نقرع جرس التنبيه للتوقعات!
الفرق كبير وشتان بين التوقعات والأمنيات واستشفاف المستقبل ..فثمة من ينام ويحلم وثمة من يخطط لإنجاز جديد ويعمل ويسعى ..انتبه الفرق يبدأ من الثقافة المادية والاستهلاكية وقد هيمنت على الأبعاد الإنسانية والحياتية .. تخبرنا البلورة ..أن الزوج قد يقضي شهراً لترتيب مشروع أو عمل أو صفقة لكنه يعتبر حديث زوجته عن البيت والأولاد مضيعة للوقت! والزوجة قد تقضي في النوم أو على وسائل التواصل ساعات وساعات لكنها تبدو منشغلة وغير مبالية بمشكلة تتعلق بفشل ولدها في تكوين صداقات، والمسؤول قد يستقبل وفداً ويستمر اللقاء ما ينيف على ثلاث ساعات للحديث عن جدلية مثلاً لماذا نجح الغرب وفشل الشرق؟! لكنه لا يسمح لموظف عنده بأكثر من خمس دقائق لشرح اقتراحه حول أجندة لتطوير العمل!!
أمام البلورة السحرية يمكن لكل عاقل أن يرى عيوناً تتأرجح فيها أوجاع دفينة نقرع جرس التنبيه .. ألم يأت الوقت لفتح القلوب قبل الأبواب؟ ولاسيما للشرائح المغيبة من الفقراء والمعترين ممن ضاقت بهم السبل في أبسط أولويات الحياة في عصر لا يعترف بالأخلاق ويعتبر القانون لا يحمي المغفلين والضعفاء !!!
الكثير من الأوراق الصغيرة والمحمولة بالرجاء والأمل يتم وضعها بخجل واستحياء داخل صناديق الشكاوى وللأسف نادراً ما تجد آذاناً مصغية وإرادة حقيقية للتقصي والتدقيق في تلك الشكاوى ولعل صفحات التواصل حلت جزءاً مهماً من المشكلة عندما أتاحت إمكانية نشر الشكاوى عبر صفحات الويب وعلى الرغم أنه لا تكاد تخلو مؤسسة أو هيئة من بريد خاص للشكاوى إضافة إلى الصندوق الأسود! لكن الكلمات والآهات غالباً ما تذهب أدراج الرياح، فالضجيج الأبيض يستحوذ على السمع والوقت لا يكفي لتقليب الأوجاع وقراءة الهموم حتى لأقرب الناس لنا !
وهكذا تخبرنا البلورة أن في صدر كل واحد شكاوى مكتومة، وما أن يجد أذناً تسمعه حتى يلقي كل ما في صدره من تنهدات من الظروف المعيشة والشدة والأولاد والزوج أو الزوجة والعمل ومن الراتب ومن السوق ومن الحكومة ومن المدير ومن الموظف ومن الأصدقاء وغير ذلك .
وقد تنطفأ البلورة لكثرة الشكوى وتصير الحياة صعبة ومليئة بالهموم وتتحوّل الأمنيات إلى ذلك النتوء الذي يجرح القلب ويسمح للهموم بالدخول إليها، والاستيطان بها ..وبدلاً من أن نطفوا فوق بحر الهموم يتسرب الهم إلى القلوب فيغرقها !
فحبذا لو نضيء بصيرتنا ..ونترفق بقلوب من حولنا ولو بكلمة طيبة، فكسر القلب لا يأتي إلا من تكبر وأنانية والحياة لا تغلق أبوابها بوجه أحد ..دائماً هنالك بركة ورحمة وإن في رحم كل ضائقة أجنة انفراجها ومفتاح حلها ، وإن لجميع ما نعانيه من أزمات حلولاً مناسبة إذا ما توفر لها عقل المهندس ومبضع الجرّاح وقلب محب يمد يد العون والمساعدة.