من يحتاج تعويضاً للإبداع..؟!
لم يكن الصحفي والإعلامي يتخيل قي أحلك الليالي التي مرت عليه وما أكثرها أن يتم تقدير معادل الإبداع والفكر في المهن الفكرية والصحفية خاصة بتعويض مقداره 5%، ومن قال إن المبدع يبحث عن تعويض، هو يبحث عن تقدير لجهوده ومواجهته لسنوات طويلة على مدى الحرب والأزمات والكوارث، أضف إلى ذلك الحروب الإعلامية والفكرية التي تستخدم فيها أحدث التقنيات ويتم دعمها بملايين الدولارات مقابل إعلام وطني يكافح ويعمل بظروف وأدوات وتقنيات متواضعة، لكن الأهم أنه ينجح في كل مواجهة أمام الحروب الإعلامية الخارجية بكل تقنياتها وتمويلها اللامحدود.
هل تذكرون..؟! كانت السماء السورية صافية.. قبل أن يحجبوها بالأكاذيب، تلك العيون الدائرية، التي تتحرك بسرعة كبيرة من خلف أقنعتهم السوداء، تنم عن قلق خفي من انبثاق فجر يفضح زيف انتعالهم لأرجل خشبية توحي بطول قاماتهم لخداع من أغشت عيونهم الأحزان والأوهام.. ثم جاء النصر وعادت الشمس من جديد لتبدد لحظات الظلم والليل الطويل الذي بدأ ينجلي متزامناً مع كلمة الصدق.
كان لابد للحقيقة أن تسطّر صفحات تاريخ جديد بأقلام الصحفيين والإعلاميين الوطنيين.. لم تكن الذئاب تتوقع أن تصمد الأيدي البيضاء لصحفيي سورية أمام مخالبهم وأنيابهم التي تبث السموم كل صباح.. كانوا يحاولون بكل الوسائل والطرق اعتقال كل الكلمات الصادقة واغتيال الصور التي تظهر الحقائق.. سكبوا الحبر في الرمال ومزقوا أوراق الأشجار خوفاً من أن توثق جرائمهم بحق الشعوب المسالمة، لكن الأرواح التي ارتقت إلى السماء كانت تمنح دماؤها حبراً لكتابة الحقيقة، وكانت القلوب الشجاعة تزأر وتفتك بإرهابهم الأسود .
سورية انتصرت على الإرهاب.. رغم أنف الغطرسة وصنّاع الموت، فالأقلام الجريئة الصادقة فضحت طمعهم وغدرهم ونفاقهم وإنسانيتهم القائمة على امتصاص خيرات الشعوب وتهجير شعوبها وسرقة أرزاقها .
الصحف السورية كانت ولا تزال وثيقة نصر تسجل بكل دقة تفاصيل الحرب القذرة على حياة الأبرياء، والإعلام المرئي كان عيون الشارع السوري وصوت ضميره.. والإعلام الحربي كان عيون الحقيقة وثّق ما يحدث من إرهاب دولي، ونشر على القنوات السورية المجريات بأدق التفاصيل.. كما يسجلها اليوم في الحرب على غزة، كانت الرسائل السورية واضحة وصادقة تعبر عن واقع الحال، وكانت رسائل التحالف مفبركة كاذبة تشق طريقاً للموت بالمال والتقنيات والذكاء الاصطناعي والدولار.
انتصرت سورية.. بالوفاء والمحبة للوطن والشفافية مع المواطن.. لم يكن الأمر سهلاً، حيث كان ومازال طريق الحقيقة يحتاج إلى شجاعة وطيبة وصبر وهي من شيم الصحفي والإعلامي السوري الذي أسند ظهره إلى ظهر الجندي السوري على الجبهة.. وإذ بلغت قلوب الظالمين الحناجر وزاغت أبصارهم وهم يهرولون بالفرار، والذئاب من خلفهم تعوي فيعود صداها محملاً على رياح الصحراء إليهم فيصيبهم الذعر والخوف.
هذا التاريخ الأسود الذي صنعه الإرهاب العالمي كان على مسمع ومرأى من الإعلام السوري، وسيكون شاهداً على عصر الذئاب الذين مروا من هنا وكنا لهم بالمرصاد.. واليوم حين تقدر جهود الإعلاميين بتعويض 8% و5% على الإبداع والتعب الجسدي لمهنة المتاعب.. نقول شكراً لتقديركم، لكن الإعلام الوطني لا ينتظر تعويضاً.. يكفي أننا نعمل كل يوم على تحرير العقول من الخرافات ونعطي الشعب الصامد مفاتيح المستقبل.