«النص بين المؤلف والمترجم» في ثقافي جبلة
تشرين – باسمة اسماعيل:
ليست الترجمة عملاً آلياً بل هي شكل من أشكال الإبداع الحقيقي، ولابدّ من توافر سمات خاصة بمن يقوم بهذا العمل، وأهم هذه السمات إضافة إلى المعارف اللغوية والإلمام بلغتين أو أكثر، امتلاك الغنى الثقافي ومهارة التفاعل مع الثقافات الأخرى، والقدرة على المقارنة والموازنة ومقاربة السمات الخاصة لكل من اللغتين (لغة المصدر ولغة الهدف) وهذه السمات موجودة بشكل لافت في الأعمال التي ترجمها الدكتور مروان اسبر، على الرغم من تنوع الحقول المعرفية التي خاضها في الكتب التي ترجمها.. بهذه الكلمات بدأ الدكتور طلال حسن – دكتوراه باللغة العربية-، محاضرة “النص بين المؤلف والمترجم” بالمركز الثقافي في جبلة التي قدمها الدكتور مروان اسبر – دكتوراه في الأدب الفرنسي- أستاذ في المعهد العالي للغات في جامعة تشرين.
أشار فيها د. اسبر إلى أهمية التواصل الثقافي وتمكّن المترجم من مفاهيم المعرفة الثقافية، والتداخل والتواصل الثقافيين ( بين الثقافات ) وأهمية ذلك، النقل بأمانة للأفكار والمفهومات والمعتقدات، وغير ذلك مما يدخل في مفهوم الثقافة من أجل إيصال الفكرة للمتلقي.
ويرى د. مروان أن الحديث عن العلاقة بين النص وكل من المترجم والمؤلف متعددة بتعدد الكتب المترجمة، وهذا يعني أن لكل كتاب مُترجماً حالته الخاصة تختلف عن أي كتاب جدبد.. ونوه بأنه يوجد نوعان من الترجمة، ترجمة داخل اللغة نفسها مثل بيان المعنى اليومي بين الأفراد الناطقين بلغة واحدة، وترجمة بين لغتين مختلفتين مع وجود عوامل مشتركة قائمة على البحث عن المعنى والقصد القائم خلف المعنى، ومن هنا تأتي محدودية قدرة المترجم بالمجال الذي يترجم فيه، بمعنى؛ يجب على كل مترجم أن يقوم بتعميق معرفته بالمجال الذي يترجم به.. ولفت إلى أنه يجب على المترجم أن يمتلك أدوات الترجمة، وأهمها إتقان اللغتين (لغة المصدر ولغة الهدف) والتعمق بما يخص تداولية اللغة بالمجتمع.
وتوسع د. مروان بالعنوان للوصول إلى مفاهيم التداخل والتواصل الثقافيين الأساسية في القيام بأي عمل ترجمة.. واستعرض أنه على المترجم ليس فقط امتلاك أدوات اللغة (لغة المصدر ولغة الهدف) بل يتعداها إلى أن يمتلك معلومات عن تلك الثقافتين، حتى يكون النص المترجم أكثر دقة و وضوحاً.. وأشار إلى أن الترجمة ليست عملاً آلياً بل تتضمن جانباً إبداعياً، تظهر من خلاله مهارات المترجم وموهبته ودقته في اختيار عباراته وصياغته لترجمة النصوص.
وأضاف: الترجمة كمفهوم أولي تأخذ منحى تجارياً ومن ثم ثقافياً، أي أن الكتاب الذي يسهل تسويقه من جهة اسم الكاتب والعنوان تتلقفه دور النشر وتطلب ترجمته.
وختم بالقول: إنّ أهمية الترجمة تكمن في كونها تشكل جسراً أساساً للعبور إلى الآخر، بغض النظر عن الأمكنة والأزمنة، ويكفينا أن نعرف أن القسم الأكبر من ثقافتنا الحالية تستند إلى الترجمات الكثيرة التي أغنت وعينا وفكرنا، ولابدّ من الإشارة أيضاً إلى الدور الذي لعبته الترجمة في نقل ثقافتنا إلى الآخر، وقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على تيسير هذا الأمر وجعلته متاحاً للجميع.
ويشار إلى أن الدكتور مروان قام بترجمة العديد من العناوين من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية منها: الخوف سلاح سياسي – نظريات العلاقات الدولية – الأسس اللغوية الاجتماعية للترجمة – مئتا مقال لكي نفهم التفكير – حوارات حول الثنائية اللغوية .