رصيف المنغصات
كم كان محزناً سقوط ذاك الطفل أرضاً، نتيجة تعثّره بإحدى حفريات الرصيف المخرب أثناء ذهابه في الصباح إلى مدرسته، وقد هرع المارة لمساعدته حتى استطاع “نصب طوله” ولملمة أوجاعه، وهي واقعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، إذ إن هذا الرصيف وغيره الكثير لم تشهد أي صيانة أو تجديد منذ سنوات طويلة.
ولكم كان محرجاً ما حدث لإحدى طالبات الجامعة عندما كانت متجهةً إلى كليتها، حيث مرت سيارة مسرعة ولطختها بمياه المستنقع الذي تشكّل أثناء الأمطار من جراء حفريات الشارع المتهالك كما غيره الكثير، وقد عادت أدراجها خائبة متغيبة عن محاضراتها، كيف لا ومظهرها لم يعد مقبولاً بعد أن تبللت ثيابها وتلطخت بالوحل.
وإذا وسعنا الحدقة بذات السياق، فإنّ منغصات أخرى عديدة حاضرة، ولاسيما اضطرار المارة للسير غير الآمن على قارعة بعض الطرقات الرئيسة معرّضين أنفسهم لخطر الحوادث، وذلك نتيجة سيطرة البسطات على بعض أرصفتها وأجزاء ليست بقليلة من جسمها، يضاف لها عامل منفر آخر، يتمثل بتراكم النفايات على بعض جنبات الأرصفة، نتيجة رميها بلا أيِّ حسٍّ بالمسؤولية من بعض السكان وأصحاب المتاجر، بالرغم من أن الحاويات تتوضع بالجوار ولا يكلف بلوغها أي عناء، أيضاً لمياه الشطف المتساقطة من شرفات بعض الشقق عبر المزاريب المنطلقة في الهواء دورها في الابتعاد عن الأرصفة.
ولا يقل تنفيراً الوجود الكثيف للمتسولين، الذين يطالعون المارة أينما اتجهوا وحلوا، وهم ذاتهم الذين يتوزعون كل يوم على أرصفة محددة من الطرقات، حتى إن المرء يكاد لا يفلت من بعضهم ولو كان داخل بعض المديريات أو العيادات أو المتاجر، لأنهم لا يتوانون عن دخولها وإحراج الموجودين أمام بعضهم ليضطروا لتقديم المال.
إذاً، طرقاتنا وأرصفتها ليست على ما يرام، وتحتاج إلى صيانات إسعافية تحجب أضرارها عن المارة، كما لا يمكن استمرار تجاهل تنظيم توضّع البسطات في أماكن مناسبة لمنع عرقلة الحركة على الأرصفة والشوارع، ومهم أيضاً ضبط وردع من يلقون القمامة عشوائياً خارج الحاويات، ومن يطلقون مزاريب منازلهم في الهواء، أما علاج ظاهرة من يمتهنون التسول، فيفترض أنه بعهدة جهات الشؤون الاجتماعية والعمل وعليها تدبيرها.