غزة يا بسمة الحزن
تتقاطع الأصوات النائحة فوق غزة, وبالحبر العربي يكتبون كلاماً عبرياً.. أصبحنا نفهم لغة النذالة والإغضاء على الذل، ونشر اليأس فكل المسارب تؤدي إلى طاحونة الولايات المتحدة وإسرائيل.. ما يجري الآن هو الدفن .. يحلمون بالشبكات الأمريكية وبالسياح الإسرائيليين وبالخلاص من المقاومة المشاكسة .. يأملون بأن نقع مثل العصفور المجذوب في فم الأفعى الفاغر باتجاهنا ..
لكن المقاومة لم تكن يوماً تتلهى بحصد الريح!
إنها ضمير .. ضميرنا جميعاً .. تعيش في وجداننا كالشجرة المباركة التي تروّت بالدم وأرست جذورها عميقاً واتصلت بالأشجار جميعا..ً ولن يكون في مقدور من ينظرون وينتظرون .. اقتلاعها.
كثيرة القصص في غزة ..لابد أن نتشارك الحزن على الأقل ..أقرأ على إحدى الصفحات قصة لفتاة فلسطينية تروي ما يمر به أهالي غزة من خوف وتهجير وفقد .. وأنقل حزنها كما وقع في قلبي وانهمر من عيوني ..
تروي الفتاة: في غزة لايوجد إنذارات، تكون جالساً وفجأة تسقط عليك قذيفة”.. كانت فكرة تحمّل حرب أخرى مرعبة.
كانت الأمهات يواسين أطفالهن بالقول: “إذا قصف منزلنا وهلكنا جميعاً معاً، فلن نعاني من أي حسرة”.
في 14 تشرين الأول تلقى جميع السكان في منطقتي تحذيراً من القوات الإسرائيلية بأن شمال غزة سيصبح منطقة حرب وأنه علينا أن نتجه جنوباً نحو “منطقة آمنة”، لقد شعرت بالذعر مرة أخرى عند سماع هذا الخبر.
بكيت حتى انقطع صوتي، لم أستطع تحمل فكرة فقدان أي شخص…حزمنا الأساسيّات مثل المستندات وبعض الملابس والطعام، لم تكن هناك سيارات متاحة لنقلنا إلى الجنوب، ما اضطرنا إلى حمل كل شيء بأنفسنا.
استيقظت أنا وعائلتي في وقت مبكر من صباح يوم 20 تشرين الأول ..كان الصمت المخيف والمثير للقلق عالياً لدرجة أننا، للحظة، نسينا أننا في حرب.
في طرفة عين، اخترق لهب ساخن مليء بالدخان المنزل، لم أتمكن من رؤية أي شيء وعلقت قدماي، لم أتمكن من تحريكهما، ولكن شعوراً داخلياً كان يقول إن أفراد عائلتي لم يصابوا بأذى، استغرق الأمر مني ثانية لأدرك أنه تم استهدافنا بصاروخ، فكرت: “هكذا تشعر عندما تكون تحت الأنقاض”، بقيت هادئةً ومددت ذراعي لأتأكد من دفني بالكامل، وتنفست رائحة المتفجرات الخانقة مع الأكسجين. كان كل شيء مظلماً وصامتاً حتى سمعت أصوات خالتي وابنة عمي وأمي.
نظرت إلى والدتي، وكان وجهها ملطخاً بالدماء ونصف جسدها لايزال تحت الأنقاض؛ ثم رأيت إخوتي.. لقد تحققت لمعرفة ماإذا كان أفراد الأسرة الآخرون بخير، لكنني لم أتمكن من سماع صوت أختي أو رؤيتها، وعرفت أنها كانت تحت الأنقاض بالكامل.
في غضون ثوانٍ، أصبحت عائلة مكونة من ستة أفراد عائلة مكونة من خمسة أفراد، كل ما كنت أفكر فيه هو لماذا؟ لقد فعلنا ماأمرونا به، كنا جميعاً مدنيين. أليس من المفترض أن نكون في “المنطقة الآمنة”؟