غزة أو السؤال المر

تشرين- ادريس هاني:
تنتاب بعض النخب الثقافية والسياسية الغربية حالات ونوبات من ذكر التّفاضل والتفوق، ما يصيب الآذان بالصمم والعقل بهشاشة استقبال الحقيقة، أتأمّل أنماط الحجاج الغربي، فأكتشف أنّ هناك «إيبستمي»، وهذا وحده يفسر هذا الصمم، وبطبيعة الحال لا نشكّ في ذكائهم، لكن حين يتعلق الأمر بالغيرية، فهم مزودون فقط بملكة القراءة الفوقية، الآخرية موضوع إثنوغرافي، يقتضي الصمم والقراءة الواحدية الاتجاه.
ولمّا كان الحديث مسترسلاً في الأنسنة والتسامح ومحاربة التطرف والفساد، كان السفير البريطاني يتحدث باللغة نفسها حتى حين طرحت أسئلة حول الموقف الغربي ومعضلة النظام العالمي التقليدي، فهو يعيد الكلام نفسه، ولقد رأيت أن أخرق المناخ قليلاً لأتحدث عن ازدواجية المعايير، عن الإنتليجونسيا التي تنكرت لميراثها في التنوير والعهد الدولي لحقوق الإنسان، أم هي البلطجة الدولية وتجاهل ما هو بديهي في العدوان على غزّة والفتك بالإنسان، في عدوان لم يشهد له التاريخ مثيلاً.
أي ضمير وأي مصداقية سيستمر عليها نظام عالمي عاجز عن التّأوّه، حاضن لعلاقة غير متكافئة بين السادة والعبيد، في عالم فاقد العدالة الدولية، ليس هناك جديد في ردّ السفير، لأنه ردّ ديبلوماسي متوقّع، فنحن أيضاً نملك تحليل هذه الظاهرة، ظاهرة الهروب إلى الأمام، ولا يرجى خير من نظام عالمي فقد مصداقيته أمام غزّة المناهضة للاحتلال والظلم، لم يعد الغرب يملك رؤية جاذبة عن المستقبل.
لكن رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي توماس سيلر Thomas Seiler، كان أكثر حيوية، ليقول: لابد أن أجيبك، وأشكرك، سؤالك حيرني، استفزني.. لقد أدرك خلافاً لنظيره، أنّه محشور كسائر الانتلجونسيا الغربية في زاوية تاريخية يصعب مبارحتها بتسويغات باردة منقولة من كنانيش: كيف تكون ديبلوماسياً ناجحاً «أي هارباً كالأجرب»، في سياق وشروط جيوبوليتيكية وتاريخية لا يكفي معها جواب الآيس كريم، ولكن تبادلنا بعض الأفكار، وبدا لي أنه منفتح أكثر، فكون تعليقي هزّ بدنه، فهذا يعني أنه متفاعل جيد مع الأفكار، ليبقى سؤاله على الهامش: أنت مغربي ماذا تفعل هنا؟ اكتفيت بالقول: أنا هنا منذ البدء، يتساءل دائما الإطار الغربي حول عربي يجوس خلال الديار: ماذا تفعل هنا؟ بينما السؤال الجدي: ماذا تفعل أنت هنا؟ وعلى الأقل، بين ما أفعل وما تفعل، هناك تاريخ من الالتباس في العلائق السياسية، في تناسخ الموقف الإمبريالي، إنّ الحديث عن غزّة يؤلم من وطّن نفسه على تجاهل أخطر قضية إنسانية في تاريخنا الحديث، ولكن هناك أيضاً فرق بين ديبلوماسية لاتواصلية قاحلة، وديبلوماسية تواصلية مثمرة، إنّ حرب الإبادة في غزة، هي الإسفين الذي دقّ في نعش العهد الدولي للحقوق……

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
دول عربية وأجنبية تعرب عن تضامنها مع إيران جراء حادثة الهبوط الاضطراري لطائرة رئيسي سورية تعرب عن تضامنها التام مع إيران وتمنياتها بالسلامة للرئيس رئيسي وللمسؤولين الذين كانوا معه الخامنئي: على الشعب الإيراني ألا يقلق ولن يكون هناك خلل في عمل البلاد الاتصالات والعدل تبحثان آليات تحويل بعض الخدمات العدلية إلى صيغة إلكترونية عبر منصة «أنجز» ذهبية وفضيتان لسورية في الريشة الطائرة في بطولة العرب البارلمبية بكلفة تقديرية تتجاوز 347 مليار ليرة.. إجازة استثمار جديدة لمشروع مجمع سياحي في طرطوس الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال يوافق على إطلاق المرحلة الثانية من الدعم مجلس الشعب يناقش مشروع قانون إحداث الشركة العامة للصناعات الغذائية وزير التجارة الداخلية يذكر التجار بمسؤولياتهم المجتمعية.. ويطمئنهم : مستعدون للحوار والنقاش حول أي موضوع والتعاطي بمرونة وفق الأنظمة والقوانين بعد ملفات الفساد والتجاوزات.. هجوم شديد من أعضاء محافظة حلب على بعض المديرين.. ومطالبات بالإعفاء والتقييم المستمر