ما الجدوى من كمِّ العنف والإجرام في دراما رمضان؟ ناقد يراها مدفوعة بالتمويل غير السوري.. وخبيرة اجتماعية تحذّر..!

تشرين- حسيبة صالح:
قارب شهر رمضان المبارك من نهايته وككل سنة تكثر النقاشات حول المسلسلات الرمضانية، فهل أصبحت الدراما السورية بعيدة عن هموم المشاهد وواقعه الاجتماعي والثقافي والاقتصادي؟ ولماذا أصبحت الدراما التي تسوق أغلبها عنفاً وإجراماً؟
المتلقي عموماً والسوري خصوصاً يبحث عن الجمال والحميمية المجتمعية التي تسعد قلبه وعقله وروحه وتسهم في صنع ابتسامته.. بهذه العبارات بدأ المخرج والناقد الفني عوض القدرو حديثه لـ”تشرين” مضيفاً: وهذا أمر طبيعي فالمجتمع السوري مجتمع متعب من أعباء الحرب والحياة، وليس بحاجة لأعباء نفسية أكبر والدراما نافذة حياة نستطيع من خلالها أن نرى الأمل والحب والجمال، ولكنّ مالاً هناك يتحكم بالإنتاج الدرامي السوري، وهو حكماً مال غير سوري، فنرى الكثيرين يتبجحون ويتشدقون على أن الإنتاج سوري، ولكن بالحقيقة لو أمعنّا النظر نجد أن المشروع السوري الدرامي غائب تماماً وغير موجود، فأغلبية المنتجين السوريين أصبحوا بصفة منتج منفذ، وهو الذي يأخذ مالاً ليصنع مسلسلاً حسب فكر ومفهوم صاحب المال الأساسي، وحتى بعض المخرجين يتبعون الطريقة نفسها.

مجلس أعلى للفنون
وأشار قدرو إلى أنّ الأمل يبقى عند المجتمع السوري بدراما سورية حقيقية، من حيث المال والفكر والمشروع، وبالطبع يجب أن يكون هناك تفكير وتوجه حقيقي في سورية لإنشاء مجلس أعلى للفنون مستقل تماماً، يحدد مسار السينما والدراما السورية بشروط فنية جيدة يكون مشروعها الفن السوري الأصيل والحضاري والراقي.

قدرو: المسلسلات لا تخدش الحياء والذوق فقط وإنما تخدش البصر ويترافق معها التعري غير المفهوم وغير الموظف

ويضيف قدرو: بالطبع أغلبية المسلسلات لو نظرنا لها بعمق لوجدناها ذات الإنتاج المتوسط والمنخفض، باستثناء مسلسلين أو ثلاثة إنتاجهم عالي التكلفة ويتمتعون بالطبع بمستوى فني عالٍ، أما البقية فمنتجوها يستسهلون بغية التوفير فيخرج المسلسل مفتقداً أبسط قواعد الاحترام البصري للمتلقي، فالمكياج سيئ والملابس أسوأ والرؤيةً البصرية واللونية خالية من أي انسجام، فنرى أغلبية المسلسلات لا تخدش الحياء والذوق فقط وإنما تخدش البصر، طبعاً يترافق معها التعرّي غير المفهوم وغير الموظف، والذي لا يعني شيئاً، وبالطبع كل هذا له مستلزمات، فيكون الكلام المبتذل مكملاً للعملية الفنية الهابطة كلياً فيسقط المسلسل ومخرجه ومؤلفه وممثلوه ويربح فقط المنتج مادياً من خلال أدواته الرخيصة.

