كيان الاحتلال يستجدي الهدن في غير زمانها وللمقاومة كلمتها.. صورة «إسرائيل» تتحطم وأميركا تواصل حصار غزة

تشرين – راتب شاهين:
إن البحث الإسرائيلي عن إنجاز بانتصار ولو بالشكل، أو صورة تلملم الحطام، يقدم لليهود المتجمعين في فلسطين المحتلة، ويعيد عقارب ساعة الإحساس بالأمن إلى ما قبل السابع من تشرين الأول الماضي، يصبح كل يوم أبعد من ذي قبل، فزمن الهدن المؤقتة انتهى، وزمن الكذب يقترب من النهاية، والصورة الحقيقية بدأت بالانقشاع، بعد انحلال الصورة الخادعة التي كانت تغطيها، حيث إن أرض اللبن والعسل لم تعد كذلك، مع اتضاح صورة الحرب الدائرة منذ أكثر من ثمانية عقود لليهود أولاً ومن ثم للعالم الذي كان يشاهد فلسطين بعيون صهيونية، فـ«أرض الميعاد» تحولت إلى مطحنة لأحلام القادمين من شتى بقاع الأرض، وخاصة مع اتضاح صورة الحق التي تقول إن فلسطين ملك للعرب وإنه لا يوجد ما ادعي بأنها «أرض بلا شعب» هنا في هذا الشرق، الذي منه يُسطر تاريخ جديد للحضارة، ولعالم أقرب ما يكون أفضل عما هو في عصر الأحادية الأميركية.

«إسرائيل» في العلن تقصف وتدمر وفي السرّ تستجدي الهدن عبر وسطاء

وهذه «إسرائيل» في السرّ غيرها في العلن، في العلن تقصف وتدمر، لإرسال رسائل قوة إلى الإسرائيليين أولاً، لعلهم يستشعرون الأمان، ويبدؤون بحزم حقائبهم للعودة إلى مستوطنات غلاف غزة أو إلى المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، ومن ثم للعالم الغربي بأنها، هي هي، لتقديم المزيد من الاستثمارات في شركتهم الإسرائيلية، بينما في السرّ تستجدي الهدن عبر وسطاء، لكن للمقاومة كلمتها.
المقاومة الفلسطينية قالت كلمتها: «إن وقت التهدئة المؤقتة قد انتهى»، رداً على اقتراح إسرائيلي لإطلاق سراح الأسرى ووقف القتال في قطاع غزة، ووقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام.
المفاوضات بشأن إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة، تراوح مكانها، بسبب أن «إسرائيل» تريد هدنة لفك أسراها، ومن ثم العودة إلى قصف القطاع بلا قيود، بالمقابل المقاومة الفلسطينية تصر على وقف إطلاق النار بشكل كامل وانسحاب جيش الاحتلال .

الصورة الحقيقية لـ«طوفان الأقصى»
الصورة الحقيقية التي خرجت بها «طوفان الأقصى» لفلسطين وقدمتها للرأي العالمي، آتت مفاعيلها، مع ما تقدمه المقاومة اليمنية من دعم لإخوتها في المقاومة الفلسطينية، حيث للمرة الثانية من تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي يتم فيها القبض على الجذور الحقيقية التي دفعت الغرب الرأسمالي لتكوين «إسرائيل»- إنها جميعها مرتبطة بالاقتصاد والثروة ونشاطها التجاري- ففي المرة الأولى قطع الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود إمدادات النفط خلال حرب تشرين عام 1973، عن الدول الغربية المؤيدة لـ«إسرائيل».
بعد إعلان ماليزيا أنها ستمنع شركة الشحن الإسرائيلي «ZIM» من الرسو في أي من موانئها، رداً على تصرفات الكيان الإسرائيلي التي تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية والقوانين الدولية، رفضت سفن حربية صينية منتشرة في البحر الأحمر مساعدة سفن شحن إسرائيلية في باب المندب.
وأوردت وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية أنه «على الرغم من أنّ الصين لديها سفن حربية في المنطقة، إلا أنّ هذه السفن لم تستجب لنداءات المساعدة السابقة من السفن التجارية، على الرغم من أنّ بعض السفن التي تعرضت للهجوم كانت لها صلات بهونغ كونغ.

الاستثمار الرأسمالي الغربي في الشركة التي تسمى «إسرائيل» خاسر ولابد من تصفيتها
ومع «مرفأ إيلات شبه المعطل»، بعد أن اختارت بعض شركات الشحن تجاوز «إسرائيل» وعدم التعامل معها، ستغدو« إسرائيل» أكثر وحدة وغرابة وحولها «ائتلاف دولي ضعيف»، وسينكشف هذا الاستثمار الرأسمالي الغربي على هشاشته وستتحول «إسرائيل» إلى شركة اقتصادية خاسرة، لابد لها بعلم الاقتصاد المبني على المنفعة من تصفيتها، وهذا برهن الوقت فقط.
ضغط القوات المسلحة اليمنية من باب المندب على الكيان الإسرائيلي ومنعها السفن من الجنسيات كلها المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من الملاحة في بحر العرب والبحر الأحمر، حتى رفع الحصار عن غزة وإدخال ما يحتاجه أهلها من غذاء ودواء، يجعل الأمر أكثر صعوبة على الكيان الإسرائيلي بالاستمرار في حربه على غزة وحتى في البقاء.

أميركا تواصل حصار غزة
إنها حرب الوكالة، حرب أميركا على غزة، حرب هذا القوة العظمى الأميركية بأيدٍ إسرائيلية على قطاع محاصر، أغلب سكانه لاجئون من أماكن أخرى من فلسطين، فبناءً على طلب من الولايات المتحدة الأميركية أجّل مجلس الأمن التصويت على مشروع قرار يطالب بإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، حيث من المتوقع أن يجري التصويت، اليوم الخميس، بعد أن كان مقرراً مساء أمس الأربعاء.
كل هذا التأخير في التصويت وذلك للمرة الرابعة، هو بسبب أن الولايات المتحدة غير راضية عن أن مشروع القرار يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة في غزة للمراقبة الحصرية لجميع شحنات الإغاثة الإنسانية المقدمة إلى غزة براً وبحراً وجواً لتلك الدول التي ليست أطرافاً في الصراع.
أميركا العظمى قلقة من الإشارة إلى وقف الأعمال العدائية، ومطالبة «إسرائيل» بالسماح وتسهيل استخدام كل الطرق البرية والبحرية والجوية المؤدية إلى قطاع غزة وفي كل أنحائه لإيصال المساعدات الإنسانية، وقد استخدمت واشنطن الـ«فيتو» مرتين ضد تحرك في مجلس الأمن منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول، لدعم « إسرائيل» وإرسال رسائل للدول المعنية في مجلس الأمن الدولي بأنها خلف الكيان الإسرائيلي في حربه المتواصلة لإبادة الشعب الفلسطيني.
لكنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد «فيتو» بلاده، واصل ذر الرماد في العيون، عندما قال في المؤتمر الصحفي السنوي لنهاية العام: «إن واشنطن تؤيد تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة».. كيف ومتى؟ لا أحد يعلم أو يفهم موقف واشنطن، وخاصة إذا كان من خارج المنطقة وغير ملم بتفاصيل الصراع فيها.
حقيقة الموقف الأميركي من وقف إطلاق النار ظهرت في تصريح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بأن الخوف من وقوع حرب إقليمية واسعة في الشرق الأوسط سوف يختفي على الأرجح بمجرد انتقال «إسرائيل» إلى المرحلة التالية في الحرب في قطاع غزة.. أي الانتقال من العمليات العالية الكثافة إلى مهام أكثر استهدافاً، حسب الرؤية الأميركية، التي يجلس ضباطها في غرف الاستخبارات الإسرائيلية لإدارة الحرب على غزة.

مع بدء موسم الانتخابات الأميركية.. بايدن يحمل هموم الأسرى الإسرائيليين في غزة أكثر من شعبه الأميركي

يبدو أن موسم الانتخابات الأميركية ينطلق ويستمد تصاعده من ولاية أميركا الأهم «إسرائيل»، حيث إن قلب الرئيس الأميركي على الإسرائيليين الأسرى أكثر مما هو على شعبه الأميركي، إذ قال الرئيس الأميركي جو بايدن: إن إدارته تواصل التركيز على «تأمين إطلاق سراح «الرهائن» المحتجزين في قطاع غزة، متناسياً الآلاف من الفلسطينيين في سجون الاحتلال، كما يتناسى موقف بلاده السلبي من جلسات مجلس الأمن، التي تدرس الدعوة لوقف إطلاق النار بين طرفي الصراع، ليس إلا.

ليس أجمل من الحلم.. «فلسطين دولة مستقلة»
مع صمود المقاومة بوجه آلة القتل والتدمير الإسرائيلية- الأميركية، العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية وحتى الصحية، ليس أجمل من الحلم الذي له بقية «فلسطين دولة مستقلة».
سفير فلسطين لدى فيينا صلاح عبد الشافي صرح بأن السلطات الفلسطينية ترغب بإجراء انتخابات جديدة في دولة مستقلة كجزء من الحل السياسي للصراع.
وقال عبد الشافي لوكالة «سبوتنيك»: «هذه المرة نريد إجراء الانتخابات في إطار القرار السياسي وفي إطار الدولة المستقلة».

على الهامش
إن «طوفان الأقصى» وما تبعها من همجية إسرائيلية، غيرت معادلات في الصراع العربي- الإسرائيلي، وصولاً إلى إزالة «الغباشة» عن الصورة المقدمة من طرف الصهيو- أميركي للعالم عن قضية فلسطين المظلومة في المحافل الدولية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار