الولادة من سوق الأعمال؟!
بات الحديث عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية في إعادة ترتيب استراتيجية جديدة للدعم عنواناً أساسياً في الاقتصاد.. لكن على الجناح الثاني لابد من التفكير بآليات جديدة لضبط قوى السوق لأنه هو الآخر معيار للتوازن فهل ننشده ونلحظه أم نبقى في غفلة؟
أما فيما يتعلق بالموارد البشرية و خريطة العمل فهنا يكمن الوجع ..لقد بات تعداد الخارجين من الخدمة أكثر من الداخلين بمشاريع جديدة ولكل أسبابه والأسباب ليست خافية على أحد لاسيما فيما يتعلق بتأمين الطاقة وارتفاع أسعارها والأحوال مكشوفة في الشارع، والباحثون عن فرصة عمل ليسوا قلة وإنما أصبح تعدادهم كبيراً.. ويتم تجاهلهم كموارد بشرية بالخطط قصيرة الأجل وحتى طويلة الأجل باستثناء ما يتم لحظه من إشارات إيجابية حول دعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر .. وتحفيز العاملين ..لكن التنفيذ لايزال على أرض الواقع محفوفاً بالصعوبات وآخرها التمويل … هل نبالغ إذا قلنا: إن آلاف الخريجين الجدد كل عام يدخلون متاهات سوق العمل دون أن يحصلوا على الحد الأدنى من تحقيق أهدافهم ..بسبب رئيسي يعد معضلة للجميع وهو الحصول على رخصة العمل والمقصود الترخيص الإداري الذي يفصّل الأعمال وفق مقياس واحد وقالب إسمنتي جامد ما يجعل الحصول عليه كمن يدخل الجمل في سمّ الخياط ..؟! وعلى كل واحد أن يتدبر حل مشكلته بنفسه وهذا ما يحاول عمله الكثيرون.
إنهم العاطلون عن العمل! وما أدراك ما يعني العاطل عن العمل؟ وماأدراك ما يعني المسكين؟ وماأدراك ما يعني الفقير؟ وما أدراك ما يعني من يعمل بأجور زهيدة؟ إنهم كثر ومنهم من فقدوا أعمالهم وأماكن رزقهم وبيوتهم خلال الكوارث, وللأسف لا أحد يلتفت إليهم!
بالمقابل البيضة والتقشيرة لقوى السوق التي باتت لا ترحم وتحصل على أرباح خيالية ولأجل خاطرهم تتسابق التسهيلات والمؤتمرات لأصحاب العيون المكحلة بالملايين والمليارات نفرش لهم السجاد ونبتسم في وجوههم ونصافحهم بحرارة وهم يرسلون مديري أعمالهم ليحسبوا لهم الكلفة والتكاليف ومقدار الربح !!
مهما يكن لا أحد ضد مستثمر أو رجل أعمال قد يقيم مشروعاً يصلح جانباً ما من القطاعات الاقتصادية..لكن هذا لا يمنع من التفكير جدياً بحال الموارد البشرية العاطلة والمعطلة التي لا تحتاج إلى كيلو سكر أو برغل أو سلة غذائية وإنما تحتاج تسهيلات ومزايا للدخول إلى سوق العمل وتأمين التدريب ضمن استراتيجية متكاملة وعبر تأمين بنوك لفرص العمل تتضمن قائمة من الأعمال والمشاريع والمهن التي تشكل بالمستقبل نسيجاً قوياً للاقتصاد السوري.
وإيجاد آليات تمكنه من التدريب والعمل بمهن بسيطة لكنها هامة وتؤمن للبلد أدوات ضرورية ولا غنى عنها في المشاريع الكبيرة فمثلاً مهن النجارة والحدادة والخراطة والكهرباء والتدفئة والتبريد والقرطاسية و العصرونية والأدوات البسيطة من مسامير وعدد صناعية وأدوات أخرى لا غنى عنها لا بل نقوم باستيرادها حتى الدبوس والإبرة والشمعة نقوم باستيرادها وهذا يعني أن هؤلاء العاطلين عن العمل يحتاجون إلى القليل من التأهيل والدعم ناهيك عن دعم القطاع الزراعي والصناعات الملحقة به وهم قادرون على الإنتاج ولديهم شغف بالعمل.
إن إعادة الإعمار تحمل في معناها الأهم التنمية البشرية والتحفيز وبناء الإنسان السوي وتوفير مقومات العيش الكريم للعائلات والأبناء والبنات وكما يؤكد المعنيون تكراراً أن الإعمار لا يعني بناء الحجر.
إن الأرباح الهائلة وغير المشروعة والتي لا تستند إلى اللامعايير تهدد المزيد بالفقر والعوز والحاجة فلماذا نتجاهل هذه الأوضاع المرضية ونترك المواطن عرضة للانحرافات الأخلاقية والمجتمعية ؟