تشويق فاشل
ويؤكد قدرو أنّ الجريمة موجودة في كل بقعة من بقاع العالم ومنذ بداية التاريخ، ودور الفن هو معالجة أسباب العنف ونبذه، طالما نتكلم عن الدراما التي تقتحم كل بيوت الناس من دون استئذان، لذلك يجب أن يكون هذا الضيف مسالماً ويدعو للحب والسلام وينبذ المعتدي والمجرم و العمل على إصلاحه، لا تكريسه كنموذج رعب للناس والأطفال والعائلات، ولكن للأسف بعض المسلسلات توظف العنف كنعصر من عناصر التشويق الفاشل وغير الموفق كطريقة طرح درامي.
ويضيف قدرو: الشيء المهم في أي عمل سينمائي أو درامي هو الورق، أي السيناريو، فهو الذي يحدد قوة الشخصيات المكتوبة فيه ويأتي دور المخرج لاختيار الممثلين والممثلات الذين يصلحون لبعض الأدوار، وهنا تأتي براعة المخرج باختيار الممثلين والممثلات لأداء شخصيات يصلحون لها، وبالتالي أحياناً يتم اكتشاف ممثلين وممثلات مغمورين يقدمون أدواراً كبيرة ومهمة، وتُظهر إمكاناتهم وهذا يعود بالأساس لقوة ومتانة السيناريو إن وجد..

قدرو: بعض المسلسلات توظف العنف كنعصر من عناصر التشويق الفاشل وغير الموفق كطريقة طرح درامي

وعلى الطرف الآخر نجد بعض الممثلين والممثلات الذين لا يمتون بصلة للتمثيل قد أصبحوا بين ليلة وضحاها نجوم سويشال ميديا، وبالطبع هذا الموضوع يعود للترويج الذي له أسباب كثيرة والتي أستطيع أن أقول إن هناك بعض “المطبلين” من الذين يدعون أنهم إعلاميون، وهم بالحقيقة مجرد مأجورين يروِّجون لبعض الممثلين والممثلات، وهذا حقيقي وموجود ليس فقط على الساحة الفنية السورية، وإنما في كل الوطن العربي والعالم، وبالتالي من يراقب يجد أن هناك في بعض المواسم الدرامية ممثلين وممثلات يحلّقون في السماء وفي موسم آخر يهبطون.. وبالتالي هذا الموضوع هو مجاملات على حساب ذوق المتلقي المظلوم دوماً بمن ينصِّبون أنفسهم بأنهم أرباب صناعة الدراما.

العبارات والألفاظ البذيئة
وفيما يخص العبارات والألفاظ البذيئة فهي حسب قدرو، حالة إشكالية كبيرة والمشاهد العنيفة أيضاً، وهذا يعود بالدرجة الأولى للورق أي السيناريو، وبالدرجة نفسها تعود مسؤوليته المباشرة للجهة التي أجازت تصوير الأعمال كما هي، أو احتمال الجهات الرقابية تتحفظ على بعض المشاهد والعبارات لتعديلها أو حذفها ولكن في الحقيقة هل يمتثل صُناع الدراما لذلك؟
فهل من عاقل في الدنيا وبهذا الوقت أن يصدق أنّ عملاً درامياً ينتهي تصويره في منتصف شهر رمضان ويُعرض بالوقت نفسه في رمضان، تتم رقابته والتأكد من الملاحظات التي تم التحفظ عليها قبل بدء عملية التصوير؟
فمن الممكن أن يتم مونتاج أي مسلسل أكثر من مرة وبأكثر من شكل طالما يستطيع المنتجون إرسال العمل إلى أي محطة عربية من خلال كبسة زر على “اللابتوب” وتحميل العمل إلكترونياً إلى أي محطة في العالم، وبالتالي العمل الرقابي وعلى ما يبدو يعنيه فقط الأعمال التي يتم عرضها على الشاشات الوطنية فقط ولو دققنا قليلاً لوجدنا أن العمل نفسه الذي يعرض على أكثر من محطة عربية يختلف في بعض أو مجمل جزئياته ما بين محطة وأخرى، ونستطيع أن نقول: إن منظومة الرقابة على المصنفات الفنية والأعمال الدرامية تحتاج إلى تحديث بطريقة عملها بالكامل لكونها أصبحت على ما يبدو غير موجودة، من خلال ما تتم متابعته من أعمال درامية، حيث يسأل العديد من المشاهدين عند ظهور أي مشاهد مؤذية للعائلة أو عبارات وألفاظ بذيئة.. أين الرقابة؟

