الاستثناء السوري.. عندما تحضر سورية تحضر فلسطين واحدة موحدة.. القرار للمقاومين وللميادين ومازلنا أمام فرصتنا الأهم لكتابة تاريخ جديد

تشرين – هبا علي أحمد:

عندما تكون سورية ممثلة بالسيد الرئيس بشار الأسد في قمة لجامعة الدول العربية، تحضر فلسطين بشكل قوي بكل آلامها وآمالها وتفاصيلها الدقيقة الكلية التي لا تقبل التجزئة.. عندما تكون سورية تكون فلسطين واحدة موحدة وليس غزة وحدها أو الضفة أو الـ«48».. عندما تكون سورية ممثلة برئيسها تُنسى وتُمحى كل التسميات، ويبقى اسم فلسطين وقضيتها بكل جزئياتها هما الجوهر والأساس.. وعندما يكون الرئيس حاضراً يكون الاستثناء حاضراً، حيث لا عبارات مكررة ولا إدانات لا طائل منها إلا الإطالة، بل توصيف استثنائي للواقع والحقائق، ووضع الأمور في مسارها الحقيقي لاستغلال اللحظة بما يخدم قضايانا في المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، أي فيما معناه رسم خريطة طريق للمقاومة ولا شيء غير المقاومة حيث لم يعد للسياسة أي دور، وإذا لم تُستغل اللحظة فإن كل الدماء تضيع.
أعطى السيد الرئيس في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي عقدت في السعودية، أمس، لبحث العدوان الإسرائيلي المتواصل للشهر الثاني على التوالي توصيفاً دقيقاً لما نحتاجه جميعاً في هذه المرحلة.. «فالمعادلة الواضحة جداً لا يمكن أن نعزل هذا الإجرام المستمر عن طريق تعاطينا كدول عربية وإسلامية مع الأحداث المتكررة بشكل مجزأ ومجتزأ من القضية الفلسطينية، وإن استمرارنا في التعامل مع العدوان على غزة اليوم بالمنهجية نفسها يعني تمهيد الطريق من قبلنا لإكمال المذابح حتى إفناء الشعب وموت القضية»، وبالتالي لا بد من التبدل وتحويل السلوك والمسار عبر الخروج من عنق الإدانات والمشاهدة الصامتة والتسويف إلى تفعيل عمل عربي وإسلامي حقيقي وملموس يتوافق ويتطابق مع مسار المقاومة التي لم تنتظر المواقف الرسمية السياسية بل تجاوزتها بمراحل سيصبح من الصعب اللحاق بها إن لم تنهض الدول العربية الرسمية في هذه اللحظة، وإن لم يتفعّل مثل هذا المسار فنحن أمام اعتداءات متكررة حيث يتفوق العدو دائماً على نفسه في الهمجية والشهية لدماء الأبرياء.
الحديث عن سلام مع عدو محتل من قبل البعض هو حديث نتيجته حتمية الفشل، إذ أشار السيد الرئيس إلى أنه مع «اثنين وثلاثين عاماً من سلام فاشل، نتيجته الوحيدة المطلقة غير القابلة للنقض أو التفنيد هي أن الكيان ازداد عدوانية، والوضع الفلسطيني ازداد ظلماً وقهراً وبؤساً»، للتذكير بأن لا سلام مع عدو، وكل يوم يمر قبل غزة وخلال العدوان عليها وما بعدها إن لم تتخذ الإجراءات اللازمة والفاعلة تؤكد أن السلام غير موجود في قاموس المحتل، لأن السلام الذي يزعمه المحتل هو الاستسلام وتصفية القضية الفلسطينية بكاملها وهو ما يعمد إليه من خلال مخططات الاستيطان والتهجير والاستهداف الممنهج لكل مقومات الحياة وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع حيث عدوانيته تتحدث عن نفسها وإجرامه يتفوق عليه ويتجاوزه.

كيف يمكن أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته، وهو المسؤول الأساس عن الاحتلال عبر شرعنة كل جرائمه ومجازره؟

عقودٌ من «السلام» المزعوم من قبل البعض ولدى البعض مع العدو واتفاقيات التطبيع لم تُعِد الأرض ولا الحق لا في فلسطين ولا الجولان، وبالتالي لم يعد للحديث عن دولتين وعمليات السلام وغيرها من التفاصيل أي جدوى وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس، ويمكن عدها بمثابة رسالة تذكير لما أنتجته تلك العقود من فشل عربي في وضع حد لشراهة الدم الإسرائيلية في مقابل إمعانٍ في الاحتلال والعدوان، كما هي دعوة لمراجعة الحسابات والاستفادة من الدروس والتجارب والاستفادة مما يحصل اليوم في غزة وأخذ العبرة على قساوة الدرس، للبدء بمرحلة جديدة أسست لها أساساً المقاومة الفلسطينية الباسلة وفتحت أبوابها، وما علينا إلّا استغلال اللحظة الإقليمية والدولية على حد سواء والكف عن ترهات تحميل المسؤوليات لغيرنا، فكيف يمكن أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته وهو المسؤول الأساس عن الاحتلال عبر شرعنة كل جرائمه ومجازره؟ ولماذا على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته ونحن أولى من يتحملها من باب الواجب الإنساني والأخلاقي والحتمية التاريخية والجغرافية والعربية؟، لماذا ينتظر العرب المساعدات والسماح بفتح المعابر بدلاً من أن يكسروا القيود بأنفسهم ويفتحوا المعابر بملء إرادتهم وقرارهم.. أليست دماء الأطفال كافية لتحرير القرار؟

لماذا على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته، ونحن أولى من يتحملها من باب الواجب الإنساني والأخلاقي والحتمية التاريخية والجغرافية والعربية؟

تحدثت سورية بلسان الأبرياء من النساء و الأطفال الذين ارتقوا شهداء، ورغم ذلك لم يشفع لهم بيان القمة الاستثنائية بل لاحقهم بالمزيد من الإدانات والدعوات والمطالبات والمراوحة في المكان والدوران في حلقة مفرغة، إذ كان الأجدى من المطالبة بكسر الحصار على غزة ومناشدة المنظمات الدولية، وضع خريطة عمل عربية لكسر الحصار، والأجدى من دعوة مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار حاسم وملزم يفرض وقف العدوان ويكبح جماح سلطة الاحتلال، أن يُتخذ القرار إقليمياً أيّما تكون الطريقة والمسار.
الحقيقة الوحيدة هي أن الكلام اليوم للميدان كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.. الميدان على امتداد جغرافيا الإقليم، والفعل اليوم للمقاومة باعتبارها الطريق الوحيد والضمان الأساس الذي يصنع الحاضر والمستقبل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
دول عربية وأجنبية تعرب عن تضامنها مع إيران جراء حادثة الهبوط الاضطراري لطائرة رئيسي سورية تعرب عن تضامنها التام مع إيران وتمنياتها بالسلامة للرئيس رئيسي وللمسؤولين الذين كانوا معه الخامنئي: على الشعب الإيراني ألا يقلق ولن يكون هناك خلل في عمل البلاد الاتصالات والعدل تبحثان آليات تحويل بعض الخدمات العدلية إلى صيغة إلكترونية عبر منصة «أنجز» ذهبية وفضيتان لسورية في الريشة الطائرة في بطولة العرب البارلمبية بكلفة تقديرية تتجاوز 347 مليار ليرة.. إجازة استثمار جديدة لمشروع مجمع سياحي في طرطوس الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال يوافق على إطلاق المرحلة الثانية من الدعم مجلس الشعب يناقش مشروع قانون إحداث الشركة العامة للصناعات الغذائية وزير التجارة الداخلية يذكر التجار بمسؤولياتهم المجتمعية.. ويطمئنهم : مستعدون للحوار والنقاش حول أي موضوع والتعاطي بمرونة وفق الأنظمة والقوانين بعد ملفات الفساد والتجاوزات.. هجوم شديد من أعضاء محافظة حلب على بعض المديرين.. ومطالبات بالإعفاء والتقييم المستمر