تقنية جديدة لتجديد خلايا القلب
تشرين:
يمكن لمعظم أنسجة الجسم أن تجدد نفسها بعد التعرض لإصابة، غير أن تلك الميزة لا تشمل خلايا عضلة القلب.
وفي هذا السياق، نجح فريق من علماء معهد «ماكس بلانك» الألماني في التوصل إلى تقنية تسمح بإعادة برمجة استقلاب الطاقة في خلايا القلب، بما يؤدي إلى تجددها بعد نوبة قلبية، وذلك من خلال تجربة على الفئران، ما يمكن أن يفتح الباب أمام علاجات جديدة لأمراض القلب التي تودي بحياة الملايين حول العالم، وفق ما نقل موقع «New Atlas».
ويقول الأطباء: بعد الإصابة بنوبة قلبية أو غيرها من أمراض القلب، يقوم القلب بتغطية نفسه احتياطياً بأنسجة ندبية ليفية، ما يساعد على تثبيت العضو على المدى القصير، إلا أن تلك الأنسجة لا تنبض، ومع مرور الوقت يمكن أن يسبب تكوين هذه الأنسجة الندبية الليفية عدة مشكلات، بدءاً من النوبات القلبية الإضافية وحتى فشل القلب في نهاية المطاف.
ويضيف الأطباء: إن أحد الاختلافات الرئيسية بين خلايا عضلة القلب والأنسجة الأخرى هو استقلاب الطاقة، حيث تحصل معظم أنسجة الجسم على طاقتها من السكريات في عملية تسمى تحلل السكر، لكن القلب يحصل على طاقته من الدهون، وهو ما يعرف بأكسدة الأحماض الدهنية، وتبين أن هذا يمكن أن يكون المفتاح لفتح عملية تجديد خلايا القلب.
من جانبهما، قال الباحثان الرئيسيان في الدراسة شيانغ لي وشويجون يوان، إنه من المعروف أن الأنواع الحيوانية القادرة على تجديد قلوبها تستخدم في المقام الأول السكريات وتحلل السكر كوقود لخلايا عضلة القلب، مضيفين: إن قلب الإنسان يستخدم أيضاً في المقام الأول تحلل السكر في المراحل المبكرة من التطور، لكنه يتحول بعدئذ إلى أكسدة الأحماض الدهنية لأنه يمكن أن ينتج المزيد من الطاقة.
ومع التحول في إنتاج الطاقة بعد الولادة، يتغير نشاط العديد من الجينات ويفقد نشاط انقسام الخلايا، وتتمتع المستقلبات الفردية الناتجة عن إنتاج الطاقة أيضاً بوظائف مهمة لنشاط الإنزيمات التي تنظم أنشطة الجينات، لذلك يأمل الباحثان في إحداث تغييرات بأنشطة الجينات عن طريق إعادة برمجة استقلاب الطاقة لتشغيل قدرة انقسام الخلايا مرة أخرى في خلايا عضلة القلب.
ولاختبار الفكرة على الفئران، قام الفريق بإيقاف جين يسمى Cpt1b، وهو مفتاح أكسدة الأحماض الدهنية. ومن المؤكد أن قلوب هذه الفئران بدأت بالنمو مع تضاعف عدد الخلايا تقريباً على مدار التجربة.
بعد ذلك، أثار الباحثون نوبات قلبية لدى الفئران التي تفتقر إلى جين Cpt1b، ثم سمحوا بتدفق الدم الغني بالأوكسجين إلى قلوبها مرة أخرى، ويمثل هذا الاختبار نموذجاً لمحاكاة حالات المرضى، الذين يتم علاجهم بتركيب دعامة بعد الإصابة بنوبة قلبية. كما أوضح فريق العلماء أنه بعد بضعة أسابيع انخفض تندب أنسجة القلب بشكل كبير في فئران المختبر، وعادت وظائف القلب إلى مستويات ما قبل الأزمة القلبية تقريباً.
وبفحص دقيق، حدد الباحثون الآلية الكامنة وراء هذا التأثير، إذ يؤدي إيقاف تشغيل الجين إلى إطلاق سلسلة تعيد خلايا عضلة القلب بشكل فعال إلى حالة أقل نضجاً، ما يسمح لها بالتجدد.
وبطبيعة الحال، تم إجراء التجربة على فئران المختبر فقط كدليل على المفهوم، لكن فريق العلماء قال إنه من الممكن أن يكون هناك طريق للتطبيقات البشرية.