تسويق بلا ضوابط
ويعتقد قدرو فيما يخص تسويق الأعمال الدرامية هي حالة إعلامية بحتة ولا تخضع لأي ضوابط مهنية أو إعلامية أو حتى رقابية، فعالم “السوشيال ميديا” هو فعلياً متاح للجميع، ولكل من يريد تسويق أي مُنتج وبالتالي الأعمال الفنية برُمتها هي تخضع للتسويق الإعلامي على السوشال ميديا ومن ضمنها الأعمال الدرامية والتي تراها المواقع والمنصات الإلكترونية مادة دسمة للقراء للعبث بعناوينها ومحتوياتها والمبالغة بطريقة طرحها وتسويقها من خلال عناوين ضخمة ورنانة تكون غالباً أكبر من محتوى العمل الدرامي نفسه، وبالطبع يجب أن نعترف ونقرّ بأن هناك العديد من المواقع المختصة بالفن هي تتبع بشكل غير مباشر أو مباشر لشركات إنتاج فنية تسوق لأعمالها إعلامياً وبالوقت نفسه تذم بأعمال أخرى، وباعتقادي أن مصطلح ( التريند ) هو مصطلح ليس جماهيراً على الإطلاق وإنما هو صناعة إعلامية إلكترونية لا ترتقي لأخلاق العمل الإعلامي، فما هو المعنى بأن يسوق موقع إلكتروني أو منصة إلكترونية لبعض المشاهد العنيفة أو المقززة التي لا تتجاوز مدتها أحياناً الدقيقة الواحدة؟ فهذا بشكل أو بآخر شكل من أشكال تغييب ذائقة المتلقي والقضاء عليها من خلال أساليب دعائية أقل ما يقال عنها إنها تافهة.

الساحة الدرامية والسينمائية السورية حالياً فارغة تماماً من كُتّاب كوميديا على مستوى مهم

الكوميديا مفقودة
يؤكد قدرو أنّ الكوميديا فن قائم بحد ذاته ويتطلب كُتاب سيناريو من نوع خاص ومخرجين من نوع خاص أيضاً، فهو فن قائم على رشاقة الكلمة والموضوع والمعالجة وهذا الشيء مفقود كلياً في الساحة الدرامية السورية والعربية حيث ما نشاهد من أعمال كوميدية حسب ما يروق لصناعها تسميتها ليست سوى تهريج سخيف ومسخرة حيث يستطيع المرء أن يسمعها بالشارع أو بالمقهى، والمجتمع بحاجة دوماً للابتسامة والترفيه، ودور الفنون البصرية في المقام الأول هو الترفيه والتثقيف، وحتى في الأوقات الصعبة والمحن يستطيع المتلقي أن يشاهد أعمالاً كوميدية، وأكبر مثال أنّ أهم أعمال السينما الروسية الكوميدية ( السوفييتية سابقاً ) تمّ إنتاجها في زمن الحرب العالمية الثانية، ولم يتم إنتاج أفلام عن الحرب ومآسيها حيث تمّ إنتاج أفلام اجتماعية وسياسية عن الحرب بعد انتهاء الحرب، وأقصد من كلامي أن الساحة الدرامية والسينمائية السورية حالياً فارغة تماماً من كُتّاب كوميديا على مستوى مهم.

قوة ثقافية مؤثرة
للدراما التلفزيونية دور كبير في التأثير على بعض الناس، وتملك قدرة على التغيير في طبيعة حياة أفراد المجتمع هكذا بدأت الاختصاصية في العلاج النفسي إيمان فتح الله حديثها لـ”تشرين”، موضحة أنها تعد قوة ثقافية مؤثرة فى المجتمع لا يستهان بها وذلك بسبب انتشارها الواسع وقدرتها على الإبهار واستيلائها على أوقات المشاهدين، وأن الهدف من الدراما الكشف عن بعض مشكلات وآفات المجتمع ونقل رسالة مباشرة أو غير مباشرة للمشاهدين، ليأخذوا العبرة منها وينقلوها إلى الأجيال القادمة بالإضافة إلى التثقيف والإرشاد والوعي والتنمية بكل أشكالها الثقافية والاجتماعية والسياسية، والاقتصادية والأخلاقية والدينية والفكرية.

