضوعات المسائل، أنّ ذلك نابع من فقد لحظات الأغراض والاستقالة بها عن مُحدّدات الاعتبار، وكلّه نابع من أخطاء التّركيب المنحفظ في نفس الأمر ولا يحضر منه في مقام المعلوم إلاّ أبعاضه، فيتيه العقل في تشظّي المعلوم، ولا يحتفظ حتى بحدس الوجود.

إنّ أغراض العلوم هي نفسها تتكاثر، ولا مانع من تشظّيها غير الغرض الأنطولوجي الأسمى، ولعلّ هذا ما يفسّر استشكالات تترى على من رام البرهنة على محاذير استقالة المسائل واستقلالها علماً دفاعاً عن التمييز بالغرض، ومثله رامه الآخوند وساء فهم أهل الحواشي لمدّعى ماتن يحبك مطالبه بلحاظ أصالة الوجود وبنيوية العلم. ومعرّة تجاهل مدارك الحدس في كلّ آن من آنات البرهان نفسه. إنّ تراجع الوعي بالاعتبارات في سياسة موضوعات وأغراض العلوم، يورث الفوضى والعماء الإبستيمولوجي، ما يعني أنّ واحدة من أسباب أزمة المعرفة هو ضعف الاعتبار، والافتتان بالماهيات وعدم الإيفاء بالوحدة العميقة بين الوحدة والكثرة، وحدة الوجود وتكاثر ماهياته التي هي أحوال مراتبية في الوجود، حيث ما به الامتياز هو عين ما به الاشتراك. وكون الوجود في اعتبارات مراتبه يجري على نحو الاشتداد والتضعف، فإنّ الاستيعابية التي هي مُختارنا، لا تفهم إلاّ في ضوء تشكُّك الوجود واعتباراته، فكان أولى أنّ نُقيم أود العقل بوصف يُناسب الظاهرات في العالم، حيث العقل وعاء يتسع وينكمش في تجارب التّلقي للموضوعات. فمهما سالت الحقائق استوعبها وعاء العقل.

إنّ مستقبل الحقيقة مرتهن للأوب من هذا التّشظّي، والانفتاح على نظارة الوجود عبر حدسه، وعبر استيعاب جدل الوحدة والكثرة بين العلوم وموضوعاتها ومسائلها بالاعتبارات، لعالم صائر وعقل جوهره متحرّك. لكن حين استوطن الجمود والثبات في تلقّي حقائق العالم خارج حدس الوجود، انعكس العلمي على نفس الأمر، وأخطأنا حيوية الوجود واعتباراته، وحتى بنيويتُنا لم تسمُ عن التّشظّي، فنظرنا في كثير من الحالات للبنيات، نظرة جمود، ونظرنا للعالم نظرة تجاور بنيات لا تشابكها، فلا نحن استوعبنا تاريخانية العلم ولا بنيته ولا وظيفته.

ولما أدركنا أن لا مناص من تحقيق إراءة المعرفة بوصلها بالوجود، وجدنا تصالحاً بين اللُّتيّا والتي، كان سبب الاعتراض فيه النظر إلى العالم في قطيعة مع الوجود، فلم نرَ مُذّاك فيصلاً أنطولوجياً بين التاريخ والبنية وتموجد الكائن الحرّ والإرادة الفاعلة فيهما، فانحلت معضلة الضرورة والحرية، البنية والتّاريخ، المعرفة والوجود..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
خطاب الدجل والاستعراض بحث سبل تعزيز التعاون بين وزارة الصحة والتحالف العالمي للقاحات بنسبة 5%.. تخفيض أسعار الغزول القطنية للمرة الثانية هذا العام الطيران المروحي يشارك في إخماد حريق بين الحصن والحواش بريف حمص الغربي مصادر خاصة: اللقاء بين الرئيسين الأسد وبوتين حمل توافقاً تاماً حيال توصيف المخاطر والتوقعات والاحتمالات المقبلة وزارة الثقافة تمنح جائزة الدولة التقديرية لعام 2024 لكل من الأديبة كوليت خوري والفنان أسعد فضة والكاتب عطية مسوح الإبداع البشري ليس له حدود.. دراسة تكشف أن الإبداع يبدأ في المهد تضافر جهود الوحدات الشرطية في محافظة حماة يسهم في تأمين وسائط النقل للطلاب وإيصالهم إلى مراكز امتحاناتهم الرئيس الأسد يجري زيارة عمل إلى روسيا ويلتقي الرئيس بوتين بايدن - هاريس - ترامب على صف انتخابي واحد دعماً للكيان الإسرائيلي.. نتنياهو «يُعاين» وضعه أميركياً.. الحرب على غزة مستمرة و«عودة الرهائن» مازالت ضمن الوقت المستقطع