الخبراء يحذرون من خطورة مرحلة التقاعد وينصحون بتأخيرها

تشرين:
قد يكون بلوغ سن التقاعد هو الوقت الذي ينتظره معظم الموظفين لترك العمل، وتخصيص أغلب أوقاتهم للاسترخاء والاستمتاع بحياة خالية من المسؤوليات الوظيفية.
وبالنسبة للكثيرين، يعد التقاعد أمراً طبيعياً بعد مسار مهني حافل وطويل، فالوصول إلى هذه المرحلة يأتي كتتويج لمسيرة عمل قد تكون استمرت لأكثر من 35 عاماً.
ولكن التعاطي مع فكرة التقاعد بات محل نقاش في الآونة الأخيرة، ففي وقت يعتبرها الموظفون المرحلة التي سينعمون بها بالراحة، يحذر الكثير من الخبراء من أن الصورة الوردية التي تم خلقها عن مرحلة التقاعد، هي غير حقيقية بتاتاً، فالحياة بعد التوقف عن العمل للأبد، لن تكون بالبساطة التي تم وصفها لنا، وهذا ما دفع الكثير من الخبراء للتحذير من خطورة التوقف عن العمل كلياً، مع التشديد على ضرورة أن يكون هناك خيارٌ يتيح لمن يريد بتأخير تقاعده، مع مراعاة التغيرات الجسدية والنفسية التي يمر بها الإنسان في أعمار معيّنة.
وقديماً لم يكن هناك عمر معيّن للتقاعد، حيث كان الأفراد يستمرون في العمل ما داموا قادرين على ذلك، ولا شيء يوقفهم عن ذلك سوى المرض أو الموت، إلا أن الدول حول العالم قامت تباعاً بتبني نظام التقاعد الذي أطلقته ألمانيا، عام 1881 والذي بات مفهوماً سائداً في عالم الأعمال.
وحالياً يختلف عمر الإحالة إلى التقاعد من دولة إلى أخرى، ولكن سنّ التقاعد يكون في الأغلب مع الاقتراب من العقد السادس من العمر.
تحذير الخبراء من فكرة التقاعد له عدة أوجه ولا يرتبط فقط بالناحية المادية، بل بقدرة الوظيفة على منح الإنسان شيئاً ليستيقظ من أجله في الصباح، وهذا تحديداً ما أظهرته نتائج دراسة سابقة أجراها الباحث في “معهد أبحاث الاقتصاد الصناعي” غابرييل هيلر- سالغرين، تحت عنوان “اعمل لفترة أطول تعيش بصحة أفضل”.
فقد أظهرت الدراسة أن صحة الإنسان من الممكن أن تتحسن في بداية تقاعده، ثم بعد فترة، تبدأ في التدهور بسبب انخفاض النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي، وكلما زاد عدد السنوات التي يقضيها الفرد في التقاعد، كلما زادت الآثار السلبية على صحته.
و أظهرت الدراسة أن التقاعد، يقلل من احتمالية التمتع بصحة ذاتية “جيدة جداً” أو “ممتازة” بنحو 40 %، كما تبين أن التقاعد يزيد من احتمالية المعاناة من الاكتئاب السريري بنحو 40 %، حيث خلصت الدراسة إلى أنه ينبغي على الحكومات إزالة العوائق التي تحول دون إتاحة خيار “التقاعد في وقت لاحق” للموظفين.
ويقول الخبراء: إنه عند التفكير في أفضل الأعمار للتقاعد، من المهم الموازنة بين الإيجابيات والسلبيات المتعلقة بهذه الموضوع، إذ يجب تقييم جميع العوامل المتعلقة بتوقيت هذه الخطوة مثل العوامل الاقتصادية، والظروف الاجتماعية، والحالة الصحية للشخص، لافتين إلى أن ترك العمل في غير أوانه، قد يؤدي إلى انقلاب الأمور رأساً على عقب من الناحية الصحية، إضافة إلى تسببه بأعباء مالية منهكة.
وأضاف الخبراء: إن العمل يعطي معنى للحياة بالرغم من كل متاعبه، ويبعد شبح فقدان التواصل الاجتماعي الذي قد تسببه مرحلة التقاعد، كما أن المرونة المالية التي توفرها الوظيفة، تساعد في مواجهة أي انتكاسة مالية أو صحية، مؤكدين أن تأخير سن التقاعد، يجب أن يصبح مسألة اختيار شخصي لبعض الناس، فهناك أشخاص غير راضين عن التقاعد، ويرغبون في العمل ماداموا أنهم يتمتعون بصحة جيدة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار