نظارات شفافة لعام ٢.٢٤م؟!
يبدو وكأن السر في النظارات.. إذا كانت العدسات حمراء ستجد كل شيء أحمر وإذا كانت صفراء ستجد كل شيء أصفر وربما تظن أن اللون الأصفر هو حالة طبيعية للحياة.. وعند الوصول إلى هذه القناعة ينصح صناع المستقبل بارتداء النظارات الشفافة كي ترى الأمور على حقيقتها..
ومع اقتراب العام الجديد 2024م بالرؤية السليمة إذا لم يكن الهدف هو الإنسان.. كرامته رفاهيته أمنه حاجاته.. فما حاجتنا إلى التنمية وما قيمة صناعة الحياة؟ الاستثمار في الإنسان ضمن “رؤية المستقبل” هو هدف التنمية لأنه الأهم بين كل الاستثمارات، والاستدامة في هذا المجال هي أيضاً ثابت من الثوابت التي يحب أن نشير إليها في كل إستراتيجية وفي كل قرار وفي كل خطوة نحو التنمية الشاملة.
وعندما تفوز المواهب العربية واليافعين الشباب بمراكز أولى وأخرى متقدمة في الأولمبياد والمسابقات العلمية وغيرها، فهذا في الواقع يعكس طموح الوطن والمواطنين نحو اعتلاء أعلى المنصات العالمية، وتؤكد توجهات المجتمعات العربية ببناء الحياة مع جيل كريم ومبدع وجبار وعظيم.
الإنجازات المشرفة التي تحققها المواهب العربية في مختلف الميادين الثقافية والرياضية والعلمية والأدبية والفكرية والصناعية.. تؤكد حقائق موجودة على الأرض، في مقدمتها وجود الكفاءات العربية الواعدة في كل المجالات، بما في ذلك ميدان الابتكار المليء بالأفكار، والتي تحتاج الى تربة وبيئة مناسبة ليكبر ويزدهر وقد أثبت الانسان العربي في معظم المناسبات، أنه يتمتع بكفاءات ومهارات عالية، هي في الواقع أساس لمسار التنمية والبناء الاقتصادي، كما أنها الثروة الوطنية الحقيقية، التي تكفل في النهاية النجاح لكل مسار يستهدف مستقبلا مزدهرا واعداً منتجاً قوياً للبلاد، بما يليق بقدرات وطموحات الناس والمجتمعات العربية.
وبذلك، فإن ما نأمله للعام الجديد سياسات تساعد في رعاية هذه المواهب لاسيما تلك التي لا تمتلك الامكانات اللازمة ودعم مؤسسات الأولمبياد وإجراء إصلاحات وريادة وتميز في الأداء والمستقبل مرهون بمدى رعاية هذا الجيل من الشباب والرواد وعقول الأبناء والبنات، وتحفيزهم على بناء مستقبلهم في مجتمعاتهم مع عائلاتهم وأصدقائهم وأحبابهم.
لكن.. ما يجري على الواقع مؤلم إلى حد كبير فخريجي أغلب الجامعات على سبيل المثال لا يكادون يجدون فرص حقيقية لمتابعة تحصيلهم العلمي والأكاديمي إلا عبر قنوات تتطلب ما ليس في طاقتهم وطاقة أهلهم باستثناء عدد محدود ممن تتاح لهم الفرص بالحصول على منح ومقاعد للدراسات العليا في بعض الجامعات.. وماذا عن آلاف الخريجين؟.. الكل يفتش عن فرصة لصنع الحياة وثمة من يتلقفهم واليوم لا نتوجه للحكومة.. بل نصوب البوصلة نحو قطاع الأعمال الخاص الذي لم يقم حتى الآن بدوره المفترض تجاه الموهوبين من خلال تشجيعهم، واحتوائهم، وتوفير الدعم الحقيقي عبر التدريب والتطوير، واستغلال الإمكانات الاستثنائية.
كما أن الجامعات هي الأخرى لم تقدم مبادرات مؤثرة على صعيد الموهوبين، رغم أهمية دورها وضرورة وجودها بفاعلية في هذا الشأن، لكونها الأساس الذي يبني أجيال المستقبل، وبالتالي فإنه ينتظر منها مواكبة هذه النجاحات وتبني المبدعين وتقديم كل ما من شأنه تأهيلهم واستثمارهم بالشكل الأمثل لمصلحة مستقبل الجيل الجديد.