تؤثر الدراما التلفزيونية في رمضان على وجه الخصوص، في القيم والأذواق، فكثير من أعمالها تتحول إلى أحاديث بين الناس، وأفكار تتحرك في المجتمع يتداولها الجميع، كما ينعكس ما تطرحه في أذواق الناس، بالطبع لأي شيء فوائد وأضرار، فعلى الرغم من أنّ الدراما أصبحت شيئاً أساسيّاً في حياتنا، فلا يخلو منزل في وطننا العربي إلّا ونجد تجمع الأسرة، خاصةً في شهر رمضان، أمام التلفاز للمشاهدة، ولكن يجب الانتباه للأعمال التي تُمثل التفكك الأسري، وخيانة الأصدقاء والإخوة، والعنف الأسري وقسوة الأب والأم، والطاقة السلبية والاكتئاب عند الشباب، والسعي وراء المال والشهرة على حساب الأخلاق، وزيادة معدلات الجرائم؛ فربّما تجد طفلًا يخطط للانتقام من صديقه، واعتناق أفكار متحررة، تؤثر بشدة في الأطفال والمراهقين؛ فعلى سبيل المثال قد تجد طفلك يحاكي بطل العمل لأنّه قدوة له، ونفاجأ بأنّ هذا البطل لص أو شخص تافه، كما نلاحظ تقليد المراهقين لملابس وتسريحات شعر الفنانين.

نشر الجريمة
وأضافت فتح الله: تظهر بين الحين والآخر أعمال فنية تقوم على دراما الجريمة تُثير جدلًا واسعاً لما تحتويه من مشاهد عنف وقتل، وتعدّ من أكثر الأنماط الفنية المثيرة للجدل في الفترة الأخيرة، والتي قد تضع الدراما في قفص الاتهام أحياناً عند تقليد البعض لتلك المشاهد، ما قد يؤدي إلى زيادة معدل الجريمة في المجتمع، خاصة تلك الأعمال التي تعمل على خلق مبرر درامي للقاتل، كمن يقتل بيده بهدف تحقيق العدالة الغائبة، أو خلق تبرير للقاتل بأنه ضحية أو يُعاني من مرض نفسي لاستجداء مشاعر العطف لدى الجمهور.

ما الجدوى من العنف؟
وتسأل فتح الله، المسلسلات لاقت مع بداية عرض أولى حلقاتها الكثير من المشاهدات من جميع الفئات، ولكن هل سألنا أنفسنا ماذا سنجني من وراء هذا العمل الدرامي وما تأثيره على المجتمع وما النتائج المترتبة على مثل تلك المشاهد المليئة بالعنف والتخطيط المتقن لفعل جرائم بمنتهى الذكاء؟، نحن بطبيعتنا نتأثر كثيراً بما يتم تقديمه على الشاشة الصغيرة ونتجاوب مع بطل العمل الدرامي؛ وبالأخص إن كان له قاعدة جماهيرية ومحبوب لدى الجمهور، ونحن لسنا متشابهين في الطباع ولا طريقة التفكير فقد تأخذ تلك المشاهد بعض ضعاف النفوس الذين ينصاعون وراء التقليد الأعمى إلى التقليد أو حتى التفكير في الشيء نفسه، لأن بطل العمل الدرامي يعد لدى البعض بمثابة قدوة لهم في تصرفاته وسلوكه، ولماذا نذهب بعيداً ولدينا بالفعل في الواقع نماذج كان لدور دراما العنف والجريمة التأثير القوي على سلوكهم وطريقة تقليدهم للشخصية في هيئتها التي ظهرت في العمل الدرامي، وكان لنتيجة تقليدهم التأثير السلبي في انتشار الجريمة وتراجع سلوك المجتمع وانحداره..

فتح الله: جرعات السّم القاتلة التي أنتجتها شركات الإنتاج في دراما الموسم الرمضاني لهذا العام تجاوزت كلَّ حدود الواقع الاجتماعي والحفاظ على ما تبقى من نسيج اجتماعي في مجتمعنا

جرعات سّم قاتلة
وحسب فتح الله، فإن جرعات السّم القاتلة التي أنتجتها شركات الإنتاج في دراما الموسم الرمضاني لهذا العام تجاوزت كلّ حدود الواقع الاجتماعي والحفاظ على ما تبقى من نسيج اجتماعي في مجتمعنا السوري، وليس غريباً أن نعيش اليوم حرباً من نوع آخر للقضاء على آخر ما تبقى من قيم إنسانية اجتماعية نحتفظ بها ونحاول إنعاشها، فمن المعلوم أن للدراما تأثيراً قوياً وكبيراً على المجتمع، كحال الإعلام في تشكيل الرأي العام وتعبئة الجماهير وخلق حالات اجتماعية وفق توجهات محددة، وما نراه هذا العام من أعمال درامية تحمل في طياتها العنف والقتل والدعارة وغيرها الكثير من القذارة اللاإنسانية التي لا تتناسب مع بيئتنا الاجتماعية وعاداتنا وتقاليدنا، لم يأتِ هذا الفكر القذر الهدام من عبث، بل كان الهدف التـأثير والسيطرة على أدمغة الجيل الذي تتراوح أعماره بين 12 و 25 سنة، وهو الجيل الأكثر متابعة اليوم للدراما ووسائل التواصل الاجتماعي.

وتضيف فتح الله: تلعب الدراما دوراً مهماً ومؤثراً في المجتمع بعدة طرق، أولها توعية المجتمع: يمكن للدراما أن تسلط الضوء على قضايا اجتماعية مهمة مثل العنف الأسري، والتمييز، والعدالة الاجتماعية، وتوعية الناس حولها وتعزيز فهمهم لهذه القضايا وتحفيزهم على تغييرها.
وثانيها تعزيز التغيير الاجتماعي إذ يمكن للدراما أن تحفز المجتمع على التغيير والتحسين من خلال تقديم قصص وشخصيات تلهم الناس وتظهر لهم أن التغيير ممكن وضروري.
كذلك إلقاء الضوء على الثقافة والتراث، حيث يمكن للدراما أن تسلط الضوء على الثقافة والتراث المحلي وتعزز الفخر بها والحفاظ عليها من خلال تقديم قصص تعكس هوية المجتمع وتاريخه.
والأمر الرابع هو الهروب والترفيه، فيمكن للدراما أن تعمل منفذاً للهروب من الحياة اليومية وتوفير الترفيه والإلهام للناس، وهذا يسهم في تحسين حالة المجتمع ورفع معنويات الناس، ولكن هذا لم يعد حاضراً اليوم في درامانا بل بات العكس تماماً. فإذا عدنا لما قبل عام 2010 كان لدينا نوع من الدراما اللطيفة الخفيفة ذات التأثير الإيجابي على نفس من يشاهدها.

فتح الله: قبل عام 2010 كان لدينا نوع من الدراما اللطيفة الخفيفة ذات التأثير الإيجابي على نفس من يشاهدها

مؤكدة أن للدراما تأثيراً إيجابياً كبيراً على المجتمع عندما يتم استخدامها وتوظيفها بشكل جيد وذكي، ومع ذلك، يجب أن نتذكر أنها مجرد تمثيل، وأنه يجب أن تكون هناك حقوق وحريات فردية واحترام لتنوع الرأي في المجتمع، وهذا هو المسؤولية الأخلاقية للمخرجين والمؤلفين غير المدركين اليوم لواجبهم الأخلاقي في بناء المجتمع وتطويره إلى الأفضل لا تهديمه أكثر مما هدمته الحرب.

دراما العنف
دراما العنف والجريمة لها تأثير سلبي على المجتمع في العديد من الأشكال، وفقاً لفتح الله، من ترويج العنف، إذ تعزز الدراما التي تركز على العنف والجريمة السلوك العنيف وتجعله يبدو مقبولاً أو مشوقاً، وهذا يقلل من قيمة السلم، والسلم الاجتماعي في المجتمع، وقد يؤدي إلى تفشي العنف وزيادة معدلات الجريمة أكثر مما هي عليه، وهذا ما نراه اليوم في مسلسلات العنف الموجهة لأدمغة الجيل الجديد الذي يتفنن صانعوها بتدريس أساليب عنف جديدة تتلذذ بها الشخصيات القائمة بها وهي تحقق متعة ولذة لمن يشاهدها، وما نراه اليوم في مسلسلات مثل (أولاد بديعة) على سبيل المثال خرج عن الإطار الدرامي في التفنن بصناعة العنف وإدخاله في عقل من يشاهده.
كذلك هناك تشويه الصورة الحقيقية، فقد يؤدي استخدام دراما العنف والجريمة لتشويه صورة المجرمين والأحداث الجرمية وإلى إنشاء تصور خاطئ للواقع، يمكن أن يؤدي هذا إلى زرع انطباعات خاطئة حول المجتمع، وخاصة إذا كان هناك تمييز عرقي أو اجتماعي مرتبط بهذه الصور السلبية، وهذا ما تطرحه أغلب الأعمال الدرامية هذا العام كمسلسل (كسر عضم- الجزء الثاني) الذي يتناول لغة الحقد وإثارة النعرات الطائفية بامتياز، بما يؤدي إلى زرع الفتن في نسيج المجتمع السوري.

فتح الله: ما نراه اليوم في مسلسلات مثل (أولاد بديعة) على سبيل المثال خرج عن الإطار الدرامي في التفنن بصناعة العنف وإدخاله في عقل من يشاهده

ويمكن إضافة مفهوم تعزيز الانتقام والردع، ففي بعض الحالات، يمكن لدراما العنف والجريمة أن تشجع الأفراد على استخدام العنف والانتقام كوسيلة للتعامل مع الصراعات الشخصية أو الإجرام. هذا قد يؤدي إلى تفشي العنف والاضطرابات داخل المجتمع، وهذا ما سيحدث في القادم إن لم يتم تعزيز الرقابة على الأعمال السورية بشكل صارم ورادع أكثر.

تجنب أثر الدراما السلبي
هناك العديد من النصائح التي يجب اتباعها من الوالدين تساعدنا في حماية أبنائنا الأطفال والمراهقين من الأثر السلبي للدراما؛ فهم الفئة الأكثر عرضة للتأثر بالأعمال غير اللائقة، والكلام لفتح الله، مثل: مراقبة ما يشاهده الأولاد من أعمال درامية، مراعاة المحتوى الذي نشاهده نحن الأهل والمربين، ضرورة معرفة العمر المسموح له مشاهدة هذا العمل الفني، تحليل ومناقشة الشخصيات والمواقف في العمل الدرامي مع الأبناء، وبيان الصحيح منها والخاطئ، وتوجيه الأبناء للسلوك القويم، وتنبيههم بالشخصيات الجيدة في هذه الأعمال والبعد عن أفعال الشخصيات السيئة، وعدم الترويج والدعم للأعمال الهابطة، والشخصيات التافهة؛ فيأتي يوماً ونجد أبناءنا قد ارتبطوا عاطفيّاً ونفسيّاً بتلك الشخصيات.
إننا إذ نعنى بالحديث عن (الدراما التلفزيونية وأثرها في المجتمع) فنحن معنيون بالإشارة إلى هذا الاختراق الثقافي الذي تقوم به وضرورة تسليط الضوء على تأثير هذا الرافد الثقافي والإعلامي على مجتمعنا الناطق باللغة العربية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار