حصار وتجويع!!
أنا وأنت والبشر.. لا نختار الظروف ولا العصر الذي نعيش فيه، لكن إعادة مشهد الإنسانية والتفاعل مع ما يحدث في غزة ومحاولة غرس القيم الروحية الأصيلة في الإنسان العربي، وإعادة تربيته من خلال ما يراه ويسمعه من قصص صمود وصبر وثبات فاقت الخيال قد تولد لديه الوعي الكامل بالظروف المحيطة به ، ويمكنه بذلك استنباط طرائق التغيير في تنامي قدراته وإغناء ذاته والتوجه نحو هدف حقيقي ووعي يجنبه الوقوع في حفر الآخرين .
ثمة خلل بالرؤية أو باللوحة الإنسانية في العالم و..ازدواجية بالمعايير لكن خذلان الآخرين لا يهم ..لأن الطبيعة منذ خلقت كانت غنية بالألوان والأصوات ونغمات الحياة الجميلة ..؟! لكن أن تصبح الألوان باهتة وتصمت الحياة وكأنها خائفة من وحش أسطوري يلتقط أنفاسها فهذا أمر غريب !! وأين هو التنوع وقد تشابهت الوجوه إلى درجة أنه تكاد تكون أقنعة فخارية بلا ملامح ؟ من يريد هذه المشاعر المعلبة التي يتم استيراد أردأ أصنافها بل بقاياها المشوهة !
الكل يريد الخروج من صدفته والهروب من قيمه وتراثه رغم أنه لم يجد البديل.. فقط يريد أن يهرول إلى الشارع !! وخلف النافذة زجاج شفاف ومن ينظر إلى الطريق يرى البشر يهرولون أشواطاً وأشواطاً إلى أن يسقطوا في حفر عميقة ويغطوا رؤوسهم بالرمال !!
ليست المشكلة في القيم ولن تكون يوماً لكنها مشكلة العقل الذي بدأ يفسد بفعل الإدمان على العولمة والسعي نحو التغيير من دون أن يعي أي تغيير يريد فقط القفز من الواقع إلى أي مجهول !!
ويزيد من غرابته ذلك السيل العارم من الإعلام الثقافي الذي يشيع البلبلة والسطحية والجهل المركب.
القضية هي معرفة ما إذا كان هذا الاندفاع الطوفاني إلى الأمام أو التخلف أو الجمود وهل هو أمر يجري على أساس القبول أو الرفض ؟! واذا كانت (حوامل) الثقافة العصرية من إذاعة وتلفزيون وفضائيات.. لها التأثير الواسع الانتشار بإملاء كل ما يراد قوله على السامع أو المشاهد وهو في عقر داره، ولما كانت تذيع السيىء والرديء إلى جانب الجيد، وتنشر مآثر الثقافة الكلاسيكية إلى جانب الهزل الرخيص، فإن المردود الثقافي سيكون سلبياً وتختلط فيه القيم في فوضى عجيبة تكشف مع مرور الوقت عن وجود الكثير من المسامير في المقاصد الإنسانية.